الامر الخفي هو النعيم الاعظم اسم الله الاعظم تشعر به في نفسك فيشرح صدرك ..
سرّ النَّعيم الأعظم والسابقون السابقون ..
الإمام المهدي ناصر محمد اليماني
27 - 08 - 1431 هـ
08 - 08 - 2010 مـ
ــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
سلامُ الله عليكم أحبتي المُبايعين السابقين واللاحقين في عصر الحوار من قبل الظهور، أحيطكم علماً إنما البيعة هي لله الذي هو معي ومعكم أينما كُنتم ويد الله فوق أيدي المُبايعين أينما كانوا في العالمين في كُل زمانٍ ومكانٍ، وتصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّـهَ يَدُ اللَّـهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّـهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿10﴾} صدق الله العظيم [الفتح].
فأوفوا بعهد الله يوفِ بعهدكم، فيدخلكم في رحمته التي كتب على نفسه، وأصدقوا الله يصدقكم وتعاملوا مع الله مُباشرةً في أعمالكم الذي يعلم بما في أنفسكم ولا يهمكم ثناء الناس، ولا تبالوا بذمّهم لكم ما دمتم على الصراط المُستقيم، واعلموا أن لو يثني عليكم كافة الملائكة والجنّ والإنس ولم يثنِ عليكم الله فلا ولن يُغني عنكم ثناؤهم من الله شيئاً.
وإيَّاكم والرياء فإنه الشرك الخفي يدبّ كدبيب النمل، فهل يشعر أحدكم بدبيب نملةٍ لو تمرّ بجواره؟ وكذلك الشرك الخفي يقع فيه العبد دون أن يعلم أنه قد أشرك بالله. وأما كيف يعلم أنه وقع في الشرك الخفي وذلك حين يهتم بثناء الناس ومديحهم له فكم يقع فيه كثيرٌ من المؤمنين؛ بل تعاملوا مع الله في الظاهر وفي الباطن ولا تهتموا أن يحمدكم عبيد الله شيئاً كونه لا يُسمن ولا يُغني من جوعٍ ما لم يثني عليكم ربّكم الحقّ وترضى نفسه عليكم سُبحانه وتعالى عما يشركون وقال الله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿188﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
ويا معشر الأنصار، لقد أَيّد الله الإمام المهديّ بأعظم آيةٍ في الكتاب ألا وهي حقيقة اسم الله الأعظم في قلوب أنصار الإمام المهديّ المُخلصين منهم الربّانيين الذين علموا حقيقة اسم الله الأعظم أولئك سيعلمون علم اليقين أنّ ناصر محمد اليماني هو حقاً المهديّ المنتظَر لا شكّ ولا ريب لكونهم أدركوا أنّ حُبّ الله وقربه ورضوان نفسه هو حقاً نعيمٌ أكبر من نعيم الجنّة مهما بلغت ومهما تكون أُولئك قومٌ يحبّهم الله ويحبّونه حُباً شديداً.
ألا والله الذي لا إله غيره لا يرضون بملكوت الله جميعاً في الدُنيا والآخرة حتى يتحقق رضوان الله في نفسه. وبما أنّ الله قد كتب على نفسه أن يرضي عباده الصالحين تصديقاً لوعده الحقّ في مُحكم كتابه: {رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} صدق الله العظيم، ولكن منهم من يقيه الله من عذابه فيدخله جنته فإذا هو فرحٌ مسرورٌ بما آتاه الله من فضله، ومنهم الذين يطمعون للشهادة في سبيل الله تجدونهم قد رضوا عن ربِّهم . تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِيي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ ربِّهم يُرْزَقُونَ ﴿169﴾ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿170﴾ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿171﴾} صدق الله العظيم[آل عمران].
فتجدونهم قد رضوا في أنفسهم بما آتاهم الله من فضله، ولذلك وصف الله لكم حالهم وقال تعالى: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ} صدق الله العظيم، وهذا دليل على أنهم قد رضوا في أنفسهم فأصدقهم الله وعده الحقّ {رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} صدق الله العظيم، وأولئك باعوا أنفسهم وأموالهم لربّهم مُقابل جنته التي عرَّفها لهم في مُحكم كتابه وتسلموا ثمن أموالهم وأنفسهم الجنة. تصديقاً لوعد الله بالحقّ في محكم كتابه: {إِنَّ اللَّـهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿111﴾} صدق الله العظيم [التوبة].
وأما قومٌ آخرون فلن يرضيهم الله بجنته شيئاً مهما عُظمت ومهما كانت حتى يحقق لهم النَّعيم الأعظم من جنته سُبحانه، أولئك هم من أشدِّ العبيد حُباً لله، فأحبّهم الله بقدر حُبهّم لهُ، أولئك تنزهت عبادتهم لربّهم عن الطمع في النَّعيم المادي، ولذلك لم تجدوا أنّ الله عرض جنته مقابل الطلب، أولئك هم القوم الذي وعد الله بهم في محكم كتابه إن ارتدّ المؤمنون عن دينهم. وقال الله تعالى: {يَا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿54﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
وبما أنّ الله كتب على نفسه رضوان عبيده الصالحين تصديقاً لوعده الحقّ في محكم كتابه: {رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} صدق الله العظيم، فالسؤال الذي يطرح نفسه: فهل يا تُرى سيرضون بجنات النَّعيم والحور العين وحبيبهمم الرحمن ليس راضياً في نفسه بسبب ظُلم عباده لأنفسهم وقد علموا أنّ الله هو أشدُّ حسرةً على عبيده الذين ظلمواا أنفسهم وأعظم من حسرة الأم على ولدها؟ أولئك تأتي الملائكة فتُبشرهم بجنة ربِّهم الذي وعدهم بها ويريدون أن يسوقونهم إليها فإذا الملائكة ترى العجب في وجوههم قد علاها الحُزن العميق الصامت، فيقول لهم الملائكة: "بل لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون"، فيقولون: "ألا والله لو لم يحقق الله لنا النَّعيم الأعظم فإن حُزننا على النَّعيم الأعظم لهو أعظم من حُزن الذين ظلموا أنفسهم"، فلم يدرك الملائكة قولهم وما يقصدون فلعلهم يقصدون نعيم الجنة! ومن ثم يكرر لهم الملائكة البشرى فيقولون: {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} صدق الله العظيمم [فصلت:30].
ولكن لا فائدة من بُشرى الملائكة لهم بالفوز بنعيم جنّة ربِّهم، مما أدهش ملائكة الرحمن المُقربين، وقالوا: "فما خطب هؤلاء القوم وما سبب حُزنهم فما بالهم لم يفرحوا بجنات النَّعيم كما فرح بها كثيرٌ من المؤمنين؟ وما هو النَّعيم الأعظم الذي يرجون من ربِّهم هو أعظم من جنات النعيم؟". مما أدخل الملائكة في حيرة من أمرهم فلا هم من الذين يُساقون إلى النار وأبوا أن يُساقوا إلى الجنة! ومن ثم تمّ حشرهم إلى الرحمن وفداً من بين المُتقين، تصديقاً لقول الله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَـٰنِ وَفْدًا ﴿85﴾} صدق الله العظيم [مريم].
يتقدمهم إمامهم حتى وقِّفوا بين يدي الرحمن، وتأجل أمرهم إلى حين، واستمر الحساب بين الأمم وكُلّ نفس تُجادل عن نفسها. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿111﴾} صدق الله العظيم [النحل].
وأما هؤلاء الوفد فكانوا صامتين بين يدي ربِّهم. ومن ثم يبحث المُشركون عن شُفعائهم الذين كانوا يعظِّمونهم في الدُنيا، ويتركوا الله حصرياً لهم من دونهم، ويقولون إنهم شُفعاؤهم عند ربِّهم. كما ينتظر المُسلمون شفاعة محمدٍ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم. وكما ينتظر النصارى شفاعة رسول الله المسيح عيسى ابن مريم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم. ومن ثمّ يتم إحضار جميع الأنبياء والمُرسلين وأولياء الله المُقربون الذين كان يبالغ فيهم أتباعهم بغير الحقّ، ومن ثم حين يرونهم يعرفون أتباعهم الذين يبالغون فيهم بغير الحقّ: {وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُواا رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِن دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿86﴾} صدق الله العظيم [النحل].
ومن ثم يقول لهم الله فادعوهم يستجيبوا لكم فيشفعوا لكم عند ربكم إن كنتم صادقين؟ وقال الله تعالى: {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ﴿64﴾} صدق الله العظيم [القصص].
ومن ثم يوجه الله السؤال إلى أوليائه الذين عظَّمهم أتباعهم بغير الحقّ، وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ﴿17﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِنن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ﴿18﴾} صدق الله العظيم [الفرقان].
فأنكر أولياء الله أنهم أمروهم بتعظيمهم بغير الحقّ. وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴿28﴾ فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴿29﴾} صدق الله العظيم [يونس].
وأما طوائف أخرى فألقوا باللوم على الأمم من قبلهم كونهم اتَّبَعُوهم الاتِّبَاع الأعمى وهم كانوا على ضلالٍ مُبين. وقال الله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ﴿63﴾} صدق الله العظيم [القصص].
فأما المقصود بقولهم: {رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا} ويقصدون أمَّةً قبلهم وهم آباؤهم الذين وجدوهم يعبدون عباد الله الصالحين زلفاً إلى الله، فاتّبعوهم بالاتّباع الأعمى، ولذلك رفع القضية على آبائهم الأمّة التي كانوا قبلهم وقالوا: {رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا} أي هؤلاء هم الذين كانوا السبب في إغوائنا عن الحقّ، ومن ثم القول بالجواب بالاعتراف وقالوا: {أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} أي أغويناهم كما غوينا فبالغنا في عبادك المُكرمين بغير الحقّ حتى دعوناهم من دونك، ومن ثمم ألقى الجواب عبادُ لله المُكرمون وقالوا: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} صدق الله العظيم.
وأما طائفة أخرى فكانوا يعبدون الملائكة وهم ليس بملائكة بل من شياطين الجنّ وكانوا يقولون لهم أنهم ملائكة الرحمن المُقربون، فيأمرونهم بالسجود لهم قربةً إلى ربِّهم، ومن ثم يوجّه الله بالسؤال إلى ملائكته المُقربين ويقول: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴿40﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجنّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ ﴿41﴾} صدق الله العظيم [سبأ].
وقال الله لهم فدعوهم هل يستجيبون لكم فيشفعوا لكم عند ربكم فَدَعَوهم ولم يستجيبوا لهم، ورأوا العذاب وتقطَّعت بهم الأسباب، وقال الله تعالى: {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ﴿64﴾} صدق الله العظيم [القصص].
فإذا بعبدٍ من عبيد الله يصرخُ شاكياً إلى ربِّهم ظُلم هؤلاء القوم الذين أشركوا بربهم أنهم ظلموه، ومن ثم يزيدهم هماً بغمٍ، وإنما ذلك حتى يستيئسوا من شفاعة العبيد بين يدي الربّ المعبود، فينيبوا إلى ربِّهم بعد أن استيئسوا من رحمة عبيده. تصديقاً لقول الله تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّـهِ مَوْلَاهُمُ الحقّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿30﴾} صدق الله العظيم [يونس].
ومن ثمّ يتمّ عرض الرحمن على إمام القليل من الآخرين حتى يرضي عبده ومن كان على شاكلته، فتمّ عرض عليه الدرجة العالية الرفيعة في الجنة فيأبى ومن ثمّ يزيده الله ويقول حتى ولو جعلتك خليفة ربك على ملكوت كُلّ شيء فيأبى، ثم يزيده الله بأمره كُن فيكون فيؤيده بقدرته المُطلقة بإذنه فيقول للشيء كُن فيكون فيأبى، ومن ثمّ تعمّ الدهشة جميع عباد لله الصالحين حتى ملائكة الرحمن المُقربين ويقولون: "إذاً فما هو هذا النَّعيم الأعظم مما عرض الله عليه، فيا للعجب الشديد!"، وأما الصالحون من الناس فظنوا في ذلك العبد ظناً بغير الحقّ، وقالوا في أنفسهم: "فأيّ نعيمٍ هو أعظم مما عَرَضَ عليه ربه بل كأنّ هذا العبد يريد أن يكون هو الربّ فما خطبه وماذا دهاه يرفض أن يكون خليفة الله على ملكوت الجنة التي عرضها السموات والأرض، بل خليفة الله على ملكوت الله جميعاً، فأي نعيمٍ هو أعظم من ذلك الملكوت كُله، فكيف يسخر الله لهُ الوجود كُله فيأبى؟".
فتظهر الدهشة الشديدة على وجوههم من ذلك العبد حتى شاهد زمرته الدهشة قد ازدادت على وجوه الصالحين وعمت الدهشة جميع الملائكة المُقربين، فإذا زُمرة ذلك العبد يتبسمون ضاحكين من دهشة عبيد الله الصالحين والمُقربين كونهم يعلمون بحقيقة اسم الله الأعظم، هو أن يكون الله راضياً في نفسه. وكيف يكون الله راضياً في نفسه حتى يُدخل عباده في رحمته، فهم كذلك لديهم ما لدى إمامهم من الإصرار على تحقيق النَّعيم الأعظم من جنة النعيم. وإنما يخاطب ذلك العبد ربه باسمه واسمهم جميعاً كون هدفهم واحد لا ثاني له ولا ندّ له، ولا يقبلون المُساومة فيه شيء. وذلك العبد هو الوحيد الذي أذن الله له أن يُخاطبه في عباده كونه لن يشفع لهم عند ربِّهم فيزيدهم ضلالاً إلى ضلالهم؛ بل أذن الله لهُ أن يخاطب ربّه لكون الله يعلم أن عبده سيقول صواباً بينما جميع المُتقين لا يملكون من الرحمن خطاباً. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴿31﴾ حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا ﴿32﴾ وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ﴿33﴾ وَكَأْسًا دِهَاقًا ﴿34﴾ لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًاا وَلَا كِذَّابًا ﴿35﴾ جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴿36﴾ رَّبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَـٰنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًاا ﴿37﴾ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴿38﴾} صدق الله العظيم [النبأ].
وذلك هو العبد الذي أذن له أن يخاطب ربّه في سرّ الشفاعة كونهُ لن يسأل من الله الشفاعة، ولا ينبغي له بل لله الشفاعة جميعاً، فليس العبد أرحم من الله أرحم الراحمين، وإنما يحاج ربه في تحقيق النَّعيم الأعظم من جنته ولن يتحقق ذلك حتى يرضى في نفسه سُبحانه. وذلك العبد الذي أذن له الرحمن وقال صواباً هو العبد الوحيد الذي عَلِمَ بحقيقةِ اسم الله الأعظم، ومن ثم عَلَّمَ الناس به ومن ثم عَلِمَ بحقيقةِ اسم الله الأعظم من اتَّبَعَهُ من أنصاره قلباً وقالباً. وبما أنه سوف يخاطب ربه بحقيقة الاسم الأعظم لأنّ فيه سرّ الشفاعة ولذلك أذن له الله أن يُخاطب ربه وقال الله تعالى: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الحقّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿23﴾} صدق الله العظيم [سبأ].
وقال أصحاب القلوب التي تَظُنّ أن يُفعَلَ بها فاقرة بعد أن سمعوا عفواً عنهم فذهب الفزع عن قلوبهم قالوا لزُمرةِ ذلك العبد: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} ومن ثمّ ردُّوا عليهم زُمرة ذلك العبد: {قَالُوا الحقّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} صدق الله العظيم، وهُناا أدرك عبيد الله جميعاً حقيقة اسم الله الأعظم، وأدركوا سرّه المكنون في الكتاب، ومنَّ الله به على قليلٍ من عبيدٍ يَحشُرَهمم الله على منابرٍ من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء على ذلك المقام لهم بين يدي ربِّهم، أولئك هم الوفد المُكرمون الذي يتم حشرهم إلى الرحمن وفداً. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَـٰنِ وَفْدًا ﴿85﴾} صدق الله العظيمم [مريم].
وذلك هو الوفد المُكرم على رؤوس الخلائق، ولكل درجات مما علموا، أولئك هم القوم الذي يغطبهم الأنبياء والشهداء، وهم ليسوا بأنبياء ولا يطمعون أن يكونوا من الشهداء، كون هدفهم أسمى من أن يستشهدوا في سبيل الله؛ بل يريدون أن تستمر حياتهم حتى يتحقق هدي البشر.
أولئك هم القوم أحباب الرحمن الذي وعد الله بهم في محكم كتابه في قول الله تعالى: {يَا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿54﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
أولئك هم القوم الذي يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجلسهم من ربِّهم، تصديقاً للحديث الحقّ عن محمد رسول الله -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- عن طريق الرواة الحقّ، وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ إن من عباد الله عباداا يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله. قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: قوم تحابوا في الله من غيرر أموال ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس]. صدق محمد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ إن للمتحابين في الله تعالى عمودا من ياقوتة حمراء في رأس العمود سبعون ألف غرفة، يضيء حسنهمم لأهل الجنة كما تضيء الشمس أهل الدنيا، يقول بعضهم لبعض: انطلقوا بنا حتى ننظر إلى المتحابين في الله، فإذاا أشرفوا عليها أضاء حسنهم أهل الجنة كما تضيء الشمس لأهل الدنيا].
أولئك هم القوم الذين وعد الله بهم في محكم كتابه: {يَا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} صدق الله العظيم [المائدة:54].
فهل ترونه ذكر جنةً أو ناراً؟ وذلك لأن عبادتهم لربهم هي أسمى العبادات في الكتاب، فَقَدَّرُوا ربِّهم حقّ قدره فلم يعبدوا الله خوفاً من ناره ولا طمعاً في جنته بل {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}. وبما أنهم أَحَبُّوا الله حُبّاً شديداً أعظم من كل شيءٍ في الوجود كُله فكيف سيرضون بأي شيء في الوجود ما لم يكن ربِّهم حبيبهم قد رضي في نفسه؟ ألا والله الذي لا إله غيره ولا معبود سواه لو أنّ الله يخاطب أحد أنصار الإمام المهديّ ويقول له: يا عبد النَّعيم الأعظم لن يتحقق رضوان ربك في نفسه حتى تفتدي عبيده فتلقي بنفسك في نار جهنم! لقال:
[ ألا بعزتك وجلالك ربي ما كُنت ألقي بنفسي في نار جهنم فداء لولدي فلذة كبدي ولكنك أحبّ إلى نفسي من نفسي ومنن ولدي ومن كافة الأنبياء والمُرسلين ومن الحور الطين والحور العين، فإذا لن يتحقق نعيمي الأعظم من جنتك حتى ألقي بنفسي في نار جهنم فإني أُشهدك ربي وأُشهدُ كُل عبد خلقته لعبادتك في السماوات والأرض وكفى بالله شهيداً أني لن أمشي إلى نار جهنم مشياً؛ بل سوف أنطلق إليها مُسرعاً ما دام في ذلك تحقيق نعيمي الأعظم فتكون أنت ربي راضياً في نفسك لا مُتحسراً ولا غضباناً. وذلك لأني أحببتك ربي ومتعتي وكُل أمنيتي وكل نعيمي هو أن يكون حبيبي ربي قد رضي في نفسه ولم يعد حزيناً ولا مُتحسراً ولا غضباناً، ولذلك لن يكون عبدك راضياً في نفسه أبداً حتى تكون أنت ربي راضياً في نفسك لا مُتحسراً ولا حزيناً ولا غضبان، وذلك لأني أعبدُ نعيم رضوانك ربي، فإذا لم تُحقق لعبدك ذلك فلمَ خلقتني يا إلهي؟ فإذا لم تحقق لعبدك النَّعيم الأعظم فقد ظلمت عبدك يا إلهي ولكنك قلت ربي وقولك الحق: {وَلَا يَظْلِمُُ رَبُّكَ أَحَدًا} صدق الله العظيم [الكهف:49] .
وذلك لأنّ عبدك لا يستطيع ولا يريد أن يستطيع أن يقتنع بجنة النَّعيم والحور العين فأفٍ لجنة النَّعيم إذا لم يتحقق لعبدك النَّعيم الأعظم منها فلا حاجة لي بها شيئاً يا أرحم الراحمين. فكيف يكون على ضلالٍ من اتّخَذَ رضوان الله هو النَّعيم الأعظم من ملكوت الدُنيا والآخرة. وأَعلمُ أن في ذلك الحكمة من خلق عبدك وكافة عبيدك ولن أقبل بغير ذلك بديلاً واتَّخذتُ ذلك إليك ربي سبيلاً]. انتهى.
ويا قوم، أقسمُ بالله العظيم من يخلق العظام وهي رميم أنّني ما أخبرتكم عن ذلك العبد الذي لو يُخاطبه الله أن يلقي بنفسه في نار جهنم فداءً حتى يتحقق النَّعيم الأعظم لنطق ذلك العبد بما قاله الإمام المهديّ، وذلك لأني علمت من الله من قبل أنه من الذين سوف يستخلصهم الله لنفسه، فمنهم ذلك الرجل أول من دفع الزكاة إلى المهديّ المنتظَر في كافة البشر. ومن ثم قال عنه محمد رسول الله: [ ربح البيعة]. فصلوا عليه وسلموا تسليماً. فلا تحرجوني من يكون ذلكك العبد من الأنصار وحتماً ستعرفونه من بعد الفتح المُبين وآل بيته المُكرمين؛ بل هو من آل بيت محمد رسول الله صلَّىى الله عليه وآله وسلَّم بل هو من ذرية الإمام الحُسين بن علي بن أبي طالب فإنه ليعلمُ أن الإمام المهديّ نطق بما سوف ينطق به لسانه.
ولربّما شياطين البشر يقولون: "ماله المهديّ المنتظَر يثني هذا الثناء على ذلك الرجل هل لأنّه أوّل من دفع إليه الزكاة المفروضة في الكتاب؟". ومن ثم يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: والله أنه سوف يعلمُ إنك لمن الكاذبين وأن ما ثناء ناصر محمد اليماني عليه نظراً لأنه أوّل من قام بدفع فريضة الزكاة إلى المهديّ المنتظر، بل ثنائي عليه بإذن الله بالحقّ فما يدريني بحقيقة عبادته لربّه الحقّ في نفسه ما لم يفتيني بعبادته الذي يعلمُ خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
فأيّ خسارةٍ يا قوم خسرها الذين أعرضوا عن اتّباع الإمام المهديّ المنتظَر عبد النَّعيم الأعظم ناصر محمد اليماني؟ فأيّ خسارةٍ خسرها المُعرضون من أمته ممن أظهرهم الله على أمرنا في عصر الحوار من قبل الظهور؟ فأعرضوا عن تقديم البيعة والولاء والسمع والطاعة وشدّ الأزر لهذا الأمر الجلل العظيم وإظهاره للبشر؟ فأي خسارة خسروها؟ فما أعظم ندمهم فما أعظم ندمهم فما أعظم ندمهم!
ويا قوم إنما أعظكم بواحدةٍ، فلكون هذا الكلام نبأٌ عظيمٌ، فإمّا أنَّ ناصر محمد اليماني ينطق بالحقّ ويهدي إلى صراطٍ مُستقيم، وأمّا أنَّ ناصر محمد اليماني مجنونٌ. فإذا كان مجنوناً فهذا يعني أنه قد فقد عقله، ولذلك لن يستطيع أن يقيم الحُجّة عليكم بل الحجّة ستكون لأولي الألباب. فإذا كان هو وأولياؤه من أولي الألباب فحتماً سيغلبكم ناصر محمد اليماني هو ومن اتَّبعه بآيات محكمات بيّناتٍ هُنَّ أُمّ الكتاب في القرآن العظيم.
وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني عبد النَّعيم الأعظم.
________________
مزيدٌ من البيان لحقيقة النّعيم الأعظم من نعيم جنّة النّعيم وردٌّ على السّائلين..
الإمام ناصر محمد اليماني
09 - 08 - 1434 هـ
17 - 06 - 2013 مـ
07:31 صباحاً
ــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين، فاسمع يا هذا.. فلو قلنا لك إنّ أحدَ الأنصار من المكرمين اسمه (عبد الحليم) فهل هو ليس عبداً لله كون اسمه عبد الحليم؟ أم تُنكر إنّ الاسم الحليم هو من أسماء الله الحسنى؟ ولكنّه من أسماء صفات الله النّفسيّة وليست الذاتيّة لكون الحلم صفةٌ في النّفس، وكذلك (عبد النّعيم) أليس عبداً لله؟ أم تنكر أنّ صفة رضوان الله على عباده هو النّعيم الأعظم من جنّته؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)} صدق الله العظيم [التوبة].
فكذلك رضوان الله من صفات الله النّفسيّة كون الرضى يكون في نفس الله، فكيف نعبد الله؟ والجواب عن كيفيّة عبادة الربّ بالحقّ، وهو أن تتّبع رضوان الله. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} صدق الله العظيم [آل عمران:162]. إذاً قد أعدّ الله جنّته لمن اتّبع رضوانه والنّار لمن اتّبع ماا يُسخط الله، إذاً تبيّن لكم كيف تعبدون الله وأن تتبعوا رضوانه؛ إذاً فأنتم تعبدون رضوان الله سبحانه فتلك عبادة الله وحده لا شريك له. وربّما يودّ أحد الذين لا يعقلون أن يقول: "يا ناصر محمد، ولكنّي أعبد الله وحده". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد وأقول: وكيف تعبد الله إن كنت من الصادقين؟ ألست تعبد رضوانه وتتجنب ما يسخطه؟
إذاً تبيّن لكم أنّ عبادة الله هي اتّباع رضوانه لكون اتّباع رضوان الله هي الأساس لعبادة الربّ يا حبيبي في الله فكن من الشاكرين، وأُفتيك بالحقّ أنّك لم ترقَ بعدُ إلى عبيد الله الربّانيّين (عبيدَ النّعيم الأعظم)، ولذلك أفتينا من قبل أنّه لن يدرك حقيقة اسم الله الأعظم وأنّه حقّاً صفةُ رضوان الله على عباده إلا الذين قدروا ربّهم حقّ قدره فعبدوه حقّ عبادته لا خوفاً من ناره ولا طمعاً في جنّته؛ بل من شدّة حبّهم لربّهم حبيب قلوبهم اتّخذوا رضوان الله غاية، فلن يرضوا بملكوت ربِّهم أجمعين حتى يرضى، فهم على ذلك من الشاهدين، فقد وجدوا أنّ رضوان الله على عباده هو حقّاً نعيمٌ أعظمَ من جنّته ولذلك لن يرضوا بنعيم الجنّة وحورها حتى يرضى ربّهم حبيب قلوبهم لا هو متحسرٌ ولا حزينٌ على النّادمين في جهنّم أجمعين، برغم أنّ الله لم يظلم النّادمين وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون.
ويا قوم، بالله عليكم لو أنّ أحدكم عصاه ولده مائة عامٍ ثمّ مات ابنه وهو عاقٌّ لوالديه، وبعد أن توفّى الله والديه وجدوه يصرخ في نار جهنّم من حريق النّار وعلموا أنّه صار نادماً ندماً شديداً على عصيان والديه في الحياة الدنيا، فليتصور الوالدان عظيم مدى الحسرة في أنفسهم على ولِيدِهم وهم يرونه يصطرخ في نار جهنّم، فليتخيّلوا كيف سيكون حالهم ومن ثم يقولون: إذا كان هذا هو حالنا على ولدنا الذي عصانا وقد أصبح من النّادمين على ما فعله فينا فكيف بحال الله أرحم الراحمين؟ فكيف بحال الله أرحم الراحمين؟ فكيف بحال الله أرحم الراحمين؟ وبما أنّ الله أرحمُ الراحمين فلا بدّ أنّ الله متحسرٌ في نفسه على عباده المعذَّبين الضّالين الذين كذّبوا برسل ربّهم فأهلكهم فأصبحوا نادمين على ما فرّطوا في جنب ربّهم، فيقول كلٌّ منهم: {يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيمم [الزمر].
فذلك ما يحدث في أنفس المعذَّبين وكذلك الحسرةُ عليهم تحلُّ في نفس الله من بعد ندمهم على ما فرّطوا في جنب ربّهم. تصديقاً لقول الله تعالى:
{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونََ (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} صدق الله العظيم [يس:29-30-31].
ألا والله الذي لا إله غيره إنّ عبيد النّعيم الأعظم لن يرضوا بملكوت الجنّة التي عرضها السماوات والأرض وقد علموا أنّ ربّهم حبيبَ قلوبهم متحسرٌ وحزينٌ على عباده المتحسِّرين على ما فرّطوا في جنب ربّهم، ألا والله الذي لا إله غيره إنّ عبيد النّعيم الأعظم لن يرضوا بملكوت ربّهم حتى يرضى لا متحسر ولا حزين، فيقولون:
[ ماذا نبغي من الحور العين وجنّات النّعيم وحبيبنا الرحمن الرحيم متحسرٌ وحزينٌ على عباده الضالّين النّادمين على ما فرّطوا في جنب ربّهم؟ اللهم إنّنا نشهدك بأنّك أنت الله الرحمن الرحيم، اللهم إنّنا عبيدك اتّخذنا عند الرحمن عهداً أن لن نرضى حتى يرضى كوننا اتّخذنا رضوان الله غايةً فنحن له عابدون، وكذلك نعبد رضوانه ونتجنب سخطه ].
فتلك هي عبادة الربّ الحقّ، أم كيف تعبدونه إن كنتم صادقين؟ ألستم تطمعون في رضوان الله وتخافون سخطه كون الجنّة جزاء لمن اتّبع رضوان الله والنّار جزاء لمن اتّبع ما يُسخط الله؟ فكونوا من الشاكرين، ومن يتّخذ رضوان الله وسيلةً لكي يدخله الله جنّة النّعيم ويقيه من نار الجحيم أولئك قوم اتّخذوا رضوان الله وسيلةً ليبتغوا جنّته ويخافون ناره، وكذلك الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني يخاف من نار الله خوفاً شديداً ولكن لو لم يتحقق رضوانُ نفسِ الله حتى ألقي بنفسي في نار جهنّم؛ لانطلقَ إليها الإمامُ المهديّ ولا أبالي بالحريق، ولن تحرق إلا من كذّب وعصى، فهي لا تحقد إلا على أعداء الله وتحبّ أولياء الله حبّاً عظيماً لكون نار جهنّم من أشدِّ المخلوقات غيرةً على الربّ فهي تغضب من غضب الله وترضى من رضاه، فهي تدعو من أدبر وتولّى عن اتّباع رضوان الله وباء بغضبه.
ويا حبيبي في الله الأنصاري السائل، لا نلومك على سؤالك كونك لم ترقَ بعدُ إلى مستوى عبيد النّعيم الأعظم لا أنت ولا ريان برغم أنّكما من الأنصار السّابقين الأخيار، ولم نفتِ أنّكم لن ترقوا إلى عبيد النّعيم الأعظم بل قلنا لم ترقوا بعدُ، وأمّا عبيد النّعيم الأعظم الذين ارتقى مستواهم إلى قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه فهم يعرفون أنفسهم أنّهم حقّاً لا ولن يرضوا حتى يرضى ربّهم حبيب قلوبهم وهم على ذلك من الشاهدين.
وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم؛ الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــ
التعريف من محمدٍ رسول الله والإمام المهديّ لقومٍ يحبّهم الله ويحبّونه صفوة البشريّة وخير البريّة ..
الإمام ناصر محمد اليماني
24 - 11 - 1433 هـ
10 - 10 - 2012 مـ
06:00 صباحاً
ـــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله وآلهم الطيبين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أمّا بعد..
وإلى التعريف الحقّ الصادر على لسان محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، قال: [يَا أَيُّهَا النّاس، اسمعُوا وَاعْقِلُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَقُربهم مِنَ اللَّهِ. فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ مِنْ قَاصِيَةِ النّاس وَأَلْوَى بِيَدِهِ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مِنَ النّاس لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَقُربهم مِنَ اللَّهِ انْعَتْهُمْ لَنَا، صِفْهُمْ لَنَا، فَسُرَّ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُؤَالِ الأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُمْ نَاسٌ مِنْ أَفْنَاءِ النّاس وَنَوَازِعِ الْقَبَائِلِ لَمْ تَصِلْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ مُتَقَارِبَةٌ تَحَابُّوا فِي اللَّهِ وَتَصَافَوْا فِيهِ يَضَعُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فَيُجْلِسُهُمْ عَلَيْهَا فَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ وَثِيَابَهُمْ نُورًا يَفْزَعُ النّاس يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يَفْزَعُونَ]. صدق محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
أولئك هم القوم الذين وعد الله ببعثهم في محكم القرآن العظيم في قول الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [المائدة:54].
وأما قدر بعثهم فهو حين يرتدّ المؤمنون عن اتّباع كتاب ربّهم الحقّ المحفوظ من التحريف والتزييف القرآن العظيم، وقد جاء قدرهم المقدور في الكتاب المسطور في عصر الحوار من قبل الظهور، وإلى الله ترجع الأمور يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وربّما يودّ أحد السائلين أن يقول: "لقد وصف الرسول عليه الصلاة والسلام سرّ عبادتهم لربّهم فقال إنّهم اجتمعوا على محبّة ربّهم برغم إنّهم مجموعاتٌ من شتى بقاع الأرض لا تربط بينهم أرحامٌ ولا أنساب ولا أموال يتعاطونها، وبما أنّك يا ناصر محمد اليماني تفتي المسلمين بأنّه جاء قدر بعثهم المقدور في الكتاب المسطور بل وتفتي بأنّهم هم أنصار المهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور، وبما أنّك تقول إنّك المهديّ المنتظَر فإن كنت حقّاً المهديّ المنتظَر فلا بدّ أنّ الله قد أحاطك بهم أكثر علماً فصفهم لنا أكثرَ وصفاً وأكثرَ تفصيلاً لعلّنا نعرفهم".
ومن ثم يردّ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني على السائلين وأقول: يا قوم، إنّ الكلام عنهم كبير لا تستوعبه عقولكم! ويا معشر علماء أمّة المسلمين والنّصارى واليهود، فلو أنّ الله يؤتي أحدكم ملكوت الله جميعاً فيجعله خليفة ربّه على الملكوت كلّه في الدنيا والآخرة فيؤتيه الدرجة العاليّة الرفيعة في جنّات النّعيم ثم يجعله العبدَ الأحبّ والأقربّ إلى ربّ العالمين، فهل سيرضى أحد علماء المسلمين والنّصارى واليهود بذلك؟ وأعلم أنها سوف تغشاكم الدهشة فيملؤكم العَجَبُ من هذا السؤال، فلو نطقتم لقلتم قولاً واحداً موحداً: "فكيف لن يرضى من آتاه الله ملكوت الجنّة التي عرضها السموات والأرض فآتاه الدرجة العاليّة الرفيعة في جنّات النّعيم ووقاه من نار الجحيم وجعله العبدَ الأحبّ والأقربّ إلى الربّ! فكيف لا يرضى بذلك كله وقد فاز فوزاً عظيماً! فهل بعد هذا نعيم يا ناصر محمد؟".
ومن ثم يردّ عليهم المهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور ناصر محمد اليماني وأقول: سلوهم هل يوجد نعيم هو أكبر من هذا؟ ولسوف يجيبكم عنهم اللسان الناطق باسمهم بالحقّ، وحقيق لا أقول إلا الحقّ وهم على ذلك من الشاهدين بأنّ الوصف الذي وصفهم به الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني لهو الوصف الحقّ الحقيق فمثلما ينطق يجدونه في أنفسهم كما يلي:
أقسم بالله العظيم ربّ السموات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم الذي خلق الجانّ من مارجٍ من نارٍ وخلق الإنسان من صلصال كالفخار الله الواحد القهّار بأنّه لن يرضى أيُّ أحدٍ من القوم الذين يحبّهم الله ويحبّونه بملكوت الله أجمعين في الآخرة والأولى مهما كان ومهما يكون، وحتى ولو يؤيّد الله الواحد منهم بأمر الكاف والنون فيقول للشيء كن فيكون من غير حدود، ملكٌ مطلقٌ لا حدود له، ومن ثمّ يجعله أحبّ عبدٍ وأقربّ عبدٍ إلى نفسه، ومن ثم يخاطبه ربّه من وراء الحجاب فيقول له: فهل رضيت عبدي بما أوتيت من فضل ربّك؟ لقال: يا ربّ ألن تعهد على نفسك في محكم كتابك برضوان عبيدك الذين رضيت عنهم، وقلت وقولك الحقّ: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} صدق الله العظيم [التوبة:100]؟
ومن ثم يردّ عليهم ربّهم فيقول: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} صدق الله العظيم [التوبة:111]! أفلا ترضيكم أعلى درجات جنّات النّعيم وحورُ العين كأنّهن الياقوت والمرجان للذكور الصالحين، وولدانٌ مخلدون كأمثال اللؤلؤ المكنون للإناث الصالحات، ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدّعون نزلاً من غفورٍ رحيمٍ؟ لقال قومٌ يحبّهم الله ويحبّونه: هيهات هيهات أن نرضى حتى ترضى، فكيف يرضى الحبيبُ وتقرّ عينه بعد أن علم عن حال حبيبه أنّه متحسرٌ وحزينٌ على عباده الكافرين الضالين! فقد علمنا كيف حال المستوي على عرشه العظيم إذ أنّ حاله ليس سعيداً مسروراً بل متحسراً وحزيناً على عباده الكافرين برسل ربّهم بعد أن علم الله بأنّهم صاروا نادمين متحسرين على ما فرّطوا في جنب ربّهم، ومن ثم تحسّر الله عليهم بسبب ظلمهم لأنفسهم، وإنّما الحسرة في نفس الله عليهم لم تحدث إلا بعد أن حلّت الحسرة في أنفسهم على ما فرّطوا في جنب ربّهم، وحدث التحسر في أنفسهم من بعد صيحة العذاب: {قَالُواْ ياوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} صدق الله العظيم [الأنبياء:14].
وقال كلٌ منهم: {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} صدق الله العظيم [الزمر:56].
ويا معشر علماء الأمّة، لو أنّ إنساناً أخطأ في حقّ أحدكم ومن ثم علم أنّ الذي أخطأ بحقّه قد ندم ندماً شديداً فهل ترون أنّ غيظكم سوف يبقى على المخطئ بحقكم من بعد الندم؟ بل سوف تهدأ النّفسُ ويذهب الغيظُ بسبب أنّ المخطئ قد أصبح من النادمين، وكذلك ربّ العالمين تجدونه بعد أنِ انتقم من عباده الكافرين فأصبحوا من النادمين فعلم بقول كلّ نفس منهم إذ تقول: {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} ومن ثمّ يسكت الغضب في نفس الله بسبب قول كلِّ واحدٍ من عباده الضالين: {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}، ومن ثم تحلّ الحسرة في نفس الله أرحم الراحمين، وليست حسرةً الله ندماً على ما فعل بهم سبحانه وتعالى علواً كبيراً إذ أنه لم يظلمهم شيئاً ولم يخطئ في حقّهم سبحانه وتعالى علواً كبيراً! ولا يظلم ربك أحداً؛ بل سبب حسرة الله عليهم هو بسبب ظلمهم لأنفسهم، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} صدق الله العظيم [النحل:118].
وبما أنّ الله هو أرحم الراحمين فبسبب هذه الصفة تجدون الله متحسراً وحزيناً على عباده الذين أخذتهم صيحة العذاب فأصبحوا نادمين برغم أنهم كانوا قوماً كافرين برسل ربّهم فأهلكهم الله بصيحة العذاب فأصبحوا نادمين على تكذيبهم برسل ربّهم وأصبحوا متحسرين على ما فرّطوا في جنب ربّهم.
فانظروا ما في نفس الله المستوي على عرشه العظيم بعد أن أخذتهم الصيحة فأصبحوا نادمين متحسرين على ما فرطوا في جنب ربّهم، فانظروا كيف حال الله سبحانه من بعدهم. ونترك لكم الجواب مباشرةً من الربّ في محكم الكتاب ليخبركم عن حاله من بعدهم: {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّنن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
حتى إذا علم كلّ من كان من قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه بالبيان الحقِّ لهذه الآية فسوف يقول: "إذاً ماذا نبغي من الجنّة وحورها وقصورها وربّنا متحسرٌ وحزينٌ بسبب صفة الرحمة التي في نفسه؟ هيهات هيهات فلن نرضى حتى يرضى حبيبنا الرحمن الرحيم". ومن ثم يردّ على قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني وأقول: يا معشر قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه، إنّ الأحبّ إلى الله أن يكون عباده من الشاكرين فاسعوا مع الإمام المهديّ لتجعلوا النّاس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ شاكرين لربّهم حتى يرضى الله، كون الله لا يرضى لعباده الكفر بل يرضى لهم الشكر. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} صدق الله العظيم [الزمر:7].
ويا معشر قوم يحبّهم الله ويحبّونه، فليكن هدفكم هو عكس هدف الشيطان الرجيم وحزبه من شياطين الجنّ والإنس. ولربّما يودّ أحد السائلين أن يقول: "وما هو هدف الشيطان وحزبه؟". ومن ثم نردّ على السائلين ونقول: هدف الشيطان وحزبه أن لا يتحقق رضوان الله في نفسه على عباده، وبما أنّهم علموا أنّ الله يرضى لعباده الشكر ولذلك يسعون الليل والنّهار أن لا يكون عباد الله شاكرين لربّهم، ولذلك قال كبيرهم الشيطان الرجيم إبليس: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)} صدق الله العظيم [الأعراف].
فذلك هدف شياطين الجنّ والإنس يسعون الليل والنّهار وهم لا يسأمون من النّضال لتحقيق هدفهم الشامل وهو أن لا يكون عباد الله من الشاكرين وذلك حتى لا يتحقق رضوان نفس الله، ولكنّ قوم يحبّهم الله ويحبّونه يسعون الليل والنّهار وهم لا يسأمون لتحقيق الهدف المعاكس وهو أن يجعلوا النّاس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ ليكونوا من الشاكرين حتى يتحقق رضوان الله نفس ربّهم، فهؤلاء من خيار خلق الله بعكس الشياطين أشرّ خلق الله.
فلا تصدونا عن تحقيق هدفنا يا معشر علماء المسلمين وأمّتهم فيلعنكم الله لعناً كبيراً ويعذبكم عذاباً نكراً، فما خطبكم تقعدون وتصدّون عن الصراط المستقيم أحبابَ ربّ العالمين قومٌ يحبّهم الله ويحبّونه؟ فهل ترونهم يدعون النّاس إلى باطلٍ حتى تصدّوا عنهم صدوداً؟ ألا والله الذي لا إله غيره إنّهم يدعون النّاس إلى عبادة الله وحده لا شريك له فهم قومٌ لا يشركون بالله شيئاً من خلقه أجمعين، وهم قومٌ استغنوا برحمة الله عمّا دونه فلا ينتظرون شفاعة العبيد بين يدي الربّ المعبود، وهم يدعون النّاس إلى اتّباع كتاب الله وسنّة رسوله الحقّ، وهم يرجون للنّاس الرحمة من ربّهم لا عذابه، وهم يحرصون على تحقيق هدى النّاس جميعاً كحرصهم على إخوانهم، فهل ترونهم قوماً مجرمين أم رحمةً للعالمين! ما لكم كيف تحكمون؟ ألا والله إنّ من أحبّهم أحبّه الله ومن أبغضهم أبغضه الله، كونهم أحباب الله قومٌ يحبّهم الله ويحبّونه، ولذلك تجدون الله يحبّ من أحبّ أحبابه ويبغض من أبغضهم، فلينظر أحدكم إلى نفسه فلو كان له أحبابٌ أليس سوف يحبّ من أحبّهم ويبغض من أبغضهم؟ فاتقوا الله ولا تعادوا أولياء الله. وأقسم بالله العظيم أنّ الله ابتعثهم وإمامهم المهديّ رحمةً للعالمين، فنحن قومٌ لا نطمع إلى لقاء الكافرين لنسفك دماءهم ويسفكون دماءنا كون ذلك ضدّ هدفنا إلا أن نُجبر على ذلك؛ بل هدفنا هو تحقيق الأحبّ إلى نفس الله، فهل الأحبّ إلى نفس الله هو أنْ نسفك دماءهم ويسفكون دماءنا؟ أم الأحبّ إلى الله الجهاد لتحقيق هداهم ونجاح توبتهم إلى ربّهم؟ أفلا تعلمون لكم فرحة الله بتوبة عباده كونه لا يرضى لهم الكفر والجحيم بل يرضى لهم الشكر والنعيم؟ وسبقت الفتوى من الله على لسان رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم عن مدى فرحة الله بتوبة عباده قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: [لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ: " مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ"]. صدق عليه الصلاة والسلام
ويا معشر قوم يحبّهم الله ويحبّونه، فلتجاهدوا النّاس جهاداً كبيراً بالبيان الحقّ للقرآن العظيم، وأقيموا عليهم حجّة سلطان العلم على بصيرةٍ من ربّكم البيان الحقّ للقرآن العظيم، ذلكم بيان القرآن بالقرآن تبياناً للعالمين، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وما أمركم الله أن تُكرهوا النّاس حتى يكونوا مؤمنين إذ لا إكراه في الدين، واصبروا على أذاهم وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم ترحمون، فيهدهم الله من أجلكم ووعده الحقّ وهو أرحم الراحمين، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
فبلّغوا يا معشر الأنصار السابقين الأخيار ولا تهنوا ولا تستكينوا ولا تسأموا في الدعوة إلى الله ما استطعتم الليل والنّهار، فقد أيّدكم الله بسلطان العلم فلا تحاجوا النّاس من عند أنفسكم؛ بل مما علّمكم الله بقلم عبده الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
أخوكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــــــ
لا تفريق بين أسماء الله الحسنى واسم الله الأعظم
وإنّما حقيقة رضوان الله على عباده المُقربين؛ نعيم غير جنة النّعيم ..
- 1 -
الإمام ناصر محمد اليماني
25 - 08 - 1430 هـ
17 - 08 - 2009 مـ
01:50 صباحاً
_________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي للامام والانصار علمنا ان اسم الله الاعظم هو النعيم وهي من اسماء لله الحسنى ولكن لدي سؤال فضولي ؟ هل الكتب السماوية الاخرى قبل ان تحرف مثل التوراة ذكر الله فيه اسمه الاعظم لبني اسرائيل وكانوا يعلموا بهذه الحقيقة ؟ سؤالي فقط للتفكر وجزاكم الله كل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
لم يسبق وأن علم الناس به نبيّاً ولا رسولاً؛ بل يختصّ ببيانه للناس هو المهديّ المنتظَر ليجعل الله ذلك آية التصديق في أنفس الذين قدروا ربّهم حقّ قدره من الأنصار السابقين الأخيار في عصر الحوار من قبل الظهور من الذين أعثرهم الله على موقعنا بقدرٍ مقدورٍ في الكتاب المسطور وإلى الله تُرجع الأمور، فهل قط سمعت بعبد من عباد الله اسمه عبد النّعيم الأعظم؟ برغم أنّ المسلمين من أتباع الرسل تجدون في أسمائهم 99 اسماً لله أي عبد الله عبد الرحمن إلى رقم 99 ولكنك لم تجد عبد النّعيم مما يتبين لك أنه حقاً لا ينبئُوهم به من قَبْلِ المهديّ المنتظَر أحدٌ من الناس أجمعين..
وأنا المهديّ المنتظَر أشهدُ لله أن هذا الحديث:
[سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو وهو يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. قال فقال والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى ]
كذبٌ وافتراءٌ على نبيّه الذي لا ينطق عن الهوى كونه مُناقضٌ لمحكم الكتاب، فكيف يفرق محمد رسول الله بين أسماء الله فيقول: [والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى]! سبحان الله العظيم وتعالى علواً كبيراً، فكيف لا يجيب إلا من سأله باسمه الأعظم؟ سبحانه وتعالى علواً كبيراً، ولكن الله قال أنه لا تفريق بين أسماء الله، وبأيّ أسماء الله الحسنى تدعونه يُجِبكم. تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} صدق الله العظيم [الإسراء:110].
وعليه فإن هذه الآية المُحكمة أصبحت متناقضةً مع الحديث المفترى الذي يدعو إلى التفريق بين أسماء الله الحسنى وأنه لا يجيب إلا من سأل الله باسمه الأعظم، سبحانه وتعالى علواً كبيراً! فلم أجد في الكتاب أنّ له اسمٌ أعظمَ من أسمائه الأخرى، وإنما يُوصف بالأعظم ليس أنه أعظم من أسماء الله الحسنى؛ بل يوصف باسم الله الأعظم أي أنه نعيمٌ أعظم من جنات النّعيم لأنّ الله جعله صفةً لنعيم رضوان نفسه على عباده أنهم سيجدون حقيقه رضوان الله عليهم هو حقاً أكبر من نعيم الجنة. صديقاً لقول الله تعالى: {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} صدق الله العظيم [التوبة:72].
وفي هذه الآية المُحكمة قد أفتاكم الله أنّ صفة رضوانه على عباده نعيمٌ أكبر من جنته، ويشهد بذلك كافة الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربّهم يتوكلون؛ أولئك كتب الله في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروحٍ منه وهي روح الصفة لنعيم رضوان نفسه عليهم فيعلمون الآن وهم لا يزالون في الدنيا أن حُبّ الله وقربه ونعيم رضوان نفسه لهو حقاً النّعيم الأعظم والأكبر من نعيم جنته؛ ذلك هو نعيم الروح والريحان يتنزّل إلى أنفسهم آيةً لهم من ربّهم أنه رضي عنهم وأحبّهم وقربّهم.
أفلا تعلم أخي الكريم أنّ سرّ اسم الله الأعظم الذي جعل سرّه في ذات نفسه صفةً لنعيم رضوانه على عباده وفيه يوجد سرّ الحكمة من خلق الجنّ والإنس ليعبدوا نعيم رضوان ربّهم عليهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الجنّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} صدق الله العظيم [الذاريات:56].
بمعنى أنّ الله لم يخلقهم ليجعل الهدف من خلقهم أن يدخلهم جنته أو يدخلهم ناره؛ بل ليعبدوا رضوان نفسه تعالى على عباده، وليست الوسيلة الحقّ أن تتخذوا النّعيم الأعظم رضوان الله عليكم وسيلةً لتحقيق النّعيم الأصغر الحور العين وجنات النّعيم؛ بل ابتغوا إليه ذاته الوسيلة أيّكم أحبّ وأقرب إلى الله إن كنتم له عابدين فتنافسوا على حُبّ الله وقربه ونعيم رضوان نفسه وفي ذلك يكمن سرّ الدعوة للمهديّ المنتظَر لكافة البشر أن يحققوا الهدف من خلقهم، ولم يخلقهم الله من أجل الاستمتاع بنعيم الدُنيا والآخرة؛ بل ليستمتعوا بنعيم رضوان الله عليهم فيتنافسوا إلى ربّهم أيّهم أحبّ وأقرب.
وأنا المهديّ المنتظَر أعدك أخي الكريم لئن أجبت دعوة المهديّ المنتظَر إلى حقيقة اسم الله الأعظم وصدّقت به بالعمل فأعلنت أنك لمن المنافسين على حُبّ الله وقربه ونعيم رضوان نفسه فتُسابق المؤمنين بالخيرات فإنّ الله سوف يمدك فور قرارك وتغيير ما في نفسك فيمدك (بروحٍ وريحانٍ) تجده في نفسك لهو أعظم من جنات النعيم، ومن ثم تعلم أنك أصحبت من المقربين. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89)} صدق الله العظيم [الواقعة].
فذلك هو حقيقة رضوان الله على عباده المُقربين؛ نعيم غير جنة النّعيم. ولذلك قال الله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89)} صدق الله العظيم.
فتلك الروح هي حقيقة لنعيم رضوان الله على الذين كتب الله في قلوبهم الإيمان بالرحمن فأصبح الله هو أحبّ شيءٍ إلى أنفسهم من آبائهم وأماتهم وأبنائهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} صدق الله العظيم [المجادلة:22].
فتدبر قول الله تعالى تجده ذكرَ روح نعيم رضوانه ثم نعيم جنته: {وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} صدق الله العظيم.
ومن ثم عرّف هذا النّعيم بأنه نعيم رضوان الله عليهم فقال: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} صدق الله العظيم.
أفلا تعلم أخي الكريم أنّ في ذلك النّعيم سر الحكمة من خلقكم وإنه قد ألهاكم التكاثر في الحياة الدنيا عن الحكمة من خلقكم؟ فعن الحكمة من خلقكم سوف تُسألون. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ(6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النّعيم (8)} صدق الله العظيم [التكاثر].
فما هو النّعيم الذي ألهاكم عن تحقيقه التكاثرُ في الحياة الدُنيا وزينتها؟ إنه نعيم رضوان الله على عباده، ولذلك خلق الجنّ والإنس ليعبدوا نعيم رضوان الله عليهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الجنّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} صدق الله العظيم [الذاريات].
وأما بالنسبة لفتواي أنكم لن تجدوا قط أحداً من عباد الله اسمه (عبد النّعيم الأعظم)، وذلك لأنهم لا يعلمون إلا 99 اسماً، ولا ولن يعرف الناس بهذا إلا الخبير باسم الله الأعظم في ذات الرحمن المهديّ المنتظَر عبد النّعيم الأعظم ناصر محمد اليماني. تصديقاً لقول الله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} صدق الله العظيم [الفرقان:59].
والخبير بالرحمن هو ذلك الإنسان الذي علّمه الله البيان الشامل للقرآن؛ ذلك هو الإمام المهديّ الذي اتخذه الله على القرآن العظيم شهيداً من بعد الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً.
تصديقاً لقول الله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} صدق الله العظيم [الرعد:43].
فلن يحاجِّجْني عالِمٌ أو جاهلٌ من القرآن إلا هيمنتُ عليه بسلطان العلم المحكم من القرآن العظيم إن كان ناصر محمد اليماني هو حقاً المهديّ المنتظَر من الصادقين فلكل دعوى برهان. تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [النمل:64].
الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
________________
البيان المُبكي لأعينِ أحبابِ اللهِ ورسولهِ والمهديّ المنتظَر..
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيّ ۚ يَا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿56﴾} صدق الله العظيم [الأحزاب]
ويا معشر المُسلمين؛ يا أحباب ربّ العالمين ورسوله والإمام المهدي، لقد حيّرني إعراض المُسلمين عن الدعوة إلى الاحتكام إلى كتاب الله القُرآن العظيم برغم أنهم جميعاً به مؤمنون! ومن ثُمّ تذكرت حبيب قلبي وقُرّة عيني وأحبّ الناس إلى نفسي جدي مُحمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - في بدء نزول القُرآن العظيم الذي لم يكن يؤمن به أحدٌ من العالمين لكونه كتابٌ جديدٌ من ربّ العالمين، وما كان قولُ قومِهِ إلّا أن قالوا: {يَا أيّها الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} صدق الله العظيم [الحجر:6]
فكم وكم آذوا جدي مُحمداً رسول الله أذىً عظيماً خصوصاً بعد موت عمه أبي طالب رحمه برحمته إن ربّي على كُل شيءٍ قدير، ومن بعد موت أبي طالب اشتدّ أذى المُشركين لكونه قد مات أبو طالب الذي كانوا يخشونه، وكان يُصلي مُحمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - بالمسجد الحرام، وجاء أحدُ المُشركين الكُبار ينهى جدي مُحمداً رسولَ الله - صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم - عن الصلاة في المسجد الحرام لكونه لا يُصلي لآلهتِهِم؛ بلْ يُصلي ويسجد لربّه ويتقرب إليه، ولذلك نزل قول الله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ ﴿٩﴾ عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ ﴿١٠﴾ أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ ﴿١١﴾ أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ ﴿١٢﴾ أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ﴿١٣﴾ أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ ﴿١٤﴾ كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ﴿١٥﴾ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴿١٦﴾ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ﴿١٧﴾ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ﴿١٨﴾ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩ ﴿١٩﴾} صدق الله العظيم [العلق]
ومن ثُمّ عاد مُحمدٌ رسولُ الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - للصلاة كعادتِه في المسجد الحرام من بعد أن منعه عدوّ الله من كان مِنْ أكابرِ المُشركين حتى إذا علم عدوّ الله أن مُحمداً رسولَ الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - عاد للصلاة في المسجد الحرام وعدوّ الله قد نهاه عن ذلك، وعلم عدوّ الله بأن مُحمداً رسولَ الله عاد للصلاة في المسجد الحرام وهو قد نهاه عن ذلك ومن ثُمّ جاء عدوّ الله بِفرثِ الجزور ومُحمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - كان ساجداً لربّه في المسجد الحرام، ومن ثُمّ ألقى بِفرث الجزور على رأسه وهو ساجدٌ عليه الصلاة والسلام! ولكن جدي مُحمداً رسولَ الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - تذكرَ أمرَ الله إليه: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩ ﴿١٩﴾} صدق الله العظيم، ومن ثُمّ طوّل جدي مُحمد رسول الله في السجود بين يدي ربّه وهو يتقرّب إليه بالعفو عن قومه ويقول: [اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون].
ولكن قد اشتدّ إيذاء المُشركين يوماً بعد يومٍ فكانوا يؤذون جدي مُحمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ويعذّبون من صدّقه فاتّبعه حتى ضاق به الحال عليه الصلاة والسلام، ومن ثُمّ قرر أن يُهاجر إلى الطائف علّه يجد من يُصدّقه وينصره ويشدُّ من أزره في الطائف ولكنه بمجرد ما وفد إلى الطائف وبدأ يدعوهم في ناديهم ومكان تجمعهم فإذا هم يقولون: [ألست مُحمداً مجنون قريش؟! لقد سمعنا بك من قبل أن تأتينا يا من تذكر آلهتنا بسوء، فاذهب عنّا أيّها المجنون]
ونهروه وزجروه وطردوه من مجلسهم ولم يكرموه حتى كرم الضيافة، ومن ثُمّ سمع الصبية أن آباءَهم يقولون لهذا الرجل مجنون، ومن ثُمّ تبعه الصبية وكانوا يقذفونه بالحجارة ولكن خادمه زيد بن حارثه عليه الصلاة والسلام كان يُدافع عن النَّبيّ بظهره، بمعنى أنه كان يجعل ظهره درعاً للنبي حتى لا تُصيبَه حجارةُ الصبية، ولكن أصابه حجرٌ في قدمه الشريفة فأدمتهُ حتى كان يسير وهو يعرج من الألم، ومن ثُمّ لجأ إلى بستانِ كبيرِ القوم بالطائف ودخل فيه فوجد فيه حارساً طيباً من أهل الكتاب فقاده إلى تحت ظلِّ شجرةٍ ومن ثُمّ ذهب لكي يُحضِر له عنقودَ عنبٍ، وأثناء عودته إلى النَّبيّ فإذا هو يسمع النَّبيّ يُهَمْهِمُ بالدعاء وهو رافعٌ يديه إلى ربّه يشكو إليه وكان يقول عليه الصلاة والسلام:
[اللهم أشكو إليك ضعف قوّتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المُستضعفين وأنت ربّي إلى من تكلني إلى عدو يتجهمني أم إلى أحد ملكته أمري! إن لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا أُبالي إلّا أن رحمتك هي أوسع لي، وأعوذُ بنور وجهك الذي أشرقت له الظُلمات وصلُح عليه أمر الدُنيا والآخرة لك العتبى حتى ترضى]
ومن ثُم هبط بين يديّ رسولُ ربّ العالمين إليه جبريلُ عليه الصلاة والسلام وقال:
[يا مُحمد رسول الله صلى الله عليك وملائكته لقد أمرني الله أن أطبق عليهم الأخشبين إن شئت ومن ثُمّ تبسّم مُحمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ضاحكاً وقال: كلا يا أخي يا جبريل، فما دام ربّي راضياً عن عبده فلا أُبالي وعسى أن يأتي من أصلابهم من يقول: لا إله إلّا الله مُحمد رسول الله]
عليك صلاة الله وسلامه يا حبيب قلبي وقُرّة عيني يا مُحمد رسول الله صلّى الله عليك وآلك المُكرمين وأُسلّم تسليماً.
ويا أُمة الإسلام، يا حُجاج بيت الله الحرام، ما غركم في الإمام المهدي الذي بعثه الله ناصراً لمُحمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فهل جاءكم من القول ما لم يأتِ من قبل؟! وقال الله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [المؤمنون]
ويا أُمة الإسلام، إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون وإنما أعظُكُم بواحدةٍ؛ هو أن تنيبوا إلى الله في خلواتكم بربكم، وتخيلوا لو أن الإمام ناصر مُحمد اليماني هو حقاً خليفة الله الإمام المهدي الذي له تنتظرون بفارغ الصبر وأنتم عنه مُعرضون، فما يُدريكم لعل ناصرر مُحمد اليماني من الصادقين! فلا تحكموا عليه أنه كمثل الذين خلَوا من قبله من المهديين الكاذبين؛ بلْ أنيبوا إلى ربّكم في جوف الليل وتضرعوا بين يديه وأنيبوا إليه ليُبصر قلوبكم بالحقّ وقولوا:
[[ اللهم إنك تعلم وعبادك لا يعلمون، سبحانك لا علم لنا إلّا ما علّمتنا أنك أنت العليم الحكيم، اللهم إن كان ناصرَ مُحمدٍ اليماني هو حقاً خليفة الله الإمام المهديّ المُنتظَر الذي ننتظره بفارغ الصبر، اللهم فبصّر قلوبنا بالحقّ حتى لا يكون حسرةً علينا وندامةً فنعضّ على أيدينا من شدّة الندم لو أننا صدّقناه فتجعلنا من المُكرمين ومن صفوة البشرية وخير البرية.
اللهم إن كان ناصر مُحمد اليماني هو حقاً المهديّ المُنتظَر فإنه فضلٌ من الله عظيم ورحمة للأُمة فاجعلنا من الشاكرين أن قدّرت بعث المهديّ المُنتظَر في أُمتنا وجيلنا، فكم تمنّوا الأُمم من قبلنا أن يبعثه الله فيهم ولكن لم يحالفهم الحظ، فإذا بعثته فينا فقد فضّلتنا على الأُمم ببعث الإمام المهديّ المُنتظَر في أُمتنا فاجعلنا من الشاكرين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم عبدك في ذمتك أن لا يفوتني التصديق بالحقّ إن كان ناصرَ مُحمدٍ اليماني هو حقاً المهديّ المُنتظَر الناصر لما جاء به مُحمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فكيف نُكذّب حبيب الله وحبيب رسوله؟ ونعوذُ بالله أن نُكذّب خليفة الله المهدي لو قدّر الله بعثه فينا وقدّر عثورنا على دعوته للعالمين أن لا نكون من السابقين المُصدّقين لخليفة الله الذي بشر ببعثه مُحمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ]]
اللهم إنك قلت وقولك الحق: {وَقَالَ ربّكم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]، وها هو عبدك يدعوك مُنيباً إليك: إن كان ناصر َمُحمد اليماني هو حقاً المهديّ المُنتظَر أن تجعلني من المُصدقين ومن الأنصار السابقين الأخيار في عصر الحوار من قبلل الظهور ببأسٍ شديد من لدُنك بالدُخان المُّبين، يا حي يا قيوم يا من يحول بين المرءِ وقلبه لا تُعمي قلبَ عبدِك وأمتِك عن الحقّ والحقّ أحق أن يُتّبع، يا من وسعتَ كُل شيءٍ رحمةً وعلماً يا من تحول بين المرءِ وقلبه فإذا كان هو حقاً الإمام المهدي فلْيُلِن قلوبنَا بيانُه وتذرف أعيُننا مما عرفنا من الحقّ حتى تطمئن قلوبُنا أنَّه حقاً الإمام المهدي لا شكَ ولا ريبَ برحمتك يا أرحم الراحمين، إنك قلت وقولك الحق: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} صدق الله العظيم [الشورى:12].
وبما أني الإمام المهدي الحقّ فوالله الذي لا إله غيره أن من فاضت عيناه أثناء تلاوة هذا البيان أنهُ من أحباب الله ورسوله والمهديّ المنتظَر وأن الله سوف يهدي قلبه إلى الصِراط المُستقيم، فكونوا من الشاكرين يا أحباب ربّ العالمين وأنيبوا إلى ربّكم ليهدي قلوبكم وكونوا من القوم الذي وعد الله بهم في مُحكم القُرآن العظيم في قول الله تعالى: {يَا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٥٤﴾} صدق الله العظيم [المائدة]
ويا أحباب قلبي وقُرّة أعيني ذكركم والأنثى، إني أُحبكم في الله وأحبّ لكم ما أحبُّه لنفسي وأكره لكم ما أكرهُه لنفسي وأُريد لكم الهُدى والنجاة وليس العذاب فكونوا من أولي الألباب، ويا أحبابي في حُب الله لِمَ تُكذّبوني وتشتموني وتلعنوني يا معشر المُسلمين، فهل دعوتكم إلى باطلٍ؟ فكيف يكون على باطلٍ من يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له ويأمر الناس أن يكونوا عبيداً لله لتحقيق الهدف من خلقهم فيتنافسوا إلى ربّهم طمعاً في حب الله وقُربه ونعيم رضوان نفسه سُبحانه وتعالى علواً كبيراً؟ وما أمرتُكم أن تُعظّموني من دون الله، وكيف تجتمع النور والظُلمات؟ وقال الله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴿٧٩﴾} صدق الله العظيم [آل عمران]
فكذلك تجدون دعوة الإمام المهدي ناصر مُحمد اليماني لا يقول لكم اتخذوني إلهاً من دون الله ولكن كونوا ربانيين واعبدوا الله ربّي وربّكم وتنافسوا في حُب الله وقُربه ونعيم رضوان نفسه، فلم َتُكذّبوني يا إخواني المُسلمين؟ فإني أخشى عليكم من عذاب يومٍ عقيم، فلا تخافوا فلن يدعو عليكم الإمام المهدي، وإن نفدَ صبري ودعوتُ عليكم في ساعة غضبٍ فأرجو من ربّي بحقّ لا إله إلّا هو وبحقّ رحمته التي كتب على نفسه وبحقّ عظيم نعيم رضوان نفسه أن لا يُجيب دعوتي لأنكم جزء من هدفي العظيم ألا والله لا ولن أُفرط فيكم فلا تخشوا دُعائي ولكني أخشى عليكم دعوة أحد أنصاري كمثل نبي الله لوط وإبراهيم، فأما نبي الله إبراهيم فقال: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴿٣٥﴾ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣٦﴾} صدق الله العظيم [إبراهيم]
ولكن الله أهلك قومَ إبراهيم بسبب دعوة نبي الله لوط، ولم يُصدّق رسول الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلّا نبي الله لوط وقال الله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} صدق الله العظيم [العنكبوت:26]
ومن ثُمّ أهلك الله القوم بسبب دُعاء نبي الله الصّديق لوط صلّى الله عليه وآله وسلّم، فاستجاب الله دعوة نبيه لوط وأهلك القوم بمطر السوء من كوكب العذاب، وكذلك أخشى على المُسلمين من دعوة أحد أنصار المهدي المُنتظَر.
ولذلك أقول يا أحباب قلبي ويا قُرّة أعيني يا معشر الأنصار السابقين الأخيار في عصر الحوار من قبل الظهور سألتُكم بالله العظيم ربّ السماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم أن لا تجلبوا إلى نفس ربّي مزيداً من الحسرة على عباده لأنكم إذا دعوتم على القوم استجاب الله دُعاءكم تصديقاً لوعده الحقّ أن ينصركم على من كذّبكم فيُهلك عدوّكم ويستخلفكم من بعدهم إن الله لا يُخلف الميعاد.
ولكن يا أحباب قلب الإمام المهدي والله الذي لا إله غيره ما سألتُكم بالله أن تفعلوا رحمةً مني بالناس؛ بلْ لأني وجدت أن ربّي هو حقاً أرحم الراحمين، ولم أجد في الكتاب أن عباده يهونون عليه برغم أنه لم يظلمهم شيئاً سُبحانه وتعالى علّواً كبيراً، ولا يظلم ربّك أحداً، ولكن يا إخواني لو تعلمون كم الرحمن الرحيم هو حقاً رحيم، ألا والله الذي لا إله غيرة أنه لا مجال للمُقارنة بين رحمة الله بعباده ورحمة الأُم بولدها حتى ولو عصاها ألف عامٍ لما هان عليها وهو يصرخ ويتعذّب في نار جهنم فتصوّروا كم حُزنها عظيم وكم مدى حسرتها على ولدها وهي تسمع صراخَه في نار جهنم، فما بالكم بمن هو أرحم منها بعباده الله أرحم الراحمين؟ فلا نزال نُذكّركم ونقول أن الله يتحسّر على عباده الذين ظلموا أنفسهم وأهلكهم بسبب دُعاء أنبيائِهم عليهم بعد أن كذّبوا بالحقّ من ربّهم، وبرغم أنَّ الله لم يظلمْهم شيئاً ولكن بسبب عظيم صفة رحمته في نفسه تجدوه حزيناً مُتحسّراً على عباده مُباشرةً فور هلاكِهم من بعدِ دُعاء الأنبياء والصالحين عليهم وقد علمتم ذلك في قول الله تعالى: {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس]
ولا يزال الإمام المهدي يُذكّر أنصاره بهذه الآية المُحكمة لكي يُصدقوا الله فيصدقهم فيقولوا:
[يا إله العالمين لقد عرّفنا الخبير بالرحمن عن حالك فكيف نستطيع أن نستمتع بنعيم الجنة والحور العين وحبيبنا الله حزينٌ في نفسه ومُتحسّرٌ على عباده؟ هيهات هيهات أن نرضى حتى يكون من هو أحبّ إلينا من الجنة والحور العين الله ربّ العالمين راضياً في نفسه لا مُتحسّراً ولا حزيناً، فإذا لم تفعل فلِمَ خلقتنا يا إله العالمين؟ فهل خلقتنا من أجل الجنة وحورها، أم خلقتها من أجلنا وخلقتنا نعبد حُبك وقربك ونعيم رضوان نفسك؟ فكم نُحبك يا الله، وكيف يستطيع من يُحب أن يكون مسروراً وهو قد علم أن حبيبَه حزينٌ في نفسه حُزناً عظيماً! كلا وربي لا ترضى النفس حتى يكون الحبيب راضياً في نفسه مسروراً]
ولذلك أتوسّل إليكم يا أحباب الله يا من وعدَ اللهُ بهم في مُحكم كتابه إن كُنتم تُحبون الله بالحُب الأعظم أن تُساعدوني على تحقيق النعيم الأعظم، فلا تدعوا على المُسلمين والناس أجمعين، وإن كان لا بد فعلى الشياطين من الجنّ والإنس تدعون حتى يذوقوا وبال أمرهم وكل يومٍ هو في شأن سبحانه وسع كل شيءٍ رحمةً وعلماً، ولكنهم يائسون من رحمة ربّهم كما يئِس الكُفّار من أصحاب القبور، وهذا خطأهم فظلموا أنفسهم بسبب اليأس من رحمة الله الذي نادى عبادَه بما فيهم إبليس وكافة عبيده في السماوات والأرض وقال الغفور الرحيم: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبََ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٥٣﴾ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ ربّكم وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ﴿٥٤﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنََ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن ربّكم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٥٥﴾ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦﴾ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿٥٧﴾ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٥٨﴾ بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٥٩﴾} صدق الله العظيم [الزمر]
فبالله عليكم هل يستطيع أن يقول أبٌ لأولادهِ وهو غاضبٌ غضباً شديداً يا (أولادي)؟ ولكن انظروا إلى الله أرحم الراحمين برغم غضبه الشديد من عباده المُجرمين يقول: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبََ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} صدق الله العظيم.
أفلا ترون ما أعظم رحمة الله العظيم المستوي على عرشه العظيم سُبحانه وتعالى علّواً كبيراً وما قدروه حقّ قدره، أليس ربّي العظيم الذي لا إله غيره يستحق أن نُحبه أعظم من كل شيء في الدُنيا والآخرة؟ فهو الذي خلقنا وصوّرنا ويرزقنا ويغفر لنا ويرحمنا في الدُنيا والآخرة سبحان ربّي الغفور الرحيم، فهل جزاء الإحسان إلّا الإحسان؟ فكيف ترضون بزينة الدُنيا ونعيم الجنان يا عبيد الرحمن؟ فلو تعلموا ما نحن فيه من النعيم لما تأخرتم عنه شيئاً إنه نعيم رضوان الله على عبيده، فاتّبعوا رضوانه وتجنبوا سخطه وسوف تعلمون أن رضوان الله هو حقاً النعيم الأعظم من ملكوت الدُنيا والآخرة ثُمّ تعلمون وأنتم لا تزالون في الدُنيا أن نعيم رضوان الله على عباده هو حقاً النعيم الأكبر من جنته. تصديقاً لقول الله تعالى: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} صدق الله العظيم [المائدة:119].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} صدق الله العظيم [التوبة:72].
ويا أحباب قلبي إلى ربّي، لا تُيئسوا الناس من رحمة الله مهما علمتم من ذنوبهم فاعلموا أن الله يغفر الذنوب جميعاً، فعظوهم وأرشدوهم إلى الطريق الحقّ وأهدى سبيلاً بالحكمة والموعظة الحسنة.
وأضرب لكم على ذلك مثلاً لقصة وقعت للإمام المهدي في أحد الدول التي تسمح بشرب الخمور..
[[ وجئت ماراً بجانب مطعمٍ وإلى جانبه كافتريا ويبدو أنها تبيع الخمور، فوجدت رجلاً كان ثملاً جالساً فوق كُرسي بجانب طاولة وكانت الطاولات في الخارج على حافة الشارع ومن ثُمّ جلست بجانب طاولة السكران على كُرسي كان مقابله وسلّمت عليه بيدي فمد يده وسلّم عليّ وقال: أهلاً، وهل تعرفني حتى تُسلّم عليّ؟ فقلت له؛ بلْ والله إني أخوك وأني أنا وأنت من ذُرية رجلٍ واحدٍ وامرأةٍ واحدةٍ، ومن ثُمّ أخذت الرجل الدهشة من قولي! وقال لي: وهل جُننت! فكيف تكون أخي وأنا لا أعرفك؟ فقلت له: ألستُ أنا وأنت من ذُرية رجلٍ وامرأةٍ وهو أبونا آدم وأمنا حواء؟! ومن ثُمّ تبسّم ضاحكاً وارتفع صوتُه بالضحك عالياً حتى أضحكني معه ومن ثُمّ قمت إلى المطعم فطلبت لنا سوياً وجبة عشاء وأقسمت عليه أن يقبل عزومتي وأقسمت له بالله العظيم أني لا أريد منه جزاءً ولا شكوراً، وقال؛ بلْ سوف أدفع نصف حساب العشاء، فقلت له: كلا وربي، وأكرمته وتعشى معي ولكنه ملأ كأساً من الخمر ويُريد أن يُعطيني من بعد العشاء. فقلت له هذا مُحرّم في ديننا. فقال: وما دينك؟ فقلت: ديني الإسلام. قال: يا رجل كُلّنا مُسلمين ولكن الله قال فاجتنبوا الخمر ولم يُحرّمه الله علينا. فقلت له: ظننتك مسيحي وطلعت مُسلم! بارك الله فيك أفلا تعلم إن الاجتناب لمن أشدّ أنواع التحريم كتحريم عبادة غير الله؟ وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ ﴿١٧﴾ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الزمر]
ومن ثُمّ قال الرجل: إذاً الخمر مُحرّم كحُرمة أن نعبد الشيطان؟! وتفاجأت به أخذ القارورة وقذفها حتى اصطدمت بحائط كان على مقربةٍ بجانب الطريق وتكسرت وتناثرت في الطريق، ومن ثُمّ قام ولقط الزجاج المُتناثر بيديه حتى لا يؤذي المارين، وذهب إلى صندوق للزبالة كان على مقربةٍ منّي وقذف بالزجاج فيه وعاد وحبَّني على رأسي وأراد أن يتنزل ليُحبَّ قدمي فأمسكته وقلت له: اتقِ الله فلا تفعل ذلك، فقال فبمَ أجزيك؟ فقلت له: جزائي أن تُنقذ نفسك من النار وتتوب إلى الله متاباً. ورفع الرجل يديه إلى ربّه وهو يناجيه وأعينه تفيض من الدمع فاستأذنته ولم يفكني إلا بصعوبة بالغة وكان يُريد أن أذهب معه الهوتيل الذي يسكن فيه وكان لا يُريد فُراقي]] انتهى..
ومن ثُمّ تذكرت قول ربي: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ ربّك بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} صدق الله العظيم [النحل:125]
فتصورا يا إخواني الأنصار لو أني حين رأيته يشرب الخمر في الشارع قلت له بصوت مُرتفع: اتقِ الله أيّها السكران! فهل تروني أستطيع هُداه بهذه الطريقة؟
ولذلك فالتزموا بالحكمة في الدعوة إلى الله ولا تكونوا مُنفِّرين وكونوا مُبشِّرين ورحمةً للعالمين يا أنصار المهدي المُنتظر؛ يا معشر الدُعاة إلى السلام العالمي بين شعوب البشر مُسلمهم والكافر، فوالله لا تهدون الأُمم وأنتم تزجروهم أو تنهروهم أو تضعون السيوف على أعناقهم! كلا وربي فلن تهدوهم إلّا بالحكمة والموعظة الحسنة كما أمركم الله في مُحكم كتابه.
في قول الله تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ ربّك بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} صدق الله العظيم، فما أجمل أوامر الله وما ألطف الله وما أرحم الله أرحم الراحمين سُبحانه وتعالى علواً كبيراً..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر مُحمد اليماني.
__________________
https://mahdialumma.net/showthr...B9%D9%8A%D9%85