[ لمتابعة رابط المشاركـــة الأصليّة للبيـان ]
https://mahdialumma.net/showthread.php?p=161057
الإمام ناصر محمد اليماني
11 - 12 - 1435 هـ
05 - 10 - 2014 مـ
08:37 صباحاً
ـــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله ورسله من أولهم إلى خاتمهم محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وجميع المؤمنين وأسلّم تسليماً، أمّا بعد..
وربّما يودّ أحد السائلين أن يقول: "يا ناصر محمد، وما هي ثورة الخراب العربي والتي جعلتها عنواناً لهذا البيان؟". فمن ثمّ نردّ على السائلين ونقول: هي ما يسمونه ثورة الربيع العربي؛ بل هي ثورة الخراب العربي دمّرت العباد والبلاد والاقتصاد ودمرت البنيَة التحتيّة ودمرت ما تَعَمَّرَ منذ عشرات السنين، فهذا هو ثمار ثورة الخراب العربي وليس تغيير الحكم بتلك الطريقة الغوغائيّة والتخريبيّة، فانظروا ما خلّفته ثورة الخراب العربي في سوريا! تمّ تدمير كامل ما عمّره السوريون على مدار مائة سنةٍ أو أكثر، وأزهقوا ملايين الأرواح ودمّروا في مختلف محافظات سوريا كافة البُنى التحتيّة والاقتصاديّة.
ويا سبحان الله فلا يزالون مستمرين! فهل يريد الناس أن يقولوا كانت سوريا ها هنا؟ فلا يجد الناس غير رُكام المنازل المهدّمة وجثث أمواتٍ وأشلاءٍ هنا وهناك، ورفات أجساد السوريين؟ أما آن الآوان لهم أن يُحكِّموا العقل فيلجأوا للحوار بدل الاستمرار في الدّمار؟ فاتّقوا الله يا أولي الأبصار. وكذلك ها هي الشرارة تعود تشتعل من جديدٍ في مصر بمظاهراتٍ تدعو لرحيل السيسي بنفس طريقة ثورة الخراب العربي.
وعلى كل حالٍ، لَكَم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني لفي حيرةٍ مما يحدث في بلاد المسلمين من تنافسٍ على السلطة فيُزهقون بعضهم بعضاً للوصول إلى الحكم بحجّة إزالة حكّامٍ ظالمين! ولكنّ ثورة الخراب العربي زادت الناس ظلماً وبؤساً وفقراً ودماراً حتى تمنَّت الشعوب الرجوع إلى وضعهم الذي كانوا عليه من قبل ثورة الخراب العربي.
ويا أحبتي في الله، والله وتالله لا يَعْدِل من يتمنى أنْ يصل إلى الحكم محبةً للتسلط والسلطة، ألا وإنّ المُتّقي يخاف حين ينال أبسط مسؤوليةٍ في الدولة، وذلك لكونه يعلم أنّه مسؤولٌ عمّا استخلفه الله عليهم يوم يقوم الناس لربّ العالمين. ويا سبحان الله العظيم مِنَ الذين يسفكون الدماء من أجل الوصول إلى السلطة! فهل يريدون أن يكونوا مسؤولين بين يديْ الله عمّا استخلفهم الله عليه؟ فلماذا يضحُّون من أجل تحقيق المصيبة لأنفسهم؟ وماذا يبغون من الملك والحكم وقد أذهبوا آخرتهم وضحّوا بجنّة ربّهم ونعيم رضوانه؟ ألا يظنّ أولئك أنهم لمبعوثون ليومٍ عظيمٍ يوم يقوم الناس لربّ العالمين؟
ويا عجبي الشديد مما يجري في عددٍ من الشعوب العربيّة يا أحبتي في الله! وأقسم بربّي إنّه لا يجوز لأحدٍ أن يتمنّى الوصول إلى الحكم إلا من أجل الله وحده لا شريك له كي يحكم بما أنزل الله ويقيم حدود الله ويرفع ظلم الإنسان عن أخيه الإنسان ويمنع الفساد في الأرض وسفك الدماء، ويقيم العدل ويحقق الأمن والأمان في ربوع البلاد ويحسّن معيشة الناس بتحسين الاقتصاد، وفوق ذلك يسهر الليالي لكون قلبه وجِلاً أن يلاقي ربّه وهو لم يكن أهلاً للمسؤولية لكونه يعلم أنّه مسؤول عن رعيّته بين يدي ربّه. فمال هؤلاء القوم لا يتفكّرون في المصير ما بعد الموت؟ فيا عجبي من هؤلاء القوم فهل لا يؤمنون بالموت! وهل لا يؤمنون بلقاء الله! وهل لا يؤمنون بالحساب والعقاب! وهل لا يؤمنون بالحكم عليهم من ربّهم بالحبس المؤبّد إلى ما لا نهايةٍ في سجن الله ذي السبعة أبوابٍ؟!
وربّما يودّ أحد السائلين أن يقول: "يا ناصر محمد، وما هو سجن الله؟". فمن ثمّ نفتيه بالحقّ: إنّ سجن الله كبيرٌ يتّسع لأمم الأولين والآخرين من المحكوم عليهم بالسجن المؤبّد، ولا نقول حتى الموت؛ بل يحكم الله على المعرضين بالسجن المؤبد إلى ما لا نهايةٍ، ألا وإنّ لسجن الله سبعة أبوابٍ، ألا والله الذي لا إله غيره لو كان سجن الله بين أربع حيطانٍ لكان الأمر هيّناً حتى ولو كان حبساً مؤبداً إلى ما لا نهايةٍ وهو يأكل خبزاً ويشرب الماء. وهيهات هيهات؛ بل سجن الله فيه نارٌ تُلقى فيه الحجارة فإذا هي ذائبةٌ تحترق، فهل يتحمّل الظالمون ناراً وقودها الناس والحجارة؟ وسؤالي مرةً أخرى للظالمين أنفسهم: فهل يرون أنّهم سوف يتحمّلون ناراً وقودها الحجارة؟ وأما الطعام فليس خبزاً؛ بل من شجرةٍ تَنْبُتُ في أصل الجحيم ثمرها يغلي في البطون كغلي الحميم، ثم يستغيثون بطلب الماء فيُغاثون بماءٍ يغلي يشوي الوجوه من بخار حرارته، ومن شدّة العطش يشربونه فيغلي في بطونهم ويقطّع أمعاءهم.
ويا معشر عبيد الدنيا وملكوتها، فهل لم تقرأوا في كتاب الله القرآن العظيم ولم تتدبّروا آياته فلم تعلموا بالوعيد من الله في كثيرٍ من آيات الكتاب المحكمات؟ أم إنّكم لا تؤمنون؟ فأين تذهبون من الله والملكوتُ ملكوتَ الله جميعاً أينما ذهبتم؟ أم لم تقرأوا قول الله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (27) لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} صدق الله العظيم [التكوير].
وتذكروا قول الله تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (27) لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} صدق الله العظيم [التكوير].
ويا معشر المتّقين الذين لا يبغون في الأرض علوّاً ولا فساداً، فاعلموا أنّ العاقبة للمتقين الذين تطهّرت قلوبهم من الشرك تطهيراً، فاعلموا أنّ الله سوف يستخلفكم في الأرض بحوله وقوته إنْ تطهّرت قلوبكم من الشرك تطهيراً. تصديقاً لوعده الحقّ في محكم القرآن العظيم في قول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57)} صدق الله العظيم [النور].
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم؛ الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
___________