الإمام ناصر محمد اليماني
05 - 03 - 1432 هـ
09 - 02 - 2011 مـ
02:00 صباحاً
ــــــــــــــــــــــ
دعوة الإمام المهديّ بعدم المبالغة في الأنبياء والأئمة ونسائهم بغير الحقّ ..
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّـهِ يَجْحَدُونَ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
ويا أبا حمزة وجميع الذين لا يوقنون بفتوى الله في مُحكم كتابه بقوله تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ﴿٧٥﴾ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿٧٦﴾ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ﴿٧٧﴾} صدق الله العظيم [الصافات]، فهو يتكلم سبحانه عن عذاب الطوفان وأفتاكم ربّ العالمين أنّه أنجى رسول الله نوح عليه الصلاة والسلام وأهله وذريته، ولم أجد أنّ الله استثنى منهم أحداً؛ بل قال االله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} صدق الله العظيم، ومن خلال ذلك يوقن أولو الألباب أنّ الذي أغرقه الله ليس من ذريته.
ومن ثم حاجّني أبو حمزة بقول الله تعالى: {وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} صدق الله العظيم [هود:42]، ثم رددنا عليه أنه يُعتبر أبوه بالتّبني وأتيناه بالبرهان المبين عن الأبوين الصالحين اللذين لم يكن لديهما أولاداً وقاموا بتربية ولدٍ تمّ وضعه على باب دارهم وهو من ذريات الشياطين، وقاموا بتربيته لوجه الله الكريم، وتبنّوه وهو ليس من ذريتهم، وجئناك بالفتوى من محكم كتاب الله في قول الله تعالى: {فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴿٨١﴾} صدق الله العظيم [الكهف].
ومن ثمّ وجدنا أبا حمزة يحرّف كلام الله المحكم عن مواضعه المقصودة أنّه لا يقصد الله تعالى {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} أي من ذريتهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وها نحن نأتيه ببرهانٍ آخر في قصة رسول الله يوسف عليه الصلاة والسلام في قول الله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ ﴿٩٩﴾} صدق الله العظيم [يوسف].
والجميع يعلمون أنّ أحد الأبوين ليسا من أبوي رسول الله يوسف عليه الصلاة والسلام بل هي زوجة أبيه، وكذلك ابن نبيّ الله نوح - عليه الصلاة والسلام - وابن زوجته فأحدهم أبويه والآخر يعتبر أبوه بالتبني. ولذلك قال الله تعالى: {وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} صدق الله العظيم [هود:42].
وكذلك الله يخاطبنا بنية المنادي الذي نادى الرجل ذلكم بأنّ نبيّ الله نوح كان يظنه ابنه من ذريته، ولذلك قال: {يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ} صدق الله العظيم، ولكن أبا حمزة مستمسك بهذه الآية يعتبرها برهاناً مبيناً أنّه ابنه من ذريته ونسي فتوى الله في محكم كتابه: {وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحقّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ﴿٤٥﴾ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٤٦﴾} صدق الله العظيم [هود].
ونبي الله نوح قد علم أنّ ابنه لمن الكافرين كونه رفض أن يركب مع أهله في السفينة، ولكنه لا يعلم أنه ليس ابنه، ولم تتبيّن له خيانة أحد زوجاته إلا بعد فتوى الله تعالى لنبيه: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} صدق الله العظيم، أي أن سبب وجوده بسبب عملٍ غير صالحٍ من قِبَلِ إحدى زوجاته التي خانته مع أحد شياطين البشر وهو لا يعلم بمعنى أنّه ليس من ذريته ولذلك قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ﴿٧٥﴾ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿٧٦﴾ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ﴿٧٧﴾} صدق الله العظيم [الصافات].
{يَا نِسَاء النبيّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} صدق الله العظيم [الأحزاب:30]؛ وهذا يعني أنّ الله لم يعد أنبياءه أنه سوف يعصم زوجاتهم من الزنى؛ بل ذلك يعود لتقوى زوجاتهم ولذلك قال الله تعالى: {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا ﴿٣١﴾ يَا نِسَاءَ النبيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴿٣٢﴾ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ} صدق الله العظيم [الأحزاب:31-33]، ولكن امرأة نوح اقترفت عملاً غير صالح وكان ذلك سبب وجود ذلك الولد الذي ليس من ذرية نبيّ الله نوح عليه الصلاة والسلام.
ويا علماء المسلمين وأُمَّتهم إنما نفتيكم بما أفتاكم الله في محكم كتابه بآياتٍ بيّناتٍ لعالِمكم وجاهلكم فلماذا يكذّب كثيرٌ منكم بفتوى خيانة إحدى نساء نبيّ الله نوح وإحدى نساء نبيّ الله لوط؟ وأما سبب عدم حمل إحدى نساء نبيّ الله لوط التي خانت زوجها فهي خانته وهي عجوز عاقر قاعد من الحيض. ولذلك قال الله تعالى: {وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٣﴾ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴿١٣٤﴾ إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴿١٣٥﴾} صدق الله العظيم [الصافات].
ولا أعلم أن عجوزاً قاعداً من الحيض تحمل أبداً إلا بمعجزة من ربّ العالمين كمثل زوجة نبيّ الله إبراهيم التي بشّرها الله أنّها سوف تحمل من زوجها بغلامٍ عليمٍ فكان ذلك لدى نبيّ الله إبراهيم وزوجته أمرٌ عجيبٌ خارقٌ عن العادة، ولذلك قالت امرأة نبيّ الله إبراهيم عليهم الصلاة والسلام: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [هود:72].
وهذا ردنا على عدم حمل زوجة نبيّ الله لوط من الزنى كونها عجوزاً عقيماً قاعداً من الحيض، ولذلك قال الله تعالى: {وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٣﴾ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴿١٣٤﴾ إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴿١٣٥﴾} صدق الله العظيم [الصافات].
ويا أحبتي في الله جميعاً ما كان للإمام المهديّ أن يتّبع أهواءكم بغير الحقّ فذلك من مبالغتكم في نساء الأنبياء بشكلٍ عامٍ بأنّهن طيّباتٍ طاهراتٍ وتريدون أن تجعلوهنّ جميعاً معصومات من الخطيئة، ولكن التي أحصنت فرجها منهن كمثل جدتي عائشة عليها الصلاة والسلام تجدون أنّ الله دافع عنها وبرأها في محكم كتابه بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [النور].
ولكن ليس معنى ذلك أنّ نساء الأنبياء معصومات من الخطيئة، فبرغم أنّ نساء الأنبياء هُنّ أمهات المؤمنين الذين صدقوهم فاتبعوهم ولكن ليس معنى ذلك أنّهن معصوماتٌ من الخطيئة؛ بل حذرهن الله من ارتكاب الفاحشة كونهن لسنَ كأحدٍ من نساء المسلمين فخطؤها عظيم حين تغشّ زوجها ببهتانٍ مبينٍ ليس من ذريته، فذلك له عواقب وخيمة على الإسلام والمسلمين، ولذلك تجدون أنّهن برغم أنّهن أمّهات المؤمنين ولكن لا يعني ذلك أنّهن معصومات من الخطيئة فيتبرجن أمام المؤمنين من غير محارمهن؛ بل تجدون أنّ الله حذرهن من التبرّج وحذّرهن من أن يخضعن بالقول اللطيف لأحدٍ من غير محارمهن. وقال الله تعالى: {يَا نِسَاءَ النبيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴿٣٢﴾ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ} صدق الله العظيم [الأحزاب:32-33].
والحكمة من ذلك لأنّ امرأة النبيّ إذا تبرجت فأظهرت مفاتنها للرجال وخضعت لهم بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض فيراودها عن نفسها فتقع في الخطيئة كونهن لسنَ معصوماتٍ من الخطيئة كما تعتقدون بغير الحقّ بسبب المبالغة في الرسل، ولكن الله يقول الحقّ ويهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ، فلو يتبع الإمام المهديّ أهواءكم أنّ نساء الأنبياء والأئمة معصومات من الخطيئة إذاً لعرّض الإمام المهديّ نساءه إلى ارتكاب الخطيئة وأعوذُ بالله أن أكون من الجاهلين؛ بل نساء الرسل والأئمة لسن معصومات من ارتكاب الخطيئة إلا من يتقين الله فلا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ولا يخضعن بالقول فيطمع فيهن الذي في قلبه مرض، فاتقوا الله أحبتي في الله.
وكأني أرى حبيبي أمير النور يتمنى لو يعدل إمامه عن فتوى زنى إحدى زوجات نبيّ الله نوح وإحدى زوجات نبيّ الله لوط، ولكن يا حبيبي في الله أمير النور ما كان للإمام المهديّ أن يتّبع أهواءكم فذلك سوف يكون سبب المبالغة في الأنبياء والأئمة ونسائهم بغير الحقّ؛ بل مثل الأنبياء وزوجاتهم كمثلكم وزوجاتكم معرَّضين للخطيئة إذا وقعنا في المحذور وخلا أحدنا بامرأة ليست زوجته ولا من محارمه فقد يوقعه الشيطان معها كما أوقع امرأة إحدى نساء نبيّ الله نوح ولوط عليهم الصلاة والسلام! ألا وإنّ جميع الأنبياء والمرسلين وزوجاتهم ليسوا معصومين من الخطيئة إلا من اتقى الله ربه، وإنما التقوى تدفع عن الرسول ارتكاب الخطيئة، ولكن مهما كانت تقواه فإذا وقع في المحذور وخلا بامرأة ليست من زوجاته ولا من محارمه فقد توقعه نفسه في المحذور وإنما كرّه الله إلى أنفس الأنبياء والمرسلين والمؤمنين الكفر والفسوق والعصيان، ولكن إذا أوقع نفسه في المحذور وخلا بامرأة ليست من زوجاته فقد خلق الإنسان ضعيفاً، وبما أنّ رسول الله يوسف عليه الصلاة والسلام يعلم أنّه ليس معصوماً من ارتكاب الخطيئة برغم أنّ الله كرّه إلى نفسه الكفر والفسوق والعصيان، ولكنّه يعلم أنّه ليس معصوماً من الخطيئة وخُلِق الإنسانُ ضعيفاً. ولذلك ناجى ربه وقال: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [يوسف].
فلمَ المبالغة يا قوم في الأنبياء والأئمة ونسائهم؟ وإنما هم بشر مثلكم فما لكم كيف تحكمون؟ أفلا تعلمون أنّ سبب شرك كثيرٍ من المؤمنين هي المبالغة بغير الحقّ في الأنبياء والرسل والأئمة ونسائهم؟ بل نحن بشر مثلكم ونساؤنا بشر مثلكم وخلقنا الله ضعاف أمام شهوة النفس الأمارة بالسوء، وإنّما ينهى الإنسان التّقي نفسه عن الهوى بالعقل وبالمقاومة بعدم اتباع الشهوات، ألا وإنّما أمركم الله بغضِّ البصر وتحجّب نسائِكم تخفيفاً من ربّكم ورحمة كون الإنسان خلق ضعيفاً. وقال الله تعالى: {وَاللَّـهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴿٢٧﴾ يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴿٢٨﴾} صدق الله العظيم [النساء].
ولكنكم تبالغون في أنبياء الله ورسله ونسائهم وذرياتهم برغم أنّهم بشر مثلكم كما أفتاكم محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بما أمره ربه أن يقول: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} صدق الله العظيم [فصلت:6].
وكذلك جميع الرسل من ربّ العالمين يقولون لأقوامهم كمثل قول محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وقال الله تعالى: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} صدق الله العظيم [إبراهيم:11].
وإنما يقاوم التقي شهوة نفسه فيمنعها من اتباع الشهوات ويُنيب إلى ربّه ليثبت قلبه، فما خطبكم تبالغون في أنبياء الله ورسله وزوجاتهم أنّهم معصومون من الخطيئة ولا ينبغي لأحد منهم أن يخطئ؟ وبسبب المبالغة بغير الحقّ كان السبب الرئيسي لشرك كثير من المؤمنين. وقال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴿١٠٦﴾} صدق الله العظيم [يوسف].
وبسبب المبالغة فيهم زعمت الأمم أنهم شفعاؤهم يوم الدين وصنعوا لهم تماثيلَ أصناماً من بعد موتهم، وحصروا لهم الوسيلة إلى الله من دونهم حتى إذا جمعهم الله بأنبيائهم وقال لرسله: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ﴿١٧﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الفرقان].
ويقصد: "أأنتم يا معشر الرسل أضللتم عبادي فحصرتم لكم الوسيلة إلى الله من دونهم ووعدتموهم بالشفاعة لهم بين يديّ؟". ومن ثم ردّ الرسل والأئمة المكرمون على ربّهم وقالوا: {قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًاِ} صدق الله العظيم، ومن ثم ردّ الله على الذين لا يؤمنون بالله إلا وهم مشركون بسبب المبالغة في الرسل والأئمة وقال لهم: {فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ﴿١٩﴾} صدق الله العظيم [الفرقان].
ولكن لو يتّبع الإمام المهديّ أهواءكم وأقول كمثل قولكم أنّه لا ينبغي لأحدٍ من نساء الأنبياء والأئمة أن ترتكب الفاحشة إذا خلت برجلٍ غريبٍ أو تبرّجت أو خضعت للرجال بالقول وأقول كمثل قولكم أنّهن معصومات من الخطيئة كونهن من نساء الأنبياء والمرسلين والأئمة كونهم معصومين من الخطيئة إذا فلن تغنوا عني من الله شيئاً، وما كان للحقّ أن يتّبع أهواءكم، حقيق لا أقول على الله إلا الحقّ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
ويا أبا حمزة المصري إني لا أجبرك على المباهلة وإنما الذي أجبرني على أن أدعوك للمباهلة هو أنّك تدعو للإشراك بالله، ولربّما يودّ محمود أن يقاطعني فيقول: "ومنذ متى أدعو للإشراك بالله يا ناصر محمد اليماني؟"، ومن ثم نرد عليه ونقول: ذلك يا محمود كونك تدعو إلى تصديق عقيدة شفاعة العبيد بين يدي الربّ المعبود وإنّي أشهدُ الله أنّي لمن أشدّ الناس كفراً بشفاعة العبيد بين يدي الربّ المعبود فكيف يشفع العبد بين يدي أرحم الراحمين؟ فذلك مناقضٌ لصفات الرب، فكيف يشفع من هو أدنى رحمة من الله بين يدي الله أرحم الراحمين؟ ولذلك ضرب الله لكم مثل امرأة نوح ولوط بغض النظر عمّا فعلن، والمهم أنّ نبيّ الله نوح ونبي الله لوط لم يغنوا عن زوجاتهم من أصحاب النار شيئاً. ولذلك قال الله تعالى: {فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} صدق الله العظيم [التحريم:10].
ويا أحبتي في الله إنّما الإمام المهديّ بشرٌ مثلكم يدعوكم إلى ما دعاكم إليه الأنبياء والمرسلين: {اعْبُدُوا اللَّـهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّـهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} صدق الله العظيم [المائدة:72].
وأدعوكم إلى عدم المبالغة في أنبياء الله ورسله وأئمة الكتاب ونسائهم كونهم بشر مثلكم ولا تحصروا الوسيلة إلى الله لهم من دونكم فإن فعلتم وحصرتم الوسيلة لهم من دونكم فقد عصيتم أمر الله إليكم في محكم كتابه في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
فذلكم هو هدي الأنبياء والمرسلين ومن اتبعهم بالحقّ إلى يوم الدين تصديقاً لقول الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} صدق الله العظيم [الإسراء:57]، لم يحصروا الوسيلة لأحدٍ منهم من دون الله بل تجدونهم يتنافسون جميعاً إلى ربهم أيهم أقرب من غير تفضيل لعبد على عبد، ولكن الذين لا يؤمنون أكثرهم بالله إلا وهم مشركون سوف ينكرون ذلك على الإمام ناصر محمد اليماني ويقولون: "كيف تريدنا أن ننافس محمداً رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في حب الله وقربه؟ بل هو الأولى أن يكون هو الأحبّ والأقرب إلى الله منا ولذلك تجدنا نسأل الله له الوسيلة عند كل صلاةٍ كوننا نرجوا شفاعته بين يدي الله"، ومن ثمّ يردّ عليهم الإمام المهديّ وأقول: فإني أشهدُ الله شهادة الحقّ اليقين أنكم إذاً لمن المشركين بالله ولن تجدوا لكم من دون الله ولياً ولا نصيراً كون الله إنما ابتعث رسله ليدعوا عباده إلى عبادة الله وحده لا شريك له ويتنافسون في حبه وقربه ونعيم رضوان نفسه، وينفون جميعاً شفاعة العبيد بين يدي الربّ المعبود. وقال الله تعالى: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿٥١﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
وما ينبغي للإمام المهديّ أن يأمر أنصاره أن يذروا له الوسيلة إلى الله من دونهم بأنّ يسألوها له من دونهم إذاً فقد أمرتهم بالإشراك لو أفعل وأعوذُ بالله أن أكون من الجاهلين، ولم يأمر جدّي محمد رسول الله المسلمين أن يذروا له الوسيلة إلى الله من دونهم ولم يأمرهم أن يسألوها له من دونهم وما ينبغي له أفلا تتقون؟ ولماذا إذاً ابتعث الله أنبياءه ورسله والإمام المهديّ إلا ليخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة الربّ المعبود الله وحده لا شريك له، وكذلك يدعوكم الإمام المهديّ وأجاهدكم بكتاب الله القرآن العظيم جهاداً كبيراً لعلكم تتقون، ولكن أبا حمزة المحترم يصفني بالضال المُضِل للأُمة عن الصراط المستقيم ويصدّ عن اتباع ناصر محمد اليماني صدوداً كبيراً! فمن اتّبع محمود المصري وجعل الإمام المهديّ وراء ظهره فقد غضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً مهيناً وما بعد الحقّ إلا الضلال، فكيف يكون ناصر محمد اليماني على ضلالٍ مبينٍ وهو يدعوكم إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما ينبغي أن يعبد سبحانه وتعالى علواً كبيراً؟ وكيف يكون الإمام ناصر محمد اليماني على ضلالٍ وهو يدعوكم إلى اتباع كتاب الله القرآن العظيم وسنة نبيّه الحقّ التي لا تخالف لمحكم القرآن العظيم؟ وكيف يكون الإمام ناصر محمد اليماني على ضلالٍ وهو يدعوكم للاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم المحفوظ من التحريف ويأمركم أن تتّبعوا آيات الكتاب المحكمات البيّنات هُنَّ أمّ الكتاب آيات بيّنات لعالِمكم وجاهلكم والكفر بما يخالف لمحكم كتاب الله القرآن العظيم سواء يكون في التوراة والإنجيل والسُّنة النبويّة أفلا تتقون؟ ولكن أبا حمزة يصدّ عن هذه الدعوة المباركة صدوداً كبيراً في العالمين وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً مهينا إلا أن يتوب إلى الله متاباً.
فكيف أنّي أجادله بآيات بيّنات من آيات أمّ الكتاب فيذهب إلى آياتٍ أُخر متشابهات ليُأوِّلَها من عند نفسه بغير سلطان العلم من محكم كتاب الله، ويا عجبي الشديد من بعض المؤمنين كيف أنّه يترك آيات محكمات بيِّنةٍ في قلب وذات الموضوع فيذهب إلى آياتٍ أخر متشابهاتٍ لا يعلم بتأوليهن ثم يأوِّلهن من عند نفسه! أولئك في قلوبهم زيغ عن الحقّ المحكم في آيات أمّ الكتاب البينات، ولذلك قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٧﴾} صدق الله العظيم [آل عمران:7].
إي وربي .. {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم، اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد..
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين ..
خليفة الله وعبده الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
______________