- 12 -
الإمام ناصر محمد اليماني
04 - 02 - 1430 هـ
31 - 01 - 2009 مـ
10:26 مساءً
ــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين وآله الطيبين الطاهرين والتابعين للحق إلى يوم الدين، وبعد ..
يا معشر الأنصار الأخيار، إني آمركم بعدم الإساءة لأخويكم من وزرائي حمدي صاحب المهدي ومحمد الرشيدي وما حدث لهما هي سنة في علم الهدى، ولسوف أعلمكم وأعلمهما بالحق، وأقسمُ بالله العلي العظيم بأنّه لم يحدث لهما ذلك إلا بسبب أنهّما كانا من الموقنين بشأن ناصر مُحمد اليماني أنّه المهدي المنتظر الحق من ربهم، ولسوف أعلمكم ما سبب شكِّهما في شأن ناصر محمد اليماني من بعد ما كانا به موقنين، وذلك بسبب عقيدتهما في نفسيهما أنه لن يفتن يقينهما شيئاً أبداً بأنّ ناصر محمد اليماني هو المهدي المنتظر الحقّ من ربهما، وأراد الله أن يُعلِّمهما ويُعلِّمكم درساً في ناموس الهدى في الكتاب، وهؤلاء كانا مُجتهدين بالبحث عن الحق حتى هداهما الله إليه ومن ثم اعتقدا أنّهما لا ولن يشكّا في شأن الحق شيئاً من بعد ما تبين لهما أنّه الحق من ربهما، ويريدُ الله أن يُعلمهما ما علّم به الأنبياء والمُرسلين في علم الهُدى، فتعالوا لنُبحِر سوياً في علم الهُدى في القرآن العظيم.
ويا معشر الأنصار السابقين الأخيار المؤمنين بالقرآن العظيم تدبروا قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نبيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [الحج :52].
وإلى البيان الحقّ، حقيقٌ لا أقول على الله بالبيان غير الحقّ، فآتيكم بالبيان من ذات القرآن حتى يتبيَّن لكم أنه الحقّ، وفي هذه الآية يُعلِّمكم الله أنه لم يهدِ الأنبياء والمُرسلين حتى بحثوا عن الحقّ بالاجتهاد الفكري فتمنّوا أن يتّبعوا سبيل الحقّ ومن ثم هداهم الله إلى الحقّ واصطفاهم واستخلصهم لنفسه وبعثهم إلى الناس رسُلاً من ربّ العالمين، ومن ثم ألقى الشيطان في أمنيّتهِم شكّاً من بعد تحقيقها، ومن ثم يُحْكِم الله لهم آياته ويبيِّنها لهم، ومن ثم يطهِّر الله بآياته قلوبهم من الشك تطهيراً.
فلنبدأ برسول الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وآله وسلم؛ الباحثُ عن الحقّ الذي لم يقتنع بعبادة الأصنام ويرى أنهم لا ينفعون ولا يضرون ومن ثم تفكَّر في خلق السماوات والأرض. وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ( 74 ) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ( 75 ) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ( 76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ( 77 ) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ( 78 )} صدق الله العظيم [الأنعام].
ويا معشر أولي الألباب الذين يتدبرون الكتاب، تدبروا قول إبراهيم: {قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ( 77 )} صدق الله العظيم. وذلك هو التمنّي لاتّباع الحقّ ولا يريد غير الحقّ وهذا هو البيان لشطر من الآية في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نبيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى} صدق الله العظيم [الحج:52]. ومن ثم يهديه الله الحقّ إلى الحقِّ. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} صدق الله العظيم [العنكبوت:69].
ومن ثم نأتي لبيان قوله تعالى: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} وذلك يأتي من بعد أن يهديه الله إلى الحقّ ويستخلصه لنفسه ويبعثه إلى الناس رسولاً حتى إذا علم الله أنّ نبيّه صار يعتقد في نفسه أنه لا ولن يشكّ في الحقّ الذي علّمه الله به أبداً ونسي أنّ قلبه بيد ربه يَصرفه كيف يشاء ونسي أنّ الله يحول بين المرء وقلبه، وأراد الله أن يُعلمهم درساً في العقيدة في علم الهدى، فمن ثمّ يُلقي الشيطان في نفسه شكّاً في الحقّ الذي قد صار يدعو الناس إليه، ومن ثم يُحكم الله له آياته فيبيّنها له فيعلم أنّه على الحقّ المُبين ويطهِّر الله قلبه من الشك تطهيراً.
ونأتي الآن للبيان لقول الله تعالى: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} صدق الله العظيم؛ أي ألقى الشيطان في أمنيّته شكّاً من بعد أن تحقّقت أمنيته وهداه الله إلى الحقّ، فنعود لقصة رسول الله إبراهيم، هل حدث له هذا من بعد أن اجتهد اجتهاداً فكريّاً وبحث عن الحقّ وهداه الله إليه واستخلصه لنفسه وجعله للناس إماماً ورسول الله إليهم وصار يدعوهم إلى الحقّ؟ ومن ثم ألقى الشيطان في أمنيّته الشك ومن ثم حكَّم الله له آياته وطهّر قلبه مما ألقاه الشيطان، وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:260].
ومن ثم نأتي لرسول الله موسى عليه الصلاة والسلام وكان باحثاً عن الحقّ ولا يريد غير الحقّ وكان ينتمي لطائفة ممن كانوا على دين رسول الله يوسف الذي بعثه الله بالبيّنات إلى آل فرعون ولكنهم فرّقوا دينهم شيعاً واختلفوا في البينات، وكان نبيّ الله موسى ينتمي لأحد الطوائف وأرداه أحدهم فقتل نفساً بغير الحقّ. وقال الله تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} صدق الله العظيم [القصص:15].
ومن ثم كادت الحادثة أن تتكرر اليوم الآخر. وقال الله تعالى: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ( 18 ) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (19) وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20)} صدق الله العظيم [القصص].
ومن ثم فرَّ موسى وهو متألمٌ لما حدث وقال: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص:16]، ومن ثم قرّر أن يفرّ من آل فرعون وكذلك يعتزل شيعته الذين كانوا سبباً في قتله لنفس بغير الحقّ ويرى أنه لمن الضالين ولم يهتدِ إلى الحقّ بعد، وقرر الفرار من آل فرعون ويهاجر إلى ربه ليهديه سبيل الحقّ، واصطفاه الله و استخلصه لنفسه وبعثه إلى فرعون رسولاً وقال له فرعون. قال الله تعالى: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21)} صدق الله العظيم [الشعراء:21].
ومعنى قول موسى: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21)} صدق الله العظيم؛ بمعنى أنّه كان من الضالّين عن الطريق الحقّ؛ بمعنى أنه كان يظنّ أنه على الحقّ وتبيَّن له أنه لا يزال ضالاً عن الحقّ وكان يظن أن هذه الطائفة على الحقّ، حتى إذا فرَّ وهاجر في سبيل الله اصطفاه الله واستخلصه لنفسه وبعثه إلى فرعون رسولاً بعد رجوعه من مدين، وبعد أن اصطفاه الله واستخلصه لنفسه وبعثه إلى فرعون رسولاً واعتقد موسى أنّه لا ولن يشك أبداً في الحقّ الذي هداه الله إليه وأيَّده بآيتين من عنده، واعتقد موسى أنّه لا يفتنه شيءٌ عن الحقّ الذي علِمه من ربِّه وأراد الله أن يُعلِّمه درساً في العقيدة في علم الهُدى، فألقى الشيطان في أمنيته شكّاً حين ألقى السحرة عصيهم وحبالَهم فخُيِّل إليه من سحرهم أنّها تسعى وأوجس في نفسه خيفةً موسى، وتزلزلت العقيدة الحقّ في قلب موسى بعد أن هداه الله إليه ومن ثم حكّم الله له آياتِه وأوحى إليه أن أَلق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون، وأعاد الله اليقين إلى قلب موسى وحكم الله له آياته فتبيّن له أنه على الحقّ المُبين. وقال الله تعالى: {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)} صدق الله العظيم [طه].
والشكّ الذي ألقاه الشيطان في أمنية موسى من بعد أن هداه الله إلى الحقّ واستخلصه لنفسه وبعثه إلى فرعون رسولاً، ومن بعد الدعوة ألقى الشيطان في أمنيته شكاً ثم حكّم الله له آياته، وذلك قول الله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)} صدق الله العظيم [طه].
ومن ثم نأتي لنبيّ الله عُزير المؤمن: مرَّ على قريةٍ وهي خاويةٌ على عروشها وألقى الشيطان في أمنيته شكاً بعد إذ هداه الله إلى الحقّ وقال: "كيف يبعث الله أهل هذه القرية من بعد موتهم؟". ومن ثم أماته الله هو وحماره مائة عامٍ ثم بعثه ليُحكم الله له آياته وأراه كيف يكون ذلك، فبعثه ومن ثم بعث حماره وهو ينظر إليه وقال انظر إلى العظام كيف ننشزُها فلما تبيّن له ذلك قال عزير: "أعلم أنّ الله على كُل شيءٍ قدير". وقال الله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} صدق الله العظيم [البقرة:259].
ومن ثم نأتي إلى خاتم الأنبياء والمُرسلين محمد رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم بعد أن وجده الله ضالاً باحثاً عن الحقّ لا يعلم أيُّهُم على الحقّ فيتبعه، هل قومه أم النصارى أم اليهود؟ وكان يعتزل الناس في الغار يتفكر ويريد من الله أن يهديه إلى الحقّ ولم يكن على ضلالٍ لأنه لم يعبد الأصنام ولم يعتنق النصرانية ولا اليهودية ولكنه كان ضالاً عن الطريق الحقّ وهو لا يريد غير الحقّ ثم هداه الله إلى الحق. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى:7]، واصطفاه الله وهداه إلى الحقّ وأوحى إليه بالحقِّ عن طريق جبريل عليه الصلاة والسلام وبعثه الله إلى الناس رسولاً وكان يدعوهم إلى الحقّ ولكنه كان يعتقد أنّه لا يمكن أن يشكّ في الحقّ بعد إذ هداه الله إليه وأراد الله أن يُعلِّمه درساً في العقيدة في علم الهُدى.
وقال له قومه: "إنما اعتراك أحد آلهتنا بسوء بمسّ شيطانٍ وهو الذي يوحي إليك ذلك"، فشكَّ محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إنّ الذي يُكلمه لعله يكون من الشياطين ولم يُبدِ ذلك الشكّ لأحدٍ وهو أمّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وذلك لأن قومه قالوا له: "إن الذي يُكلمك شيطانٌ وليس ملكاً" بسبب إعراضه عن آلهتهم ولذلك رد الله عليهم مع التحذير لنبيه بقوله تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)} صدق الله العظيم [الشعراء].
ولكن محمداً رسول الله أصبح مثله كمثل إبراهيم يُريد أن يطمئن قلبه، وقال تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الحقّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} صدق الله العظيم [يونس:94].
ولكن محمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- لم يسأل الذين أوتوا الكتاب بل أناب إلى الله ويريد أن يعلم علم اليقين أنّه على الحقّ المُبين، ومن ثم أرسل الله له جبريل عليه الصلاة والسلام بدعوة له من ربِّه ليريه بعين اليقين النار ومن فيها من الذين كذبوا بالحقِّ من ربهم من الأمم الأولى ويريه الجنة ومن فيها من المُتقين وأراه الله من آياته الكُبرى ليطمئن قلبه أنه على الحقّ المبين، وقال الله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} صدق الله العظيم [النجم:18].
إذاً أحكَم الله آياته لنبيِّه وأراه من آيات ربّه الكُبرى ليلة الإسراء والمعراج إلى سدرة المُنتهى فطهَّر الله قلبه من الشكِّ تطهيراً، وذلك هو البيان الحقّ لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نبيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [الحج:52].
وعليه إني أُقسم بالله العلي العظيم أنّ صاحب المهديّ حمدي وكذلك مُحمد الرُشيدي كانا من الموقنين أنّ ناصر مُحمد اليماني هو الإمام المهدي الحقّ من ربّهم، كيف وقد قَدَّما النُصرة لأمر ربهم! وسبب فتنتهما هو أنّهما كانا يعتقدان أنّهما لا ولن يشكا في شأن الإمام ناصر مُحمد اليماني وأراد الله أن يُعلّمهما ويُعلّمكم درساً في العقيدة في علم الهُدى بأنّ الله يحول بين المرء وقلبه وأن لا يركن المؤمن على ثقته بنفسه شيئاً، وأن يقولا: "يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على الحقّ المُبين"، عسى الله أن يأتي بهما لينظرا ما جاء في هذا البيان الحقّ من ربهما ليكونا من الموقنين، وأعلم أنّه لم يحدث هذا الإبتلاء لهؤلاء الاثنين فقط من وزرائي، بل حتى اِبن عُمر، أُقسم بالله العظيم أنه حدث له ذلك برغم أنّه لم يُخبرني بذلك وقد بكى بُكاءً مريراً وأناب إلى الله الذي يحول بين المرء وقلبه ومن ثم ثبته الله على الحقّ، وكذلك هؤلاء الاثنين حمدي ومحمد الرشيدي من وزرائي المُكرمين، وأقسمُ بالله العظيم أنهما بكيا بكاءً شديداً بين يدي ربهما وأنهما إليكم عائدان بإذن الله ربّ العالمين، وكذلك حدث لآخرين من قبلهم ولكنهم لم يعلِمونا عن أمرهم وما حدث لهم وقد حدث هذا حتى للأنبياء فكيف بمن هم من دونهم! ومن الصدّيقين بناصر محمد اليماني حدث له ذلك وشكّ أنّ ناصر مُحمد اليماني أنّه المهدي المنتظر بعد أن كان يُحاج على ناصر مُحمد اليماني ويقسم أنه الإمام المهديّ الحقّ من ربهم وفتنوا في ليلة الجمعة غرّة ذي الحجة حين لم تعلن المملكة العربيّة السعوديّة بأن غرّة ذي الحجّة الجمعة وألقى الشيطان في أمنيتهم شكاً وكان يودّ أن يقول كلٌّ منكم إني سقيم ويريد أن يعلم الحقّ.
ومنكم من قال إذا ناصر محمد اليماني ليس إلا من المهديين المُمهدين وعسى أن يكون هو الإمام المهدي وينتظر للمسيح عيسى ابن مريم أن يُعرف الناس بشأنه ويقول يا ناصر مُحمد اليماني لست أنت الإمام المهدي بل المهدي المُنتظر فلان وآن له الأوان أن يعلمَ أنه لمن الوزراء المُكرمين وليس الإمام المهدي المنتظر إمام الأئمة أجمعين، وإنما حدث للوزراء ما حدث للأنبياء وألقى الشيطان في أمنيتكم شكاً من قبل كما ألقاها في قلب الوزير حمدي والوزير محمد الرشيدي، ولكن بعضاً من الوزراء والصديقين لم يبيّنوا لنا ذلك، ولكنّي أعلمُ أنّه سوف يحدث لهم ذلك لجهلهم بعلم الهدى فوثقوا في أنفسهم أنّهم لا ولن يشكوا في الحقّ من ربهم شيئاً بعد إذ هداهم الله إليه وأراد الله أن يُعلمهم درساً في العقيدة في علم الهدى لكي لا يثقوا في أنفسهم شيئاً فيكون أكثر دعائهم يا مُثبت القلوب ثبت قلوبنا على الحق وقد علمنا علم اليقين أنك تحول بين المرء وقلبه وعلمنا حقيقة قولك الحق في مُحكم كتابك على الواقع الحقيقي: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} صدق الله العظيم، [الأنفال:24].
فتقولون: اللهم إننا علمنا أنك حقاً تحول بين المرء وقلبه، فيا مُثبت القلوب ثبت قلوبنا على الحقّ الذي هديتنا إليه واغفر لنا وارحمنا ووعدك الحقّ وأنت أرحم الراحمين.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله رب العالمين..
إمام الأئمة والأمة علمُ الهدى الإمام المهدي خليفة الله في الأرض الناصر لمُحمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ناصر مُحمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــــــ
[ لمزيد من التفصيل الهامّ حول الفتوى المتعلقة باسم نبيّ الله الذي أماته مائة عام ثم بعثه، نرجو الدخول للرابط التالي ]
https://mahdialumma.net/showthread.php?p=169088