- 2 -
الإمام ناصر محمد اليماني
11 - 11 - 1431 هـ
18 - 10 - 2010 مـ
02:56 صباحاً
[ لمتابعة رابط المشاركة الأصليّة للبيان ]
https://mahdialumma.net/showthread.php?p=8971
ــــــــــــــــــــــ
إن الله ابتلى عباده المقربين بالدرجة العالية لِيعلم من يرضى بها ومن يأباها ويُطالِب بتحقيق النّعيم الأعظم منها فيرضى الله في نفسه ..
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ {إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم [الأحزاب]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبيّك الكريم وخاتم النبيين جدّي محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله الأطهار والسابقين الأنصار في الأوّلين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدّين..
يا أيّها المصري ويا معشر المسلمين ويا معشر الجنّ والإنس ومن كلّ جنسٍ من كافة الأُمم ما يَدِبُّ منها أو يطير في السّماوات والأرض، اتقوا الله حقّ تقاته وقَدِّروا الله حقّ قدره فاعبدوا الله كما ينبغي أن يُعبد لا تشركون به شيئاً فجميعكم عبيدٌ لله ولا يوجد بينكم ولدٌ لله سبحانه حتى يكون له الحقّ في ذات الله أكثر منكم. سبحان الله العظيم وتعالى علواً كبيراً! وقال الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا ﴿٩٣﴾} صدق الله العظيم [مريم].
فاتقوا الله يا عبيد الله فلا تتركوا التنافس إلى الربّ للأنبياء من دونكم بسبب عقيدتكم الباطلة أنهم أكرمُ خلقٍ؛ بل أكرمكم عند الله أتقاكم وهم العبيد المُتنافسون إلى الربّ المعبود أيّهم أقرب فلا فرق بين العبيد عند الربّ المعبود تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴿٩٢﴾ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ ۖ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴿٩٣﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
يا معشر الجنّ والإنس إنّ لكلّ فعلٍ فاعلاً وليس من المعقول أنّكم قد خُلقتم من غير خالقٍ لكم وليس من المعقول أنّكم أنتم من خلق أنفسكم أم أنّكم من خلق السّماوات والأرض؟ وقال الله تعالى: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ﴿٢٩﴾ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ﴿٣٠﴾ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ ﴿٣١﴾ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَـٰذَا ۚ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴿٣٢﴾ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ۚ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ ﴿٣٣﴾ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ ﴿٣٤﴾ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴿٣٥﴾ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ ﴿٣٦﴾ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ ﴿٣٧﴾ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ۖ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴿٣٨﴾ أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ﴿٣٩﴾ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ﴿٤٠﴾ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ﴿٤١﴾ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ ﴿٤٢﴾ أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ اللَّـهِ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٤٣﴾ وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ ﴿٤٤﴾ فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ﴿٤٥﴾ يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴿٤٦﴾ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٤٧﴾ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴿٤٨﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴿٤٩﴾} صدق الله العظيم [الطور].
يا معشر الجنّ والإنس، لقد ابتعث الله فيكم من جنسكم الرُسل من ربّ العالمين من الجنّ والإنس إلى الجنّ والإنس ليُذكِّروكم بآيات ربّكم فأبى أكثركم إلا أن يكونوا مُشركين بربّ العالمين، فمن يجيركم من عذاب الله يوم الدّين يوم يقوم الجنّ والإنس لربّ العالمين فيخاطبهم الله العظيم المُستوي على عرشه العظيم فيقيم عليهم الحُجّة ببعث الرسل إليهم ليخبروهم إنّما خلقهم الله ليعبدوه وحده لا شريك له فيتنافسوا في حبّه وقربه تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم [الذاريات].
وأَمَر الله رُسله من الجنّ والإنس أن يقولوا لعبيد الله من الجنّ والإنس: "أنْ اعبدوا الله وحده لا شريك له وكونوا ضمن العبيد المتنافسين إلى الربّ المعبود أيّهم أقرب" فأبى أكثر الجنّ والإنس إلا أن يكونوا كافرين بدعوة رسل ربّهم إلى عبادة الربّ المعبود كما ينبغي أن يُعبد لا يشركون به شيئاً، ثمّ أقام الله عليهم الحُجّة بالحقّ بعد أن بلّغهم الرسل ما أمرهم الله وتَلَوا عليهم آياته فأعرض كثيرٌ من الجنّ والإنس وأقام الله عليهم الحُجّة ببعث الرُسل وقال الله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴿١٣٠﴾ ذَٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ﴿١٣١﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
وقال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم.
ويا معشر البشر، لقد احتقر البشرَ أحدُ الطيور إذْ وجد قوماً منهم يعبدون الشّمس من دون الله فوعظ البشر وقال لهم قولاً بليغاً؛ ذاك هو طائرُ الهدهد وقال: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩ ﴿٢٦﴾} صدق الله العظيم [النمل].
يا عبيد الله ما خلقكم الله عبثاً سبحانه تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴿٣٨﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
وقال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿٤١﴾} صدق الله العظيم [النور].
وجميع من في الكون عبيدٌ، أكرمُهم عند الله أتقاهم الذين هدى الله من العبيد، فتجدونهم يتنافسون إلى الربّ المعبود أيّهم أقرب أولئك الذين هدى الله من العبيد من الجنّ والإنس ومن كل جنسٍ، فبهُداهم اقتدوا جميعاً إن كنتم لله عابدين، فتنافسوا مع العبيد المتنافسين إلى الربّ المعبود أيّهم أقرب، فلا تُعظِّموا العبيد بغير الحقّ وتنسوا تعظيم الخالق.
ولربّما يودّ أخي محمود المصري أن يقول: "ولكنّي أحبّ محمداً رسولَ الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أكثر من نفسي". ثمّ يقول له الإمام ناصر محمد اليماني: نعم والله لا يؤمن من لا يكون محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - هو أحبّ إليه من نفسه وأبيه وأولاده تصديقاً لقول الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} صدق الله العظيم [الأحزاب:6].
وأنا الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني أحبّ محمداً رسول الله أكثر من نفسي وأمّي وأبي ومن النّاس أجمعين، ألا والله لو أفوز بالدرجة العالية الرفيعة في الجنّة لأنفقتها لمحمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - إذا يشاء الله، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ولكن لماذا يا قوم سوف أفعل ذلك؟ والجواب: طمعاً في أعلى درجات الحُبّ في نفس الله حتى أكون أحبَّ عبدٍ وأقربَ عبدٍ إلى نفس ربّي، وحتى ولو تحقق ذلك وفزت بأعلى درجات الحُبّ في نفس الله ثمّ يجعلني الله خليفةً على الملكوت كُلّه فأُقسمُ بالله العظيم ربّ السّماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم أنّي لن أرضى حتى يُحقِّق الله لعبده النّعيم الأعظم من الملكوت كُلّه فيرضى.
ولربّما يودّ أن يقاطعني أحد إخواني المسلمين فيقول: "يا ناصر محمد اليماني، كيف لن ترضى وقد رضي الله عنك لو فزتَ بأعلى درجةٍ في الحُبّ في نفس الله! فكيف تقول إنّك لن ترضى حتى يرضى الله وقد رضي عنك؟". ثمّ يردُّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: يا رجل فهل تعلم لو أنّي رضيتُ بجنّة النّعيم والحور العين وملكوت ربّ العالمين فهذا يعني أني اتّخذت رضوان الله النّعيم الأعظم والأكبر وسيلةً للفوز بالنّعيم الأصغر جنّة النّعيم؟ هيهات هيهات.. وأقسمُ بالله الذي لا إله إلا هو أنّي لن أرضى إلا أن يُحقِّق الله لعبده النّعيم الأكبر من ذلك كُلِّه، وهو أن يرضى في نفسه، وأعوذُ بالله أن يفتنَني ربّي بنعيم الجنّة والملكوت فأرضى ما لم يُحقِّق لي رضوان الله في نفسه لكوني لا اتّخذ رضوان الله وسيلةً؛ بل اتّخذ رضوان الله غايةً ولذلك خلقني حتى أعبدَ رضوان الله في نفسه كون الإمام المهديّ يتّخذُ رضوان الله غايةً وليس وسيلةً لتحقيق الجنّة، فكيف أتّخذ رضوان الله النّعيم الأعظم وسيلةً للفوز بالنّعيم الأصغر جنّة النّعيم والحور العين؟ ولكن رضوان الله نعيمٌ أكبر من جنّة النّعيم، فكيف أتّخذه وسيلةً للفوز بنعيم الجنّة؟ ألم تجدوا فتوى الله في محكم كتابه أن رضوان الله هو نعيمٌ أكبر من نعيم جنّة النّعيم؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [التوبة].
ويا عبيد الله، وتالله ما خلق الله نعيم الدنيا إلا لكي يعلمَ الذين يرضون بها، وذلك مبلغهم من العلم. وما خلق الله الجنّة إلا لكي يعلمَ الذين يرضون بها، وذلك مبلغهم من العلم. ومن ثمّ يتميّز عبادُ الله المُقربون وهم درجات، ولذلك تجدون أنّكم يوم القيامة لستم صنفين اثنين أصحاب الجنّة وأصحاب النار؛ بل ثلاثة أصنافٍ تصديقاً لقول الله تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ﴿١﴾ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴿٢﴾ خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ ﴿٣﴾ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا ﴿٤﴾ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ﴿٥﴾ فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا ﴿٦﴾ وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ﴿٧﴾ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴿٨﴾ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ﴿٩﴾ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ﴿١٠﴾ أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [الواقعة].
ألا وإن المُقربين هم الذين قال الله عنهم في محكم كتابه: {يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57].
ولكن الله ابتلاهم كذلك بالدرجة العالية لِيعلم من يرضى بها ومن يأباها ويُطالِب بتحقيق النّعيم الأعظم منها فيرضى الله في نفسه مهما عرض الله عليه من نعيم الملكوت فلن يزداد إلاَّ إصراراً، ويقول: "أريد النّعيم الأكبر من نعيم الملكوت كله فترضى يا أرحم الراحمين". لكونه يتّخذُ رضوان الله غايةً وليس وسيلةً، بمعنى أنه يريدُ أن يكون الله راضياً في نفسه. ولكن يا قوم كيف يكون الله راضياً في نفسه؟ فلن يتحقق رضوان الله في نفسه حتى يجعل النّاس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ ولذلك خلقهم ليعبدوا رضوان ربّهم، وفي ذلك سرّ عبادة المهديّ المنتظر الذي تجهلون قدره ولا تحيطون بسرّه، ورحمةً بالمهديّ المنتظر الذي يتّخذ رضوان الله غايةً سوف يهدي الله به النّاس جميعاً فيجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ ليتحقّق الهدف من خلقهم تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ} صدق الله العظيم [هود:118-119].
وفي هذه الآية تجدون البشرى من الله في بعث المهديّ المنتظر الذي رحِمه الله فهدى من أجله النّاس جميعاً كونه يسعى لتحقيق الهدف من خلقهم ليتّخذوا رضوان الله غايةً وليس وسيلةً، ولكن أكثركم يجهلون.
ويا معشر الأنصار، مهما كرّم الله المهديّ المنتظر فلا تبالغوا فيه بغير الحقّ إنْ هو إلا عبدٌ من عبيد الله أمثالكم وليس له الحقّ في ذات الله أكثر منكم، فمن اعتقد من أنصاريَّ أنه لا ينبغي له أن ينافس المهديّ المنتظر في حُبّ الله وقربه فقد أشرك بالله ولن يغني عنه المهديّ المنتظر من الله شيئاً، ولن يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً.
ألا والله الذي لا إله غيره لا يكون العبد مُخلِصاً لله حتى يتمنّى أن يكون هو العبد الأحبّ والأقرب إلى الله، وحتى لا يمسّكم الوهن والإحباط ولذلك جعل الله العبد الأحبّ والأقرب هو عبداً مجهولاً من بين العبيد وذلك حتى يتمّ التنافس إلى الربّ المعبود لكافة العبيد من الملائكة والجنّ والإنس ومن كُل جنسٍ وكُلّ منهم يريد أن يكون هو ذلك العبد المجهول العبد الأحبّ والأقرب إلى الربّ إن كنتم إياه تعبدون. فاقتدوا بُهدى الأنبياء والمُرسلين والمهديّ المنتظر فجميعنا ندعوكم بدعوةٍ واحدةٍ موحدةٍ فتجدون كُلّاً من الأنبياء والمُرسلين والمهديّ المنتظر يقول ما قاله رسول الله المسيح عيسى ابن مريم للناس صلّى الله عليه وعلى أُمّه وآل عمران وسلّم، قال: {اعْبُدُوا اللَّـهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّـهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} صدق الله العظيم [المائدة:72].
وما ينبغي لعبدٍ يؤتيه الله الحُكم وعلم الكتاب سواء كان نبيّاً أو من الأئمة الصالحين أن يقول للناس: "اعبدوا الله ربّي وربّكم غير أنه لا ينبغي لكم أن تنافسوني في حُبّ الله وقربه". ويا سبحان ربّي! وأُقسمُ بالله العظيم لو قال ذلك أيُّ أحدٍ من الأنبياء والمرسلين أو المهديّ المنتظر لعذَّبه الله عذاباً ما عذَّب به أحداً من العالمين، فمن الذي يجرؤ أن يُحرِّم على عبيد الله أن ينافسوه في حُبّ الله وقربه؟ فهل هو ولدُ الله سبحانه حتى يقول ذلك؟ وما ينبغي للدعاة إلى الله أن يمنعوا أتباعهم أن ينافسوهم في حُبّ الله وقربه؛ سبحان الله العظيم! وإنما هم عبيدٌ لله مثلهم وليس لهم الحقّ في ذات الله إلا ما لعبيده الآخرين، وإنما الأنبياء والمهديّ المنتظر دُعاةٌ إلى عبادة الله وحده لا شريك له يأمرون عبيد الله أن يكونوا ربانيّين مُتنافسين في حُبّ الله وقربه ولم يأمروا النّاس بتعظيمهم من دون الله فيحصروا التنافس لهم إلى الله من دون أتباعهم الصالحين سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً؛ بل يقولون لعبيد الله: {وَلَـٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} صدق الله العظيم [آل عمران:79].
{وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} صدق الله العظيم [المائدة:35].
واتّبعونا للتنافس في حُبّ الله وقربه أيّنا أقرب فلا فرق بيننا وبينكم إنّما نحن عبيدٌ لله أمثالكم ولكم الحقّ في الله ربّنا وربّكم ما للأنبياء والمهديّ المنتظر، ولم يخلقكم الله عبثاً ولم يخلقكم لتعبدوا سواه فيُعذِّبكم، فقدِّروا ربّكم حقّ قدره واعبدوه وحده لا شريك له وتنافسوا في حُبّه وقربه إن كنتم إيّاه تعبدون.
فكيف تقول يا أخي محمود المصري: إنّ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني على ضلالٍ مبينٍ؟ وأقسمُ لك وللعالمين أجمعين أنّي الإمام المهديّ المنتظر الحقّ من ربّ العالمين ولعنة الله على الكاذبين، فمن أظلمُ ممّن افترى على الله كذباً أو كذَّب بالصدق إذا جاءه أليس في جهنّم مثوًى للمُتكبِّرين؟ فاتقِ الله أخي الكريم فقد بايعتنا المرة الأولى ثمّ كان سبب فتنتك المُبالغة في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كونك تعتقد أنه لا يجوز لك أن تُنافسهم في حُبّ الله وقربه، ثمّ فتنك الله حتى حينٍ ثمّ هداك إلى الحقّ مرةً أخرى وبايعتَ الإمام المهديّ على أن تُقدِّر ربّك حقّ قدره فهداك الله حتى حينٍ، ثمّ فتنك بسبب العودة للمُبالغة في تعظيم الأنبياء والمُرسلين فعظَّمتَهم بغير الحقّ، والتعظيم بغير الحقّ هو أن تعتقد أنه لا ينبغي لك أن تُنافسهم في حُبّ الله وقربه، ثمّ أشركت بالله وفتنك للمرة الثانية ونقضْتَ عهدك وبيعتك على الحقّ ثمّ ازدَدْتَ كُفراً وجعلت موقعاً مُضاداً للإمام ناصر محمد اليماني ليكون إرصاداً لمن يُحارب دعوة الإمام ناصر محمد اليماني وتصِف أن ناصر محمد اليماني على ضلالٍ مبينٍ، ويا سبحان ربّي! فكيف يكون الإمام ناصر محمد اليماني على ضلالٍ مبينٍ وهو يدعوكم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ويقول لكم: لا تُعظِّموني بغير الحقّ إن صدَّقتم أني المهديّ المنتظر، فلا تعتقدوا أنّه لا ينبغي لكم أن تُنافسوا المهديّ المنتظر في حُبّ الله وقربه، فإن اعتقدتم بذلك فقد أشركتم بالله.
وما دعَوْتكم يا محمود المصري إلى عبادتي، سبحان ربّي! وإنما أنا عبدٌ لله مثلكم؛ بل دعَوْتكم يا محمود إلى عبادة ربّ الوجود الله ربّي وربّكم وربّ كل شيءٍ لا إله غيره ولا معبود سواه، فكيف تصِف دعوة ناصر محمد اليماني أنها على ضلالٍ مبينٍ يا محمود؟ اتقِ الله أخي الكريم فهل وجدتني من الذين يدعون إلى سبيل الله بغير بصيرةٍ من الله أم إنّك تجدني أُحاجّكم بذات بصيرة محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - القرآن العظيم؟ فكن من الشاكرين أخي الكريم ولا تكن من الكافرين؛ بل كن من الشاكرين أن جعل الله خليفته المُنتظر في أمّتك؛ بل وقدّر الله لك العثور على دعوة المهديّ المنتظر في عصر الحوار من قبل الظهور، فلمَ لا تكون من الشاكرين وقد أعثرك الله على الحقّ من بعد أن كنت تبحث عنه فهداك الله إليه؟ ولكنّ الله أزاغ قلبك بسبب المبالغة في أنبياء الله ورسله وليس لهم الحقّ عليك إلا المحبّة يا محمود، فليكن أحبّهم إلى قلبك هو الذي جاء بهذا القرآن العظيم الذي صبر على الأذى حتى أكمل الله لكم دينكم وترككم على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها ثمّ فتنكم الشياطين من بعد ذلك فاختلفتم في دينكم كما اختلف الذين من قبلكم من أتباع الأنبياء من بعد أن آتاكم الله البيّنات وقال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّـهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّـهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٢١٣﴾ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّـهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ ﴿٢١٤﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
فانظر لقول الله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} صدق الله العظيم، وسبب اختلافهم هو بسبب مكر أعداء الأنبياء من شياطين الجنّ والإنس المُفترين على رسل ربّهم بغير الحقّ حتى يُضِلّوا النّاس عن الصراط المستقيم من بعد أن تركهم أنبياؤهم وهم على الصراط المستقيم ثمّ يجعلونهم يبالغون في أنبياء الله ورسله وبمن كرَّمَهُ الله منهم حتى يعيدوهم للإشراك بالله ربّ العالمين مرةً أخرى فيدعون عبيده ليقربوهم من الله زُلفى ويعتقدون أنّهم شفعاءهم عند الله، ثمّ يبعث الله نبيّاً جديداً ليخرجهم بآيات الله البيّنات من الظلمات إلى النّور تصديقاً لقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿٩﴾ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلِلَّـهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّـهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴿١٠﴾ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴿١١﴾ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿١٢﴾ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴿١٣﴾ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ ﴿١٤﴾} صدق الله العظيم [الحديد].
وإنما الآيات البيّنات هُنّ المحكمات الواضحات لعالمكم وجاهلكم تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴿٩٩﴾} صدق الله العظيم [البقرة]. ومن الآيات البيّنات فتوى الله كيف يعبدُ الأنبياءُ ربَّهم وقال الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57]. ولم يجعل الوسيلة إلى الربّ حصرياً لهم من دونكم سبحانه وتعالى علوا كبيراً! بل كذلك أمركم الله أن تقتدوا بهداهم وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [المائدة]. فلِمَ تعصي أمر الله إليكم يا محمود فتحصر الوسيلة إليه للأنبياء والمرسلين من دون الصالحين؟ فإنك لمن الخاطئين.
ويا أخي الكريم؛ والله الذي لا إله غيره إنّه يعزّ عليّ قولك بأنك سوف تفارقنا؛ ولكن محمود المصري هو جزءٌ من هدف الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني فلا تُفارِقنا أخي الكريم، وأقسمُ بالله العظيم ما سبب مُخاطبتي لك بالحكمة الآن والموعظة الحسنة خوفاً من مكرك بموقعنا كلا وربّ العالمين؛ بل أقسمُ بربّ العالمين أنّ ذلك حرصٌ من الإمام المهديّ على هُدى أخي الكريم حبيبي في الله محمود المصري عسى أن يكون وليّاً حميماً ويهديه الله إلى الصراط المُستقيم، فارفقوا به يا معشر الأنصار وقولوا له قولاً حسناً.
ويا أحبتي الأنصار جميعاً، لقد بعث الله الإمام المهديّ وأتباعه رحمةً للعالمين كما بعث محمداً رسول الله وأنصاره عليه وعليهم الصلاة والسلام رحمةً للعالمين، فاصبروا على النّاس مهما كان أذاهم اللفظي فلن يضروكم إلا أذًى فليكن محمود المصري وغيره هو جُزءٌ من هدفكم حتى يتبيّن لهم أنّكم تدعون إلى الحقّ وتهدون إلى صراطٍ مستقيمٍ.
ويا معشر الأنصار، لا تيأسوا من روح الله أحبتي في الله فتذكّروا نعيمكم الأعظم وهو أن يكون الله راضياً في نفسه، ولكن يا قوم كيف يرضى الله في نفسه على عباده ما لم يهدِ الله من في الأرض جميعاً تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} صدق الله العظيم [يونس:99].
ألا وإن ذلك ليس على الله بعزيز، ولكن الذي يؤسفني أنّه إلى حدّ الآن أجد في الكتاب أنّ العالمين لن يؤمنوا بالقرآن العظيم جميعاً؛ بل سوف يستمر الشكّ في الحقّ من ربّهم حتى يروا آية الدُّخان المُبين ثمّ يؤمنون بالقرآن جميعاً فيتّبعونه فتظلّ أعناقهم لخليفة الله خاضعين تصديقاً لقول الله تعالى: {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴿٤﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].
وقال الله تعالى: {حم ﴿١﴾ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ﴿٣﴾ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴿٤﴾ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا ۚ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴿٥﴾ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٦﴾ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴿٧﴾ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿٨﴾ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴿٩﴾ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١١﴾ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾ أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ ﴿١٣﴾ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ﴿١٤﴾ إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا ۚ إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ﴿١٥﴾ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [الدخان].
وذلك العذاب ليس عذاب قيام السّاعة؛ بل يحدث قبل قيام السّاعة ويُسمّى في الكتاب عذاب يومٍ عقيمٍ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ﴿٥٥﴾} صدق الله العظيم [الحج].
ولكنّ الله علّمكم أنه سوف يُزيل الشكَّ في القرآن العظيم من قلوب العالمين أجمعين بآية الدُّخان المبين تصديقاً لقول الله تعالى: {حم ﴿١﴾ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ﴿٣﴾ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴿٤﴾ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا ۚ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴿٥﴾ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٦﴾ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴿٧﴾ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿٨﴾ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴿٩﴾ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١١﴾ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾ أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ ﴿١٣﴾ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ﴿١٤﴾ إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا ۚ إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ﴿١٥﴾ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم.
وآية العذاب هذه تأتي قبل يوم القيامة بحسب أيام البشر، وللأسف أنّني أجد العذاب سوف يشمل قُرى الكفار والمسلمين جميعاً لكونهم قد أعرضوا جميعاً عمّا أنزل الله إليهم في القرآن العظيم وأعرضوا عن اتّباعه واتخذوه مهجوراً، ويتّبع المسلمون ما يخالف لمحكم القرآن العظيم وعصوا أمر ربّهم وحصروا الوسيلة إلى ربّهم للأنبياء من دون الصالحين ويحسبون أنهم مهتدون، ولذلك تجدون العذاب سوف يشمل كافة قُرى البشر المعرضين عن الذِّكر مسلمهم والكافر تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
{أُو۟لَـٰۤئكَ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} صدق الله العظيم [الإسراء:57].
{وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴿٥٨﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين ..
أخوكم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
_________________