الله الله يا أحبابي الكرام
معرفة الله مفتاح كل خير ومفتاح سعادة النفوس لأن بمعرفته يا أحبابي
تتفتح الأسماع والأبصار والأفئدة وتحن القلوب وتعمر بالوجل والرحمة
فتحيا وتزداد شوقا وحبا ولا تسكن بذلك الا به ، الله الله لمن جعل في قلبه
الود والمحبة وهو سبحانه الذي يحرك وجدان المحبين اليه فتتوالى الاشراقات
واللوامع حتى عانقناه بشوق المحبين وسجدنا له سجود الخاضعين
، أليس الله الودود هو من أمد عبده بمواهب
وجعلها موصولة به في تحننها وتذكرها ومحبتها الخالصة فيكشف لها من عطاءه
من الابصار برحمته وينعمها برضوانه فالقرب يا أحباب الله ليس قرب مسافات بل هو
ما يستولي على القلب من طهر وصدق ومحبة هيبة وحياءا من القدوس فتشرق معارف
على القلوب الطاهرة التي تطهرت وأخلصت الى المنعم الودود وهذا ان دل يا أحباب الله
على شيء فانما يدل على صفات الله الكاملة والجامعة لكل الشمائل الرحيمية والرضوانية
التي لا نهاية لها والله تعالى مكرمكم بها فروح عنكم من روحها وتأييدها ما يهون عليكم
وهج الدنيا فهو سبحانه الذي يكشف لقلوب أصفياءه من المعاني المذخورة والأسرار
المخزونة وغرائب العلوم وطرائف الحكم فيبقى العبد مشدوها مستروحا من تعب
ما حملت نفسه من الرعاية بحسن العناية .
فاهنأ أخي وحبيبي في الله عرفت طريقي فكم يسيل الدمع مهراقا حياءا من الله وانها
لنظرة صادقة تولدت من نظر القلب الى غنى الله وجلاله وقدرته وعلمه وحكمته
وفضله العظيم على عباده وان لله عبادا اصطفاهم من بين خلقه أحبهم وأحبوه
وجاهدوا موقنين في قلوبهم الرحمة والمحبة مرسوم في جبينهم الأطهر
أغلى هدف وأصدق وأرفع من كل المعاني الايمانية السامية
فلمس آثارها في أعماقه
وأشرقت عليه رحماتها وفيوضاتها وهمس الشوق والحنين في كيانه فكيف
نستأنس بسواك يا محبوبنا ؟ وسجلوا يا أحباب بدماء الفخرأن كل ما يستولي
على القلب هو ما كان غالبا عليه وما كان حاضرا في قلبه على الدوام
وهذا كلام أحبابي لو كتب بمداد الذهب لكان عبرة لمن يعتبر فلا يوهمننا
أحد أنا على بدعة أو ضلال حتى لو أقسموا جهد أيمانهم لأنهم ليسوا هم
من سيقسم رحمة ربي ، ولأنه من غلب عليه ذكره بأعماقه وكأنه يراه ويبصره
وان كان غائبا عنه فذلك في علم الله علما حقا ، وهذا العلم الحق هو من
فيوضات الرحمة التي تحرك الأشجان وتهزها هزا بجلال الرحمة في وداعة
الماء المنهمر خشوعا واجلالا وحياءا تظهر آثاره على محيا عذب وجل
أشرقت فيه الرحمات وفاض عليها من جود الحق بصدق محبتها .