الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني
09 - ذو القعدة - 1431 هـ
17 - 10 - 2010 مـ
05:13 صباحًا
(بحسب التّقويم الرّسميّ لأمّ القُرى)
_____________
أحَدُ عُلماءِ السُّنة مِنَ المَملكةِ العربيَّة السُّعودِيَّة يتَقدَّمُ للبَيعة بالحَقِّ ..
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ {إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم [الأحزاب]. اللهم صَلِّ وسلِّم وبارِك على نَبيّك الكَريم وخاتَم النَّبيِّين جَدّي مُحَمَّد رسول الله صلّى الله عليه وآله الأطهار والسَّابقين الأنصار في الأوَّلين وفي الآخِرين وفي المَلَإ الأعلَى إلى يوم الدِّين..
السَّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته حبيبي في الله، ولسوف أُفتيكَ بالحَقّ لماذا هداكَ الله إلى الحَقّ، وتَجِدُ الجوابَ في مُحكَمِ الكِتابِ أنّ سَبَب هِدايتِكَ إلى الحَقّ هو أنَّ الله آتاكَ الحِكمة لِكونِك استخدمتَ عقلكَ فأنتَ مِن أُولي الألباب؛ وتجِدُ الجوابَ في مُحكَمِ الكتاب عن سَبَب هِدايَتِكَ في قول الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٢٦٩﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وقال الله تعالى: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم [البقرة:١٩٧].
وقال الله تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم [آل عمران:٧].
وقال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} صدق الله العظيم [المائدة:١٠٠].
وقال الله تعالى: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٩﴾} صدق الله العظيم [الرعد].
وقال الله تعالى: {هَـٰذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٥٢﴾} صدق الله العظيم [إبراهيم].
وقال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [ص].
وقال الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [الزمر].
ولِذَلِك لَن تَجِدَ أنَّ الله هَدَى مِن عِبادِه إلَّا أولي الألباب الذين لا يَحكُمونَ على الدَّاعِيَةِ إلى الله قَبْلَ أن يَسمَعوا قَولَه؛ بل يَستَمِعونَ القولَ أوَّلًا فيَدَّبَّرونَ في سُلطانِ عِلمِ الدَّاعِيَة هل تقبَلُه عُقولهم؟ ومِن ثمّ يَتَّبِعونَ أحسَنه إن تبيَّنَ لهم أنّه الحَقُّ مِن ربّهم كونها تقبَّلتهُ عُقولهم أنّه الحقُّ مِن ربّهم، وأولئِكَ بشَّرَهُم الله بالهُدى في مُحكَمِ كتابِه وأفتَى أنّهم فقط الذين هَدى الله مِن عبادِه في كلِّ زمانٍ ومكانٍ سواءٌ في عَصرِ بَعثِ الأنبياء أو بَعثِ المهديّ المنتظر، وتَجِدُ الفتوى في مُحكَمِ كتابِ الله أنّه لم يَهدِ إلى الحَقّ إلَّا الذين لم يَحكُموا مِن قبل أن يَستَمِعوا إلى مَنطِقِ الدَّاعِيَة؛ بل لأنّهم مِن الذين تَوَرَّعُوا بالحُكم على الدَّاعِيَة أنّه على ضَلالٍ حتى استَمعوا إلى قَولِه وسُلطانِ عِلمِه ومِن ثمّ حَكَّمُوا عُقولَهم فتَبيَّنَ لهم أنَّه الحَقُّ مِن ربّهم، وأولئِكَ بشَّرَهُم الله بالهُدَى في مُحكَمِ كتابِه في قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الزمر]، وذَلِك لأنَّ العَقلَ نِعمَةٌ مِن الله على الإنسان وعنه سوفَ يُسألُ، وإذا ذهبَ عَقلُه رفعَ الله عنه القَلمَ حتى يُعيدَ إليه عَقلَه الذي سوفَ يَسألُه الله عن التَّفكُّرِ به مِن قبل الاتِّباعِ الأعمَى لِمَا ليسَ له به عِلمٌ مِن الله أنَّه الحَقّ مِن ربِّه، ولذلك سوفَ يَسأله الله عن استِخدامِ ما أنعَمَ به الله عليه؛ لِماذا لَم يَستَخدِمْ عَقله فلا يَتَّبِع الاتِّباع الأعمَى؟ ولذلك قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴿٣٦﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
وأمّا أصحابُ النَّار فتَجِدُ أنَّهم هُم الذين لا يَعقِلون وهم الذين يتَّبِعونَ الذين مِن قبلِهم اتِّباعًا أعمى لكونِهم أعلَم وأحكَم في نظرِهم؛ ولم يَستَخدِموا عُقولهم شيئًا، وأولئِكَ حَطَبُ جهنّم - الذين لا يَستَخدِمونَ عُقولَهم في التَّميِيزِ بين الحَقّ والباطِل - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَـٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴿١٧٩﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
وكذلك تَجِدونَ الفَتوى مِن الكافرينَ عن سبَبِ ضَلالِهم عن الصِّراطِ المُستَقيم؛ فقالوا إنَّه لعَدَمِ استخدامِ العَقلِ ولذلك قالوا: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم [الملك].
فيا أهلًا وسَهلًا ومرحبًا بمَن جعَلهُ الله مِن أُولي الألباب الذين تَدبَّروا البيان الحَقِّ للكتابِ للإمام المهديّ المُنتَظَر الحقّ مِن ربِّهم فوَجَدوا أنّ بيان الإمام ناصر محمد اليماني ليسَ مُجَرَّد تفسيرٍ بل يَستَنبِطُ البيان الحقّ للقرآن مِن آياتِ الكتابِ البَيِّناتِ المُحكَماتِ هُنّ أُمّ الكِتاب التي لا يَكفُر بها إلَّا الفاسِقون تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴿٩٩﴾} صدق الله العظيم [البقرة]، لِكَونِ هذه الآيات تأتي مُبَيِّناتٍ لآياتٍ آخرى في الكِتاب تصديقًا لقول الله تعالى: {لَّقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ ۚ وَاللَّـهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٤٦﴾ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَـٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴿٤٧﴾ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ ﴿٤٨﴾ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴿٤٩﴾ أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٥٠﴾ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥١﴾} صدق الله العظيم [النور].
فما هي الآيات المُبَيِّنات؟ إنَّها آياتٌ في الكتابِ تنزَّلَتْ مُبَيِّناتٍ مُحكَماتٍ للعالِم والجاهِل لكُلِّ ذِي لِسانٍ عَربيٍّ مُبينٍ، وسَبَقَ دعوة أهل الكتابِ إلى الاحتِكامِ إلى تِلكَ الآياتِ المُبَيِّناتِ لِمَا كانوا فيه يَختَلفون - أهل الكتاب - تصديقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿٧٦﴾} صدق الله العظيم [النمل]. وإنّما الله هو الحَكَمُ بينهم بالحَقّ فيما كانوا فيه يَختَلفون وما على مُحَمَّدٍ رسول الله - صَلّى الله عليه وآله وسَلَّم - إلَّا أن يَستنبِطَ لهم حُكْم الله بينهم مِن مُحكَم كتابِه القرآن العظيم، وقال الله لِرَسوله في مُحكَمِ الكتاب أن يقولَ لهم: {أَفَغَيْرَ اللَّـهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} صدق الله العظيم [الأنعام:114].
قال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴿٤٩﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
وذلك لأنّ القرآن جَعَلَهُ اللهُ المُهَيمِنَ والمَرجِعَ للتَّوراةِ والإنجيلِ وقال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} صدق الله العظيم [المائدة:48].
وقال الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّـهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ﴿١٥﴾ يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
وقال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [الرعد].
ومِن ثمَّ تَمَّتْ دَعوَتُهم مِن محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - إلى الاحتِكامِ إلى الآيات البَيِّناتِ في مُحكَمِ كتابِ الله القرآن العظيم فأعرَضَ فَريقٌ مِن الذين أوتُوا الكتابَ عن الدّعوةِ إلى الاحتِكامِ إلى كتابِ الله، وقال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّـهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
ولكن يا حبيبي في الله لِلأسَف فبِما أنَّ عُلماءَ المُسلِمين قد اتَّبَعوا مِلّتَهم إلَّا مَن رَحِمَ ربّي وفَرَّقوا دينَهم شِيَعًا وأحزابًا وكلّ حِزبٍ بما لديهم فَرِحونَ ويقولون على الله ما لا يَعلمونَ، ولذلك تَجِدُ النَّتيجة هي واحدةً لكونهم اتَّبَعوا مِلَّةَ فَريقٍ مِن الذين أوتوا الكتابَ وهم المُعرِضونَ عن دعوة الاحتِكام إلى كِتاب الله القُرآن العَظيم، ولذلك تَجِد عُلماء المُسلِمين كذلك أعرَضوا مِثلهم عن دعوة الاحتِكام إلى كتاب الله القرآن العظيم في عَصْرِ بَعْثِ المَهديّ المُنتظَر خليفة الله في الأرض، ولكنَّهم أنكروا عليه أنّه عَرَّفَهُم بشأنِه فيهم وقالوا: "لماذا يَقول أنَّ الله هو مَن اصطَفاهُ عليهم وزادَه بسطةً في العِلم؟"، وقالوا: "بل نحن مَن نختارُ المَهديّ المُنتظَر في قَدَرِه المَقدورِ مِن بَين البَشَر ونقول له أنّه هو المهديّ المُنتظَر خليفة الله عليهم". وحتّى لو أنكرَ فيُجبِرونَه على البيعة وهو صاغِرٌ! ويا سبحان ربّي! فكيف يَحِقُّ لَهُم أن يَختاروا خليفة الله مِن دونِه سبحانه وتعالى عُلوًّا كبيرًا؟! فلم يَجعَل الله لهم الخِيرة مِن الأمرِ في اختِيارِ خليفة الله مِن دونِه؛ بل الأمرُ لله وحدَه يَخلقُ ما يشاءُ ويَختارُ ولا يُشرِكُ في حُكمِه أحدًا، وقال الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [القصص].
ويا عَجَبي الشَّديد مِن قَومٍ يَعتَقِدونَ بالحَقّ بأنّ الله جعلَ المهديّ المُنتظَر الإمامَ لرسولِ الله المَسيح عيسى ابن مريم ومِن ثمّ يَعتقِدونَ بالباطِل أنّهم هُم مَن يَختارُ المهديّ المُنتظَر في قَدَرِه إذا وُجِد بين البشر! فما يُدريهِم أيّ البشر المهديّ المنتظَر؟! وما يُدريهِم بقَدَر بَعثِه المَقدورِ في الكِتابِ المَسطورِ وفي أيّ أمّةٍ وجِيلٍ ما لم يُعَرِّفهُم بنفسِه ويقول: "يا أيُّها النَّاس إني خليفة الله عليكم قد جعلني الله للناس إمامًا وزادَني على عُلمائِكم بَسْطةً في عِلمِ الكِتابِ حتى لا يُجادِلَني أحَدٌ مِن القرآن إلَّا غلبتُه بسُلطانِ العِلمِ الحَقّ المُقنِع للعقلِ والمنطِق"؟ فإذا أصدَقَه الله هذا التَّعريفَ فقد أصبحَ مِن الصَّادقينَ الذين لا يَفتَرونَ على الله كَذِبًا، وإذا ألجَمهُ ولو واحِدٌ مِن عُلماءِ المُسلمين بِعِلمٍ هو أهدى مِن عِلمهِ وأصدَق قِيلًا فقد تبيَّنَ أنّه مِن المَهدِيّينَ الذين تتخبّطُهم مُسوسُ الشياطين فتُوسوِس لهم في صُدورِهم أنْ يقولَ أنّه المهديّ المنتظر، وتِلكَ حِكمةٌ خَبيثةٌ مِنَ الشياطين حتى إذا بعثَ الله المَهديّ المُنتظَر الحَقّ مِن ربّهم فيقول المسلمون: "ليس هذا إلَّا كَمثل الذين خَلوا مِن قَبلِه مِن الذين يَدَّعونَ شخصيّة المهديّ المُنتظَر"، ثمّ يَحكُمون عليه بالباطِل مِن قبل أن يسمَعوا قوله ويتَدبّروا سُلطانَ عِلمِه.
ولكِنَّكَ يا أيُّها العالِمُ الجَليلُ مِن المملكة العربيّة السُّعوديّة قد نجَوتَ مِن هذا المَكْرِ وصَدَّقتَ المَهديّ المُنتظَر الحَقّ مِن رَبّكَ لكونِكَ مِن خَير البَرِيَّة وهم أولو الألباب مِن خَير الدَّواب، وأمّا أشَرّ الدَّواب فتَجدُ الجوابَ في مُحكَم الكِتاب في قول الله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّـهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [الأنفال]. أولئِك هم أصحابُ الجَحيم ولذلك قالوا: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم [الملك].
ويا أيُّها العالِمُ الجَليلُ مِن المَملكة العربيّة السُّعوديّة، إنّي مُضطرّ أن أقومَ بتنزيلِ بيانِك إلينا على الخاص مع الرَدِّ مِنِّي عليكَ بالحقّ، وأمّا سُؤالك الذي تسأل فيه عن بيان ما يلي: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٣﴾ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴿٤﴾} صدق الله العظيم [الزخرف]. فهذه الآية مِن الآياتِ المُحكَماتِ يتكلَّمُ الله فيها عن القرآنِ العظيم بأنَّه يوجدُ في أصْلِ الكِتابِ في اللَّوحِ المَحفوظِ، وذلك هو المقصودُ مِن قول الله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ}، ويقصِدُ أنّه في كتابِ الله الأصْل الذي كتبَ الله فيه ما كان وما سيكونُ إلى يومِ الدِّينِ ومِن ضِمنِ الأحداثِ الغَيبِيّة القُرآن العظيم كَتَبَه الله في اللّوح المحفوظ تصديقًا لقول الله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ ﴿٢١﴾ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [البروج]، ويُسمى ذلك الكِتابُ بالكِتابِ المَكنونِ وهو الأصْلُ لكافّة الكُتبِ السَّماويَّة ويتمّ نَسخُها مِنه تصديقًا لقول الله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴿٧٥﴾ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴿٧٦﴾ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴿٧٧﴾ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ﴿٧٨﴾} صدق الله العظيم [الواقعة]. والكِتاب المَكنونُ هو ذاتُ اللَّوحِ المَحفوظ تصديقًا لقول الله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ ﴿٢١﴾ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم. ومكان ذلك الكتاب في مكانٍ عَلِيٍّ عند ربّ العالمين تصديقًا لقول الله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴿٤﴾} صدق الله العظيم.
وأمَّا وصْفُ الكِتابِ بالحَكيمِ فتَجِد الجوابَ في مُحكَم الكتابِ أنَّه مِن أوصافِ القرآن وقال الله تعالى: {يس ﴿١﴾ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴿٢﴾ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٣﴾ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٤﴾} صدق الله العظيم [يس]. فذلك مِمَّا وصَفَ الله به كتابَه الحَكيم. وكذلك وَصَفَه بالعَظَمة وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴿٨٧﴾} صدق الله العظيم [الحجر]. وكذلك وصَفَه الله بالعِزَّةِ وقال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴿٤١﴾ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴿٤٢﴾} صدق الله العظيم [فصلت]. وكذلك وصفَه الله بالنُّور كونَه نورًا تحيَا به القلوبُ المُبصِرة ولذلك قال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٥٦﴾ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿١٥٧﴾ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴿١٥٨﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
وإنّما يُخرِجُهم بِه مِن الظُّلُماتِ إلى النُّور بآياتِ الكتابِ البَيِّناتِ تصديقًا لقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} صدق الله العظيم [الحديد:9].
وكذلك يُسَمِّيهِ الله سبحانه بالفُرقان كونكم إذا احتَكمتُم إلى مُحكَمِ القرآن تستطيعوا أن تُفَرِّقوا بين الحقّ والباطل تصديقًا لقول الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴿١﴾} صدق الله العظيم [الفرقان]. وكذلك يُوصِفُ الله القرآن العظيم أنَّهُ حَبْلُ الله وأمَرَكم أن تعتَصِموا بحبلِ الله ولا تتفرَّقوا، وإنَّما الاعتِصام هو أن تَتَّبِعوهُ وتكفروا بِما خالَفَ لمُحكَمِه سواءٌ يكون في التَّوراة أو في الإنجيل أو في السُّنَة النَّبويَّة؛ فذَروا ما يُخالِفُ القرآن وراءَ ظهوركم واعتَصِموا بِحَبْلِ الله القرآن العَظيم البُرهان للحَقّ مِن رَبّ العالَمين المَحفوظِ مِن التَّحريفِ إلى يوم الدِّين ليكون حجَّة الله على النَّاس يوم الدِّين لكونِه رسالة الله الشَّاملة للإنس والجِنّ، وجعَلَه اللهُ حبلَه المَمدودُ مِن السَّماء إلى الأرضِ؛ مَن اعتَصَمَ به هُدِي حين يَجدُ ما يُخالِفه فَقَد هُدِي إلى صراطٍ مُستقيمٍ كونَه البُرهان للحَقِّ مِن رَبّ العالَمين وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ﴿١٧٤﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿١٧٥﴾} صدق الله العظيم [النساء].
فانظروا لقول الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ﴿١٧٤﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿١٧٥﴾} صدق الله العظيم، وذلك هو حَبْلُ الله الذي أمَركم الله أن تعتصِموا به حينَ تَجِدونَ ما يُخالِفه سواءٌ يكون في التَّوراة أو في الإنجيلِ أو في السُّنة النَّبويّة فلا تتفرَّقوا؛ فَذَروا ما خالَفَ لمُحكَمِ كتابِ الله وراءَ ظهورِكم واعتَصِموا بحبلِ الله القرآن العظيم إن كُنتم به مُؤمنين تصديقًا لقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} صدق الله العظيم [آل عمران:103].
وقد علِمتُم المَقصودَ مِن حَبْلِ الله الذي أمَرَكم بالاعتِصامِ به أنَّه القرآن العظيم الذي أمَرَكم الله أن تعتَصِموا به وتكفروا بِما خالَفَ لمُحكَمِه لكونِه هو البرهانُ الحَقّ فيما كنتم فيه تختَلفون تصديقًا لقول الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ﴿١٧٤﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿١٧٥﴾} صدق الله العظيم.
ويا أيُّها العالِمُ الجَليلُ الضَّيفُ المُكرَّم مِن عُلماءِ المُسلمين مِن المَملكة العربيّة السُّعوديّة، إنّني أُشهِدُك وكفى بالله شَهيدًا أنّي لَن أفعلَ كَمثل جهيمان - مِن المَهديّين الذين تتخبَّطُهم مُسوسُ الشياطين - الذي ظهرَ للبيعة في الحَرَم المَكِّي مِن قَبْل التَّصديق، ولكنّي الإمام المَهديّ الحَقّ مِن رَبّ العالَمين أدعوكم إلى الحوارِ مِن قبل الظُّهور ومِن بَعْد التَّصديق أظهرُ لَكُم عِند البَيْت العَتيقِ. فلماذا يَحجبونَ موقِعَ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني في دولتِهم؟! فمَن يُجيرهُم مِن الله إنْ كان ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ هو المَهديّ المُنتَظَر الحَقّ مِن رَبّ العالَمين؟ فما هي حُجَّتهم على الإمام ناصَر مُحَمَّد اليمانيّ حتى يقوموا بِحَجْب مَوقع النُّور للعالَمين (مُنتديات البُشرى الإسلاميَّة - مَوقع الإمام المَهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ) أفلا يَتَّقون؟! فإذا كانوا يَرونَني على ضَلالٍ مُبينٍ فليتَفضَّلوا للحِوارِ في طاولةِ الحوارِ العالَميّة لِكُلِّ البَشَر - مُسلِمهم والكافِر - (مَوقِع الإمام المَهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ) وإذا حضَرَ أحَدهم وتَمّ التَّعدي على حُقوقِه فإن تلك حُجَّةٌ على ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ وأتباعه، وكذلك إذا تمّ حظرُهم بِغَير ذَنبٍ إلَّا أنَّهُم يُخالِفون الإمام ناصر مُحَمَّد اليمانيّ فإنَّ تِلكَ حُجَّةٌ على ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ وأتباعِه، هيهات هيهات.. إنّما يَتِمّ حَظرُ قومٍ يُجادِلونَ في الله بِغَيرِ عِلمٍ ولا هُدًى ولا كِتابٍ مُنيرٍ ولا يجِدونَ غير السَّب والشَّتمِ والتَّكذيب بِغَير سُلطانٍ، وأمّا الذين يُحاوِرونَ الإمام ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ بِعِلمٍ وسُلطانٍ، أو الباحِثون عَن الحَقِّ مِن العالَمين فإنَّ حَجبَهم جَريمةٌ عِند الله كَون المهديّ المُنتظَر مأمورًا بالحِوارِ عَبْر الإنترنت العالميَّة في عَصرِ الحوارِ مِن قبلِ الظُّهور، ولله حِكمَةٌ بالِغةٌ في هذا الأمْر الذي تلقّيتُه مِن رَبّي عَن طريق الرُّؤيا الحَقّ، وذلك حتى يستطيعَ الإمام المَهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ أن يُهَيمِنَ عليكم بسُلطان العلمِ مِن مُحكَمِ القُرآن العظيم، وهذه الطريقة هي أقربُ طريقةٍ للإقناع، وهل تدرون لِماذا؟ وذلك لأنَّكُم لن تستطيعوا أن تُقاطِعوا الإمام ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ لكونه يُحاوِركم بالقلمِ الصَّامتِ ولذلك سوف تكونون مُجبَرين على الإنصاتِ والتدبُّر في سُلطانِ عِلمِ الإمام المَهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ، فَمِنكم مَن يشرحُ الله به صدرَه ويُنير به قلبَه فيَهتدي إلى الصِّراط المُستقيم، وأمّا الآخرون مِن الذين يتدبَّرون بيان الإمام ناصِر مُحَمَّد اليماني فإذا لم يُوقِنوا أنّه المهديّ المنتظر فأضعفُ الإيمان يَكْفُونَ الإمام ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ شرّهم وأذاهم وعَدَم الفتوى مِنهم أنّ ناصر محمد اليماني على ضَلالٍ مُبينٍ، فأولئِك لم يُصَدِّقوا ولم يُكَذِّبوا ويَرُدُّون العِلمَ لله رَبّ العالمين فيقولون: "الله أعلمُ قد يكون ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ هو المهديّ المنتظَر وقد يكون مُجَدِّدًا للدِّين".
والذي حالَ بينهم وبين اليَقينِ بالحقّ مِن رَبِّهم هو الاسم، فلو كان اسم الإمام المَهديّ مُحَمَّد بن عبد الله لصَدَّقَ السُّنة أنّي المهديّ المنتظَر لكونِهم وجَدوا أنّ مَنطِقَ الإمام ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ ليس بمنطِقِ مَجنونٍ؛ بل يَنطِقُ بالحقّ ويَهدي إلى صِراطٍ مستقيمٍ، ولم يُعِقْ التَّصديقَ واليَقينَ إلَّا الاسمُ لكونهم ينتظرونَ مَهديًّا مُنتَظَرًا اسمه (محمد بن عبد الله)، ولكنَّه حَدَث لهم ما حَدَثَ للنَّصارى وكانوا ينتظرونَ النَّبيّ الخاتَم اسمه (أحمد) وجاء اسمه مُحَمَّد، ولكنه حاجّهم بالعِلم والسُّلطانِ المُبِيْنِ برغم أنَّه أُميٌّ ولم يَتْلُ الكُتُبَ مِن قبلُ شيئًا حتى تبيَّنَ لهم أنّه الحقّ مِن رَبّ العالَمين، والنّصارى يعلمونَ أنَّ للأنبياء مِن اسمين اثنينِ في الكتاب كَمثل نبيّ الله يعقوب هو ذاته نبيّ الله إسرائيل عليه الصَّلاة والسَّلام، وكذلك مُحَمَّد - صلّى الله عليه وآله وسَلَّم - هو ذاته أحمد عليه الصّلاة والسّلام وآله الأطهار.
وأمَّا المَهديّ المُنتَظَر فلم يَكُن اسمه مُحَمَّدًا أبدًا لا في السَّماواتِ - في اللَّوحِ المحفوظ - ولا في الأرضِ؛ بل له ثلاثة أسماءٍ وجميعها جعلها الله صفاتٍ للمهديّ المنتظَر وهي:
1- المَهديّ المُنتَظَر: وذلك الاسم جعله الله صِفَةً للإمام المهديّ المُنتَظَر لكونه سيَهدي النَّاس إلى حقيقة اسم الله الأعظَم السِّر الذي لم يُحِط اللهُ به كافَّةَ الرُّسُل مِن الجِنِّ والإنْس.
2- عَبْد النَّعيم الأعظَم: وذلك الاسم جعله الله صِفةً للعبوديّة للرَبِّ في قَلْبِ الإمام المَهديّ ومَن اتّبعَه لكونه يدعو إلى اتِّخاذِ رُضوان الله غايةً وليس وسيلةً ليُدخِله جنَّته ويَقيهِ مِن ناره.
3- ناصِر مُحَمَّد: وذلك الاسم جعل الله فيه الخَبَر ورايَة الأمْر لكون المهديّ المنتظَر لم يبعثه الله نبيًّا جديدًا بوحيٍ جديدٍ كون خاتَم الأنبياء هو مُحَمَّدٌ رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم، ولذلك بَعَثَ الله المَهديّ ناصِرًا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وآله وسلّم، ولذلك يدعو البَشَر إلى اتِّباع كِتابِ الله وسنَّة رسوله الحقّ التي لا تخالِفُ لمُحكَم الكِتاب، ولم آتِكم بكتابٍ جديدٍ؛ بل لكي أُعيدَكم إلى كتابِ الله وسُنَّة رسوله الحَقّ ولذلك واطأ الاسم مُحَمَّد في اسم المهديّ المنتظَر ناصِر مُحَمَّد وجعل الله مَوضِع التَّواطؤ للاسم مُحَمَّد في اسمي في اسم أبي لِكَي يَحمِلَ الاسم الخَبَر وراية الأمْر.
ولربَّما يَوَدّ أحدُ عُلماء السُّنة أو الشِّيعة أن يُقاطِعني فيَقول: "ولكِنَّنا اتَّفَقنا سُنَّةً وشيعةً على أنَّ اسمَ الإمام المَهديّ مُحَمَّد". ثمّ يرُدّ عليهم الإمام المهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ وأقول: قال الله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:111].
ومِن ثمّ يدلُونَ ببُرهانهم سُنَّةً وشِيعةً ويقولون: "إنّ السُّنَة والشِّيعة جميعهم مُتَّفِقونَ على حديث التَّواطؤ وقال مُحَمَّدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: [المهديّ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي] وهذا الحديث لا خِلافَ عليه عِند الشِّيعة والسُّنَّة والجَماعة". ومِن ثمّ يَرُدّ عليهم الإمام المَهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ وأقول: إنَّما تلك إشارةٌ للاسم مُحَمَّدٍ - صَلَّى الله عليه وآلِه وسَلَّم - أنّه يُواطئ في اسم الإمام المَهديّ. فهل تستطيعونَ أن تأتوا بِرِوايةٍ صَريحةٍ وفَصيحةٍ يُفتيكم فيها مُحَمَّدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - عن اسم المهديّ ويقول: "اسمه مُحَمَّد"؟ وأعلمُ أنّه لا يوجدُ لديكم حديثٌ صَريحٌ عن اسم المهديّ يُفتيكم أنّ اسمه محمدٌ وإنّما اعتَمدتُم على حديث التَّواطؤ وأنتم تعلمونَ أنَّ التّواطؤ ليس التَّطابُق؛ بل التّواطُؤ هو التَّوافُق. ولربّما يَودُّ أحدُ عُلَماء السُّنَة أن يقاطِعَني فيقول: "بل المقصودُ بالتّواطؤ هو التَّطابُق ولذلك تَجدُنا نعتَقِدُ أنّ اسم الإمام المهديّ (محمد بن عبد الله)". ومِن ثمّ يَضرِبُ له الإمام المهديّ مثلًا عربيًّا مُبِينًا ونقول: تواطأ مُحَمَّدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وأبو بكر الصِّديق عليه الصَّلاة والسَّلام على الهِجرة سِرًّا إلى يَثرِب.
ومِن ثمّ أقول فهل يَصِحُّ أن أقول: تطابَقَ مُحَمَّدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وصاحبه أبو بكر الصِّديق عليه الصّلاة والسّلام على الهجرة سِرًّا إلى يَثرِب؟
ولربّما يَوَدُّ أحدُكم أن يُقاطِعَني فيقول: "بل الصّحُّ هو أن نقول: تواطَأ مُحَمَّدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وصاحبه أبو بكر الصِّديق عليه الصَّلاة والسَّلام على الهجرة سِرًّا إلى يَثرِب.
ومِن ثمّ يَرُدّ عليكم الإمام المَهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ وأقول: إذًا يا قوم إنَّ التَّواطؤ ليس هو التَّطابُق كما تزعمونَ شيعةً وسنّةً؛ بل التَّواطؤ هو التَّوافُق، ويقصِد مُحَمَّدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآلِه وسَلَّم - مِن قوله: [المهديّ من أهل بيتي يُواطئ اسمه اسمي]، إنَّما تلك إشارةٌ بأنَّ الاسم مُحَمَّدًا يُوافِقُ في اسم الإمام المهديّ (ناصِر مُحَمَّد)، ولن تستطيعوا أن تُنكِروا أنّ الاسم مُحَمَّدًا لا يُوافِق في اسمي (ناصِر مُحَمَّد)، وجعلَ الله التَّوافُق في اسمي للاسم مُحَمَّدٍ في اسم أبي وذلك لكي تنقضِيَ حِكمة التّواطُؤ للاسم محمدٍ فيجعلَ اللهُ في اسمي خبَري وراية أمري لكون المهديّ المنتظر ناصر محمد اليماني لم يبعثهُ الله نبيًّا جديدًا؛ بل ناصِرًا لِمُحَمَّدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلَّم - فيدعو النَّاس إلى ما جاء بِه مُحَمَّدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - فما لكم كيف تَحكُمون؟! فأيّ الأسماء يُواطِئ الاسم الخَبَر لو كنتم صادقين؟
1- الإمام المهديّ ناصِر مُحَمد.
2- الإمام المهديّ مُحَمد بن عبد الله.
3- الإمام المهديّ مُحَمد بن الحسن العسكري.
فما لَكُم كيف تَحكمونَ يا قَوم؟! ولم يأمُرني رَبّي أن أحاجّكم بالاسم بل بالعِلم، أم تريدون أن تجعلوا للنَّصارى الحُجَّة فيقولوا أنّ النبيّ الذي بَشَّر بِه عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام اسمه (أحمد) تصديقًا لقول الله تعالى في الإنجيل: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} صدق الله العظيم [الصف:6] ولكنّ اسم نبيّكم محمد؟! ولكِنَّ النَّصارى الذين اتّبَعوا الحَقّ في عهدِ الرسول محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - يعلمونَ أنّ للأنبياء في الكِتابِ اثنينِ مِن الأسماء، كَمثل نبيّ الله يعقوب وهو ذاته نبيّ الله إسرائيل ولذلك لم يأبهوا للاسم؛ بل تدبّروا سُلطان العِلمِ المُقنِع مِن رَبِّهم وقالوا: {قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} صدق الله العظيم [القصص:53].
وأمّا المُعرِضون عَن الحَقّ مِن ربّهم؛ ويُبالغونَ في عَبْد الله ورسوله المسيح عيسى ابن مريم مِن بَعْد حُجّة العِلم التي جاء بها محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - فقال الله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴿٦١﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
ويا أُمَّة الإسلام، إنَّني الإمام المَهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ أقسِمُ بالله العظيم رَبّ السَّماوات والأرض وما بينهما ورَبّ العَرْش العَظيم أنَّني المهديّ المنتظر الحَقّ مِن رَبِّكم حَسَب الفتوى إلى عبده مِن رَبّ العالَمين، ولم أقُل لكم أنّي المهديّ المنتظر بالظَّنّ الذي لا يُغني مِن الحقّ شيئًا، ولم أكُن يومًا مِن أحدِ عُلمائكم ولم يُعَلِّمني أحَدٌ مِن عُلمائكم، ولو عَلَّمني أحدُ عُلماءِ مَذاهِبكم إذًا فكيف أستطيعُ أن أحكُمَ بينكم فيما كنتم فيه تختَلفون ما لم يتَولَّ تعليمي الأعلَمُ منكم والأعلَمُ مِن عُلمائكم جميعًا الذي أحاطَ بكل شَيءٍ علمًا الله رَبّ العالمين؟
ولرُبَّما يَوَدّ أن يُقاطعني أحد عُلماء الأُمَّة فيقول: "وكيف تلقّيتَ العِلم مِن الله؟". ومِن ثمّ أردُّ عليه بالحَقّ: "إذًا هذا السُّؤال خَطَر في بالِ الإمام المهديّ قبل أن يَخطُرَ في بالِك! وقلتُ وكيف سيُعَلّمني الله البيان للقرآن؟ كونَ الذي أفتاني أنّ الله سوف يُعَلِّمني البيان للقرآن هو محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - في الرُّؤيا الحَقّ، وفي أخرى قال: [وما جادلك أحدٌ من القرآن إلا غلبتَه]. فَكَم أدهشني ذلك! لأنّي لَم أفهم كيف أتلقَّى التَّعليم وأنا أعلمُ أنّه ليس لديّ مِن العِلم إلَّا ما عِند أحد المُسلمين مِن غَيْر العُلَماء، فكيف إذًا لن يُجادِلني أحدٌ مِن القرآن إلَّا غلبتُه؟ كيف؟! حتى رأيتُ عجائب قُدرَة رَبّي كيف استطاعَ أن يُعَلِّمني البيان الحَقّ للقرآن مِن ذاتِ القرآن بوحيِ التَّفهيم المُباشِر إلى القَلْبِ، وذلك لأنّ طُرقَ الوَحيِ هي ثلاثُ طُرُقٍ كما أفتاكم الله بذلك في مُحكَم كتابه في قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴿٥١﴾} صدق الله العظيم [الشورى].
فأمَّا الطريقة الأولى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا}، وذلك هو وحيُ التّفهيم المُباشِر مِن الرَّبّ إلى القَلْب كما تلقَّى آدَم عليه الصَّلاة والسَّلام وزوجته بوَحيِ التّفهيم مِن الرَّبِّ إلى القَلبِ في قول الله تعالى: {فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وما هي هذه الكلمات التي تلقَّاها آدم وزوجته بوَحْيِ التَّفهيم المُباشِر إلى القَلبِ لينطِقوا بها فيَتوب عليهم إنّه هو التَّوَّابُ الرَّحيم؟ وتجِدونَ هذه الكلمات في قول الله تعالى: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [الأعراف]. وتلك الكَلِمات وَحيٌ مِن الرَّبِّ مُباشرةً إلى القَلبِ وذلك هو البيان الحقّ لقول الله تعالى: {فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم.
وكذلك أضرِبُ لكم على ذلك مثَلًا في وَحيِ التَّفهيم في قول الله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} صدق الله العظيم [الأنبياء:79].
وكذلك أضرِبُ لَكُم على ذَلِك مثلًا في قِصة يوسف الصَّغير عليه الصَّلاة والسَّلام الذي ألقَى به إخوته في غياهِبِ الجُبّ وهو غلامٌ صَغيرٌ، وقال الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} صدق الله العظيم [يوسف:15]. فأوحى الله إليه بوَحيِ التَّفهيم إلى القَلب أنَّ الله لن يتخلَّى عنه بل سوف يُعِزّه بالمُلكِ حتى يُواجِه إخوَته فيسألوه الصَّدَقَة وهم لا يشعُرونَ أنَّه أخوهم يوسف كونهم لهُ مُنكِرين لكونه قد أصبحَ في عِزٍّ وجَاهٍ وسُلطانٍ؛ بل عَزيز مِصر، وصدَق رَبّي فقد نبّأهم يوسف بِما فعلوه بِهِ وهم لا يشعُرونَ قبل أن يُذَكِّرهم بما فعلوه، وقال الله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّـهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ﴿٨٨﴾ قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ﴿٨٩﴾ قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٩٠﴾ قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّـهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴿٩١﴾ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴿٩٢﴾} صدق الله العظيم [يوسف]. وذلك هو البيان لقول الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} صدق الله العظيم.
أم ستقولون أنّ الله كَلَّمه تَكليمًا مِن وراء الحِجاب حين ألقى به إخوته في غيابَت الجُبّ؟ أم إنَّكم ترَونَ أنّه أرسلَ إليه جبريل؟! بل كلَّمه الله بوَحيِ التَّفهيم مِن الرَبّ إلى القَلبِ مُباشرةً بِوحي التَّفهيم.
وَوحي التَّفهيم هو أخطرُ أنواعِ الوَحي لأنَّه إمَّا أن يكون وحيًا مِن الرَّحمن أو وَحيًا مِن الشيطان الذي يُوسوِسُ في الصُّدور لِمَن كان له قَرينٌ مِن الشياطين فَيصدُّونَهم عن السَّبيل ويحسَبونَ أنَّهم مُهتَدون، ولكنَّكم تجدونهم يقولون على الله ما لا يعلمون، أيْ: بِغَير سُلطانٍ بَيِّنٍ مِن رَبِّ العالَمين بأنَّه ينطِقُ بالبيان الحَقّ للقرآن. ولكِنّ الإمام المهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ كونه يتلقَّى البيان بوَحيِ التَّفهيم مِن الرَّبِّ إلى القَلب فيُلهمني البيان مِن ذاتِ القرآن حتى يَزيدني بسطةً في عِلم البيان الحَقّ للقرآن مِن ذاتِ القرآن حتى لا يُحاجّني عالِمٌ مِن القرآن إلَّا غلبتُه بسُلطان العِلم المُلجِم والمُقنِع للعَقل والمَنطِق، أفلا تعقِلون؟!
وعلى كلّ حالٍ فأنا الإمام المهديّ المنتظَر أُكرِّر التَّرحيبَ بهذا العالِم الجَليلِ مِن عُلماء المُسلمين مِن عُلماء السُّنة مِن المَملكة العربيَّة السُّعوديَّة، فرَحِّبوا به يا معشَر الأنصار تَرحيبًا كَبيرًا، وقد سَمَّيناهُ الفاروق كونه فرَّقَ بين الحَقِّ والباطِل، ونِعْمَ الرَّجُل.
وسَلامٌ على المُرسَلين؛ والحمدُ لله رَبّ العالَمين ..
أخوكم الإمام المَهديّ ناصِر مُحَمَّد اليمانيّ.
________________
[لقراءة البيان من الموسوعة]
https://mahdialumma.net/showthread.php?p=8934