الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني
18 - ذو القعدة - 1429 هـ
17 - 11 - 2008 مـ
01:22 صباحًا
( بحسب التّقويم الرّسميّ لأمّ القُرى )
_____________
رَدّ المهديّ المُنتَظَر على المُستَشار، وأرجو مِن الله أن يكونَ مِن السّابِقينَ الأخيَار ..
بِسْمِ الله الرَّحمن الرَّحيم، والصَّلاة والسَّلام على النبيّ الأُميّ خاتم الأنبياء والمُرسَلين وأحَبَّهم وأقرَبهُم إلى الله رَبِّ العالَمين مُحَمدٍ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم وآله الأطهار مِن الذين طهَّرهم الله تَطهيرًا والتَّابعينَ بالحَقِّ إلى يوم الدِّين، وبعد ..
أُكَرِّرُ التَّرحيبَ بالمُستشار الباحِثِ عن الحقّ، فإن كنتَ تُريدُ الحقّ فأُقسم لك وللأُمَّة بالحَقّ بأنّي المهديّ المنتظَر الحقّ، حَقيقٌ لا أقول على الله غير الحَقّ، ولم يجعل الله حُجَّتي بالقَسَمِ ولا في الحُلُمِ في المَنامِ ولا في الاسم؛ بل جعل الله الحُجّة للمهديّ المنتظَر البالِغة على جميع عُلماءِ الأمّة هو السّلطانُ المُحكَم المُلجِمُ مِن القرآن العظيم حتى لا يَجِدوا في أنفُسِهم حرَجًا مِمَّا قَضَيتُ بينهم بالحقّ ويُسَلِّموا تَسليمًا، وأرجو منك ومِن جميع علماء الأُمّة والباحثين عن الحقّ عَدم اللَّومِ علينا مِن تَطويلِ البيان الحقّ للقرآن، فالأمرُ جِدًّا عظيمٌ والأُمَمُ تَنتظِرُ للمهديّ المُنتَظر مُنذ آلافِ السِّنينِ، وبِما أنَّ دعوة ناصر محمد اليمانيّ للأُمَّة هي إمَّا أن تكون بُشرَى كُبرَى للبشر فيُقنِعهُم أنّه حقًّا المهديّ المنتظَر بسُلطانِ البيانِ الحقّ للقرآنِ العظيمِ، وإمَّا أن يكون ناصر محمد اليماني على ضَلالٍ مُبينٍ مِن الذين يقولون على الله ما لا يَعلَمونَ فأضَلُّوا الأُمَّة عن كثيرٍ مِن الحقِّ بِقَولِهم بِالظَّنِّ اجتهادًا مِنهم برغم أنّ الله أفتاهُم بأنّ الظَّنّ لا يُغني مِن الحقّ شيئًا، ولذلك أُحَرِّمُ تفسير القرآن اجتهادًا منهم كَما حرَّمَه الله ورسوله، وقال محمدٌ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: [من قال لا أعلم فقد أفتى]، بمعنى أنَّ الله كَتَب لهُ أجرًا كما لو أفتَى نَظَرًا لأنّه اتَّقَى الله وقال لا أعلَم حِرصًا منه أن لا يقولَ على الله غيرَ الحقِّ، ومِن ثمَّ عليه أن يَجتهِدَ باحِثًا عن المَزيدِ مِن عِلمِ رَبِّه في تِلكَ الفَتوَى التي اتَّقى الله ولم يُفتِ فيها حتى يُعَلِّمَه اللهُ بالحَقّ، وإذا عَلِم الله أنّ هذا الباحث لا يريد غير الحقّ فحَقٌّ على الله أن يَهدِيه إلى سبيلِ الحقّ، تصديقًا لوعده الحَقّ في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم [العنكبوت].
أمَّا أن يُفتي العالِمُ في مسألةٍ وهو لا يزال مُجتهِدًا ولم يتَوصَّل إلى عِلمٍ وسُلطانٍ مُنيرٍ في شَأنِها فذلك مُحَرَّمٌ عليه في كتاب الله وسُنّة رسوله الحَقّ، أم أنَّكم لا تَعلَمون بأنّ الاجتِهادَ هو البَحثُ عن الحقّ والتَّمنّي للوُصول إلى الحقّ ومِن بعد أن يَهدِيَهُ الله إلى سبيل الحقّ ومِن ثُمّ يَدعو إلى الحقّ على بَصيرةٍ مِن ربّه؟ وكان مُحَمَّدٌ رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - مُجتهِدًا يتمنَّى مَعرِفَة الحَقّ، وكان يَخلو بنفسِه في غارِ حِراء بحيثُ لا يَشغَلُ تَفكيرَه أحَدٌ فيتفَكَّر في خلق السّماواتِ والأرضِ، فعلِمَ بأنّ الله لم يَخلُقهُما عبَثًا وأنّ الأمرَ عَظيمٌ ولكنّه في حيرةٍ مِن الأمر أيُّ الطُرقِ تُؤدِّي إلى الحقّ: فهل هي طريقةُ قَومِه بعِبادةِ الأصنامِ؟ أم أنَّ الحقّ في طريق النّصارى؟ أم أنّ الحقّ في طريق اليهود؟ أم أنّ الحقّ في طريق المَجوسِ الذين يَعبُدونَ النّار؟ فأصبح مُحمدٌ رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - مُحتارًا لا يَدري أيّ الطُّرُقِ تُؤدِّي إلى الحقّ فيتّبِعها، فأصبحَ ضالًّا أمام أربعة طُرقٍ: طريقُ قومِه، وطريقُ المَجوس، وطريقُ النّصارى، وطريقُ اليهود. فوجَده الله ضالًّا أمام مُفترَقِ أربعة طرقٍ لا يَعلمُ أيّهُم تُؤدِّي إلى الحقّ، فتألَّم محمدٌ رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - تألُّمًا نفسِيًّا لأنّه يُريدُ الحقّ ولا يَعلمُ طريقَ الحقّ مع مَن حتى يَسلُكَها! ومِن ثمّ هَداهُ الحقّ إليه تصديقًا للوعدِ الحقّ في اللّوحِ المَحفوظِ: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم، وذلك هو البيان الحقّ لقول الله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ ﴿٧﴾} صدق الله العظيم [الضحى]، وحقَّقَ الله له أُمنِيَته فاصْطَفاهُ وعلَّمَه وأرشَدَهُ إلى صِراطِ العزيزِ الحميدِ.
إذًا مُحمدٌ رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - كان مُجتهدًا، ولكن ليس باجتهادِ البحثِ بالقراءة لأنه أمّيُّ؛ بل اجتهادٌ فكريٌّ، ولذلك كان يَخلو بنفسه في غار حِراء.
وكذلك خليل الله إبراهيم كان مجتهدًا باحثًا عن الحقّ، وكان يَتفكَّرُ في مَلَكوتِ السّماء والأرض نظرًا لأنّه لم يَقتَنِع بعبادةِ الأوثانِ وأرادَ أن يَعبُدَ ما هو أسمَى مِن الأوثانِ، فلمَّا جَنَّ عليه اللّيلُ نظرَ إلى كوكبٍ قال: "هذا رَبِّي"، فلما أفَل قال: "لا أُحِب الآفلين"، ومِن ثمّ رأى القَمَر بازِغًا قال: "هذا رَبّي"، فلمّا أفَلَ قال: {لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} صدق الله العظيم [الأنعام:77]، وذلك لأنّه يُريدُ الحقّ ويتمنَّى مَعرِفة الطريق التي تُؤدِّي إليه، ولكنّه ضالٌّ لا يَعلمُ أيّ الطريق تُؤدِّي إلى الحقّ، ومِن ثمّ تألَّم نفسِيًّا فكيف يَهتدي إلى الطّريق الحقّ ولكنه ضالٌّ عنها؟! فتألَّمَ تألُّمًا نفسِيًّا وقال: "إنّي سَقيم" بعد نظْرةِ التَّفكُّرِ في النُّجومِ - كواكب السَّماء المُضيئة والمُنيرة - ولم يقتنع بعِبادتِها ولذلك تألَّمَ تألُّمًا نفسِيًّا مُنيبًا إلى ربِّه وقال: {لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}، ومِن ثمّ جاء تَصديقُ الوَعدِ مِن رَبّ العالمين للباحثينَ عن الحقِّ: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم، فهَداهُ الله إلى الحقّ واصطفاهُ ومِن ثمّ دعا قومَهُ على بَصيرةٍ مِن ربِّه.
وهذا هو التَّعريفُ الحقّ للاجتِهاد: هو أن يَجتَهِدَ الباحثُ عن الحقّ حتى يَهديَهُ الله إليه على بَصيرةٍ مِن ربِّه، ومِن ثمّ يدعو إلى سَبيلِ ربِّه على بَصيرةٍ.
ومِن خِلالِ ذلك نظهر بنتيجةٍ حَقٍّ وهي: أنّ الأنبياء كانوا مُجتَهدين يبحثون عن الحقّ بحثًا فِكريًّا فيَتمنّونَ أن يَعلَموهُ فيَتَّبِعوهُ، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّـهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّـهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٢﴾} صدق الله العظيم [الحج].
فما هو التَّمَنِّي؟ إنَّه البحث عن الحَقّ حتى يهديه الله إليه فيَصطَفيهِ ويَختارهُ، ومِن بعدِ الاصطِفاء يَحدُثُ شيءٌ آخَر وهي العَقيدة لدى الباحثين عن الحَقّ فيما هَداهُم إليه وأيْقَنوا أنَّه الحقّ بلا شَكٍّ أو ريبٍ، فاعتقَدوا أنهم لن يَشُكُّوا فيما عَلِموا مِن الحَقّ شيئًا ولن يَضِلّوا عنه أبدًا، ومِن ثمّ يريدُ الله أن يَعلَمُوا عِلمَ اليَقِين أنّ الله يَحولُ بين المَرءِ وقلبِه وعقِيدتهم التي في أنفُسِهم أنّهم لن يَضلّوا عن الحقّ أبدًا بعد أن هَداهُم الله إليه، وهذا يَحدُثُ بعدَ الوُصولِ إلى الحقيقةِ لجميع الباحثين عن الحقّ كمِثل الأنبياء لم يَحدُث لهم إلَّا مِن بعدِ اصطِفائِهم وبَعثِهم لقَومِهم؛ ومِن ثمّ يَحدُثُ في النّفسِ شَكٌّ في شأنِهم مِن بعد اصطفائِهم وإرسالِهم، ومِن ثمّ يُحْكِمُ الله لهم آياتِه لتَطمَئِنّ قُلوبُهم أنَّهم على صِراطٍ مُستقيمٍ، وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} صدق الله العظيم [البقرة:260].
ومِن ثمَّ أحْكَم الله له آياتِه على الواقعِ الحقيقيّ وقال له: {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:260]، ومِن ثمّ عادَ اليقينُ إلى قلبِ إبراهيم - عليه الصَّلاة والسَّلام - بعدَ أن بَيَّنَ الله له آياتِه على الواقعِ الحقيقيّ.
وكذلك نَبيّ الله موسى بعد أن بعثَه الله إلى فرعون رَسولًا، وبدأ دعوَتَه مُوقِنًا أنَّه على الحَقّ وأنَّه لا يُمكِنُ أن يَشُكَّ فيه شيئًا، ومِن ثمّ أرادَ الله أن يُعَلِّمَه درسًا في العقيدة حتى يَثِقَ، وأرادَ الله أن يُعلِّمه أنَّ الله يَحولُ بين المَرءِ وقلبِه، وكان واثِقًا مِن نفسه بأنّه لن يَشُكّ في أمرِه شيئًا، حتى إذا جاء يوم الزِّينة - الوعد الذي أعطاهُ لفرعون بتحَدِّي السَّحَرة ليَعلمَ فرعون أنه رسولٌ مِن ربِّه - وكان واثِقًا - موسى - مِن نفسِه كُلّ الثِّقة أنّه لن يَشُكّ في أمرِه شيئًا، وبعد أن ألقَى السَّحرَة حِبالَهم وعِصيَّهم تَزعزعَت الثِّقة ومِن ثمّ أحْكَم الله له آياتِه على الواقِع الحقيقيّ ليطمئِن قلبه أنّه على الحقّ، وإنّما يريد الله أن يُعلِّمه درسًا كما عَلّمَ الأنبياء مِن قبلِه بعَدَم الثِّقةِ في أنفُسِهم، فيَعلمونَ أنَّ الله يَحولُ بين المَرءِ وقلبِه.
وقال الله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ ﴿٦٥﴾ قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ ﴿٦٦﴾ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ ﴿٦٧﴾} [طه]، وهنا تَزعزَعتْ ثِقةُ موسى في نفسِه، وأرادَ الله أن يُعلِّمَهُ درسًا بأنّ الله يَحولُ بين المَرءِ وقلبِه، ثم أحْكَم الله له آياتِه على الواقِع الحقيقيّ، وقال تعالى: {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ ﴿٦٨﴾ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم [طه]، ثمّ اطمَأنَّ قلبُ موسى أنّه على الحقّ بعد أن أحْكَم اللهُ له آياتِه على الواقِع الحقيقيّ.
ومِن ثمّ نأتي إلى خاتَم الأنبياء والمُرسَلين مُحَمَّد رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - بعد أن تمنَّى الحَقّ فهَداه الله إليه وابتَعثَه ليدعو إلى الحقّ فكان واثِقًا مِن نفسِه أنّه لن يَضِلّ عنه بعد أن عَرفَه ولن يَشُكّ في أمرِه شيئًا، وأرادَ الله أن يُعلِّمَه درسًا في العقيدة أنّ الله يَحولُ بين المَرءِ وقلبِه، فشكَّكَه قومُه في أمرِه بأنّه اعتَراهُ أحدُ آلهتِهم بسوءٍ، ثم جاء قول الله تعالى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ۚ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿٩٤﴾} صدق الله العظيم [يونس]، ولكنّ الله لم يَترُك رسوله أن يَسأل الذين أوتوا الكِتابَ لأنَّ مِنهم مَن لو سألَه لأفتاهُ بغيرِ الحقّ وهو يَعلمُ أنه الحقّ مِن رَبّ العالمين، ولذلك لم يَترُكهُ يَسأل الذين أوتوا الكتاب بل بَعثَ الله إليه جِبريل بدعوةٍ مِن ذي العرشِ العظيم ليُحكِمَ الله له آياتِه بالحقّ على الواقِع الحقيقيّ، وأمَرَ جبريلَ أن يَمُرّ به على النّار التي وعدَ بها الكُفّار فيَشهَدهم يتعَذّبونَ فيها، ومِن ثمّ يَعرُج به إلى الجنّة التي وعدَ بها المُتَّقينَ، ثمّ إلى سِدرة المُنتهى للمِعراج وذلك في ليلة الإسراء والمِعراج بقُدرة الله، تصديقًا لوَعدِ الله لنبيِّه بالحقّ في قوله تعالى: {وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ﴿٩٥﴾} صدق الله العظيم [المؤمنون].
انتهَت المُقدِّمة لأُعَلِّمَكم ما هو الاجتهاد وأنَّه: البحثُ عن الحقّ حتى يَهديه الله إليه، ومِن ثم يدعو إلى الحقّ على بصيرةٍ مِن ربِّه بِعلمٍ وهُدًى مِن ربّ العالمين وليس بالظنّ الذي لا يُغني مِن الحقّ شيئًا.
وكذلك يعلم الأولياء الذين طال بَحثُهم في شأن المهديّ المنتظَر حتى عثَروا عليه؛ فقد يأتي في أنفسهم أنّهم لن يَشُكّوا في شأنِ ناصر محمد اليماني شيئًا بعد أن تبيَّن لهم أنّه المهديّ المنتظَر الحقّ مِن ربّهم، ومِن ثمّ يُعَلِّمهم الله درسًا في العقيدة ليَعلموا أنَّ الله يَحولُ بين المَرءِ وقلبِه، ومِن ثمّ يقولوا: "يا مُثبِّتَ القلوبِ ثبِّت قلوبنا على التّصديق بالحقّ مِن عندك يا مَن تَحولُ بين المَرءِ وقلبِه ووَعدُك الحقّ وأنت أرحَمُ الرّاحمين".
وأمّا تكاثُرُ ذُرِّيَّة آدَم فقد جاءت في هذا الشَّأنِ آياتٌ مُحكَماتٌ بأنَّ آدَم خرج مِن الجَنّة قبلَ تنزيلِ الشّريعَة في الزّواج، وقال الله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٨﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
ويا أخي المُستشار، إنَّ هذه مِن الآيات الواضِحاتِ تُخبِرُ بأنّ خُروجَ آدَم قبل نُزول التَّشريعِ، ولم يُحِلّ الله لهم الزّواج مِن أخَواتِهم ثمّ حرَّم عليهم ذلك؛ بل جاء التَّشريع بالتّحريمِ وعفَا الله عمّا سلفَ، وإنمّا ذلك ابتلاءٌ مِن الله لهم، ولو أنّهم صبَروا على شَهوَتِهم لَأُنزِلَ إليهم حورًا عِينًا تكريمًا مِن ربّ العالَمين، وكان الإنسان عَجولًا، ولكنّهم أتوا أخَواتِهم فتكاثَرت ذُريّة آدَم ثمّ جاء التّشريع فحرَّم عليهم ذلك، فمَن تَبِعَ هُدى الله فلا خَوفٌ عليهم ولا هم يَحزَنون.
ثم إنّي أجِدُ في القرآن العظيم بأنّ التَّكاثر لذُريَّةِ آدَم - ذَكَرهم والأنثى - كان مِن اثنين فقط وليس مِن غيرهم شيئًا، وهذه الفتوى جعلها الله واضِحةً وجَلِيّةً في القرآن العظيم بأنّ ذُريّة آدَم مَحصورَةٌ بين اثنين، ولم يَخلُق الله جِنسًا آخَر للمُشاركة في التّكاثر، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} صدق الله العظيم [النساء:1].
فانظر لقول الله: {مِنْهُمَا} بالمُثنّى ويقصد مِن آدم وحوّاء برغم أنّ أصل الذُّرِّيّة هي في ظَهْر آدَم، تصديقًا لقول الله تعالى: {مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} وإنّما يَخلُق الله الإناث مِن الذُّكور وإنّما الإناث حرثٌ للبُذور البَشرِيَّة، تصديقًا لقول الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ} صدق الله العظيم [البقرة:223].
وقال الذين يقولون على الله غير الحقّ بأنّ المُراد مِن قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ} أنّه مِن القُبُل أو مِن الدُّبُر افتراءً على الله بتفسير كلامِه بالرَّأي والاجتِهاد الذي لا يُغني مِن الحقّ شيئًا، ولو بحثوا في القرآن لوَجَدوا الفتوى بالحقّ أنّه لا يَقصِدُ ذلك وأنَّه مُحَرَّمٌ عليهم أن يأتوا حَرثَهم مِن الدُّبُر، وقال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّـهُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴿٢٢٢﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وهُنا بيَّنَ الله على الرجل أنّه لا يجوزُ له أن يأتي زوجته في دُبُرها؛ بل قال تعالى: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّـهُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} صدق الله العظيم، و(حيث أمَرَكم الله) قد علَّمكم به في قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ} صدق الله العظيم. وبقي البيان لقوله تعالى: {أَنَّىٰ شِئْتُمْ}، وفي ذلك حكمةٌ بالغةٌ يُدرِكُها أولو الألباب، إذا أراد أن يستمتع ويُمتِّع فلا يُباشِرها بل المُداعَبة قبل ذلك حتى تتأجَّج الرّغبة لدى المرأة والرجل ومِن ثم يأتي حَرثَه، وهنا تستمتِع المرأة بزوجها أطيبَ المُتعَة فلا تُفَكِّر في سِواه أبدًا، أمّا إذا كان يُباشِرُها كمِثل الحيوانات فإنها لا تَستمتِع به، مِمَّا يُؤثِّرُ على العلاقة ولربما تنصَرِفُ لسِواه، وعَدَم المُداعبَة والمُلاعبَة مِن الأسباب الرّئيسة لانتشار الفاحشة بين المؤمنين المُتزوِّجين، وكذلك المُعاملة في الزّواج فإنَّ الرجل حين يرى زوجته فيتبسم لها ويُخالقها بخُلُقٍ حسَنٍ ويُحاوِل أن يكسِب وُدَّها؛ حتى لا يَجعَلَ للشّيطان عليها سُلطانًا فتَنصَرِف للسُّوءِ والفَحشاءِ فتُخالِف أمرَ ربّها فتأتي له ببُهتانٍ بين يديها وأرجُلها فتلِد له مِن غير ذُريّتِه، وقال الله تعالى: {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} صدق الله العظيم [الممتحنة:12].
فبالله عليكم أليس الأفضل للرّجل أن يتنازَل عن تكبُّرِه وغُرورِه فيكون لطيفًا مع زوجته ليجعَل الله بينهم موَدَّةً ورحمةً فيَعصِمها بذلك مِن السُّوء والفحشاءِ خيرًا له مِن أن يَستَمِرّ في تكبُّره على زوجته فتَلِد له ذُرِّيّةً ليست منه وهو لا يَعلم؟ وعلى كُلِّ حالٍ هذه تفاصيلُ تأتي في بيانات العِشرة الزّوجيّة حين يشاءُ الله فنُفصِّلها تفصيلًا رحمةً للمؤمنين.
ونعود لموضوع الحِوار أيُّها المُستشار، وإليك أدلة المهديّ المنتظَر في التّكاثُرِ للبشرِ، فإن لم تُوقِن بها فأْتِنا بسلطانك أنت بأنّه يوجدُ جنسٌ ثالثٌ أُضِيفَ لكي يَتِمّ التّكاثر، وأمّا أدِلَّتي الحقّ أنّ التّكاثر حصريًّا مِن اثنين فقط وهما آدَم وحواء، والدّليلُ واضحٌ وجليٌّ في القرآن العظيم في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} صدق الله العظيم [النساء:1]، والدَّليل في هذه الآية واضحٌ وجَليٌّ أنَّ الذّرّيّة البَشريّة جاءت مِن آدم؛ سَواءً الذَّكَر والأنثى فجميعهم مِن الرَّجل، تصديقًا لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} صدق الله العظيم.
وأمّا التّكاثُر فجميع الذُّكور والإناث مِن آدَم وحواء، والبُرهان كذلك واضحٌ وجليٌّ في نفسِ المَوضِع في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} صدق الله العظيم.
وأنا أفتي بأنّ هذه الآية مِن المُحكَمات الواضحات، فتدبَّرها هداكَ الله ولن تَجدَ معهم خَلقًا آخرَ حتى لا يُجامِع الرجل أخته؛ بل تَجامَعوا فيما بينهم قبل نزول التّشريع وهم لا يعلَمون أنّ ذلك حرامٌ ولم يأتِ التّشريعُ بعد، حتى إذا جاء التَّشريع فالذين اتَّبَعوا هُدى ربّهم فلا خوفٌ عليهم ولا هم يَحزَنون وعفا الله عمَّا سَلف، وضَرَبنا لك على ذلك مَثلًا في زواج الابن مِن زوجة أبيه، فلم يُحِلّ الله ذلك مِن قبلُ لهم حتى إذا جاء التّشريع بالتَّحريم ووصَف ذلك أنّه فاحِشةً ومَقتًا وساءَ سبيلًا ثم اتَّبَع المسلمون شريعة ربّهم بالحقّ تنفيذًا لأمره المُحكَم والذي لم يُحِلّه مِن قبل، كما لم يُحِلّ لأولاد آدم الزواج مِن أخواتهم ولكن بعد نزول التّشريع فمَن تبِعَ هُدى الله فلا خوفٌ عليهم ولا هم يَحزَنون، وقال الله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [النساء].
وليس معنى ذلك أنّ الله كان قد أحلّ لهم بالزّواج مِن أخواتهم، ويا سبحان الله! بل أوّل ما جاء نزول التّشريع في الزّواج حرَّم الزّواج مِن كافّة المَحارِم وبَيَّنها لهم، ثمّ يأتَمِرونَ بأمرِ ربّهم أو يُعَذِّبهم عذابًا نُكرًا في نار جهنّم بعد إقامة الحُجّة عليهم، فمثل زوجة الأب مِن الحُرُمات مُنذُ الأزَل في التّشريع الأول وجميع المحارم مُحَرَّمٌ نِكاحهنّ مِن الأزل في التّشريع الأوّل، وليس أنّ الله كان يُحِلّ الزّواج بالمَحارم ومِن ثمّ حرَّمه فيما بعد، ويا سبحان الله! ولكنّ الناس كانوا يتزوَّجون ما نكَح آباؤهم مِن النساء ويَظنّون بأنّ ذلك ليس فيه أيّ حُرمةٍ حتى جاء بيانُ التّحريم، ووصَف هذا الزّواج أنّه كان فاحشةً ومَقتًا وساءَ سبيلًا وقال الله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم.
فما بالُك بنِكاحِ الأخت؟! وإنّ الله لم يُحِلّ ذلك يومًا ما أبدًا مُنذ الأزَل الأوَّل، وإنّما يأتي التّشريع ليُبيِّن الله للناس ما أحلَّه الله لهم وما حرَّمَه عليهم ومِن ثمّ يتِمّ الالتزام، ومَن أبَى أقامَ الله عليه الحُجّة وأدخَله نارَ جهنّمَ يَخلُدُ فيها مُهانًا.
ويا أخي المُستشار إن كان لديكَ عِلمٌ وسُلطانٌ مُنيرٌ بأن التَّناسُل تَمَّ بِمُعجِزاتٍ فأنا أعلمُ أنّ الله على كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، وخلَق الله آدَم بغير أبٍ ولا أُمٍّ، وخلق الله حواء مِن غير أُمٍّ، وخلَق الله عيسى مِن غير أبٍ، وأشهَد أنّ الله على كل شيءٍ قديرٌ، ولكنّي لا ولن أقول على الله ما لا أعلم بغير ما ورَد في الكتاب بأنّ التّكاثُر للبشر حدث مِن آدَم وحواء فتكاثرت ذُرِّيّتهم فيما بينهم، حتى ولو أنجبَ آدم وحواء ترليون رجُلًا وترليون أُنثى؛ فالمشكلة مكانها فهم إخوةٌ جميعًا على أُمٍّ وأبٍ ثم تنقضي أعمارهم وهم لم يَقْرَب الرجالُ الإناثَ فينتهي نَسْل البشَريّة أو يَبعَث الله لهم بحورٍ عِينٍ مِن عنده، وأقول بلى لو لم يَقْرَبوا أخَواتِهم فينتظروا شرعَ رَبِّهم كما وعدَهم؛ تالله ليُنزِل لهم حورًا عِينًا مِن جنة النعيم ولكن الإنسان كان عَجولًا، وعلى كُلّ حالٍ هذه قضيةٌ قد مضَت وانقضَت وعفا الله عنهم فيما سلفَ، والتَزموا بالتّشريع مِن ربّهم بعد أن جاء التّشريع بتَحريم الزواج مِن المَحارم أجمعين، وسَلامٌ على المُرسَلين والحمدُ لله ربّ العالمين.
وأما الاستِنساخ إن استطاعوا؛ فأقول لك: إنَّ الذُّكور والإناث جميعهم يأتون في ماء الرجل، وقال الله تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ ﴿٤٥﴾ مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ ﴿٤٦﴾} صدق الله العظيم [النجم].
وأما النِّساء فهُنّ لَسْنَ إلَّا حَرث تنبتُ فيه البُذورُ البَشريَّة، تصديقًا لقول الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ} صدق الله العظيم [البقرة:223].
ومَعنى حَرْثٌ لكم أيْ: أنَّ البُذورَ البَشَرِيّة لدى الرّجل يَخلُق الله مِن مَنيِّهِ الذَّكر والأُنثى، فتتَغشّاهُ البُوَيضَة الآتيَة مِن المرأة فيَنمو بها كما يَنمو شُقران الدّجاجة في البُوَيضة.
وسَلامٌ على المُرسَلِين، والحمدُ لله رَبّ العالمين.
وإذا كان لدَى المُستشار أو سِواه أيّ اعتِراضٍ لبيانِ أيٍّ مِن الآياتِ في هذا البيان فليَتفضَّل للحِوارِ مَشكورًا.
وسَلامٌ على المُرسَلِين، والحمدُ لله رَبّ العالمين ..
أخوكم الإمام المَهديّ؛ ناصر محمد اليمانيّ.
________________