الإمام المهديّ ناصر محمّد اليمانيّ
02 - ربيع الثاني - 1431 هـ
18 - 03 - 2010 مـ
02:55 صباحًا
( بحسب التقويم الرسمي لأمّ القرى )
________
ردّ الإمام إلى النّصراني يسوع1 ..
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، والصلاة والسلام على كافة الأنبياء والمُرسَلين وآلهم الطيّبين الطاهرين والتَّابعين للحقّ إلى يوم الدّين..
ويا أيّها النّصراني يسوع، إنّي الإمام المهديّ خليفة الله في الأرض مُصَدِّقًا لِما بين يدي مِن التّوراة والإنجيل والقرآن العظيم، أدعو كافة علماء المسلمين والنّصارى واليهود إلى الاحتكام إلى كتاب الله الذي يوجَد فيه حُكم الاختلاف بين المختلفين في الدّين، وسوف نقوم بوضع شروط نتّفق عليها جميعًا ونطبق هذه الشروط على التّوراة والإنجيل والقرآن فأيُّهم انطبقت عليه الشروط احتكمنا إليه جميعًا، والشروط هي كالتالي:
1 - أن يكون هذا الكتاب تمّ تنزيله من ربّ العالمين إلى كافة العالمين لمن شاء منهم أن يستقيم.
2 - أن نجد في هذا الكتاب الوعد من الله أنّهُ كتابٌ محفوظٌ من التّحريف والتّزييف عبر عصور البشر ليكون حُجّة الله على العالمين، وهذان شرطان أساسيّان للكتاب الذي سوف يحتكم إليه المسلمون والنّصارى واليهود وكافة المختلفين في الدّين في العالمين، ونبدأ بتطبيق الشرط الأول. قال الله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ﴿١٥﴾ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ﴿١٦﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ﴿١٧﴾ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴿١٨﴾ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴿١٩﴾ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ﴿٢٠﴾ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴿٢١﴾ وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ ﴿٢٢﴾ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴿٢٣﴾ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ﴿٢٤﴾ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴿٢٥﴾ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ﴿٢٦﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴿٢٧﴾ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴿٢٨﴾ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [التكوير].
و نقتبس قول الله تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴿٢٥﴾ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ﴿٢٦﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴿٢٧﴾ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴿٢٨﴾ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم، ثم نقتبس من هذه الآيات بالضبط قول الله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴿٢٧﴾ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴿٢٨﴾ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم.
ومن ثم نأتي للشرط الثاني، فهل نجد في هذا الكتاب وعدًا من ربّ العالمين أنّه سيحفظ هذا الذِكر إلى العالمين من التّحريف والتّزييف عبر عصور البشر؟ ونجد ذلك في قول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [الحجر].
إذًا يا يسوع النّصراني، فتعالوا لِنُحَكِّم العقل والمنطق ونقوم بتطبيق هذه الآية بالحقّ على الواقع الحقيقي لأنّ هذه الآية فيها الحُكم الفاصل بالحقّ، فبما أنّه قد جاء في هذا الكتاب وعدٌ من ربّ العالمين بحفظهِ من التّحريف والتّزييف عبر عصور البشر، فبالعقل والمنطق لا بُدّ أنّه إذا كان وعدًا حقًّا من ربّ العالمين فلا بُدّ أن يُصْدِقُنا وعدَه ثم نجد على الواقع الحقيقي أنّه حقًّا حفظه الله من التّحريف والتّزييف عبر عصور البشر، فنجد أنّه نُسخةٌ واحدةٌ موحدةٌ لم تختلف فيه كلمةٌ واحدةٌ، فإذا وجدنا أنّ الله أصدقنا وعده بالحقّ فحفظه من التّحريف والتّزييف فيكفي بذلك برهان للقرآن العظيم أنّهُ قول الرحمن وما هو بقول الشّيطان الرجيم، ولكن إذا طَبَّقنا ذلك على نُسَخِ التّوراة والإنجيل نجد أنّ الشياطين قد بدَّلوها تبديلًا خصوصًا في نُسَخ العهد الجديد فهي خالصةٌ من قول الشّيطان وليس من قول الرحمن.
ويا يسوع النّصراني، عليك أن تعلم إنّ الفرق بين الإنسان والحيوان هو العقل، والعقل هو التفكير، وجعل الله الإنسان يتفكَّر لأنّه أمَدّه بالعقل وإذا لم يتفكّر فقد وضع نفسه ضِمن فصيلة الأنعام التي لا تتفكر ولذلك لن تجدها تستطيع أن تبني لها جُحرًا يقيها من المطر والبردّ والحر وإنّما تأكل وتشرب وسبب ذلك هو عدم التفكّر، ولكن لو تنظر إلى أصغر الطير فبرغم صِغر حجمه ولكنّ الله أمدَّه كذلك بالعقل فهو يتفكر ولذلك تجده يستطيع أن يبني له عُشًّا فيحبكه بطريقةٍ عجيبةٍ يعجز عن فعلها الإنسان، فيجعل باب العُش مُنحنيًا إلى الأسفل قليلًا لكي لا يدخل عليه المطر فيهلك أولاده، وبما أنّ الطائر يتفكّر مُستخدمًا عقله نجده قد احتقر البشر الذين يعبدون شيئًا مخلوقًا ويَذَرون الخالق لكُلّ شيءٍ، وقال أحد الطيور قولًا عظيمًا مُحتَقِرًا البشر الذين لا يستخدمون عقولهم، وقال هذا الطائر مُحتقِرًا كُفار البشر: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩ ﴿٢٦﴾} صدق الله العظيم [النمل].
إذًا يا يسوع النّصراني، فكيف لنا سويًّا أن نعلم علم اليقين أنّه القول الحقّ من عند الرحمن أو قول الباطل من عند الشيطان؟ فهنا يتمّ تحكيم العقل بالبحث التطبيقي لأحد آيات الكتاب التي نَجِد لها تأويلًا اليوم في عصرنا على الواقع الحقيقي مثال قول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿٩﴾}صدق الله العظيم [الحجر].
إذًا يا يسوع النّصراني، فإذا حَكَّمنا العقل والمنطق فسوف تقول لنا عقولنا جميعًا إذا كان القرآن حقًّا قول الرحمن وليس قول الشّيطان فلا بُدّ أن يُصدقنا الله وعده بالحقّ فيحفَظ كتابه القرآن العظيم من التّحريف والتّزييف عبر عصور البشر فنجد كتاب القرآن العظيم نسخةً واحدةً موحدةً في العالمين لم تختلِف كلمةٌ واحدةٌ فيه، ثم تطبق تأويل هذه الآية في عصرنا اليوم، فبرغم أنّ القرآن عاصره كثيرٌ من أمم البشر من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة إلى يومنا هذا ولكنّه لا يزال محفوظًا من التّحريف والتّزييف نسخةً واحدةً موحَّدةً في العالمين لم تختلف كلمةٌ واحدةٌ في كتاب الله القرآن العظيم، ولكن إذا قمنا بتطبيق الحفظ من التّحريف على التّوراة والإنجيل والسُّنة النبويّة فسوف نجد شياطين البشر قد حرَّفوا وزيَّفوا أكثرها فأخرجوا النّاس من النّور إلى الظُلمات من عبادة ربّ العباد إلى عبادة العباد والمُبالغة في أنبياء الله ورسله بغير الحقّ، ولكنّي الإمام المهديّ بعثني الله لكي أخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد الله وحده لا شريك له ولا إله غيره وما دونه من خلقه جميعًا عبيد سواء الملائكة أو الجنّ أو الإنس. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا ﴿٩٣﴾ لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴿٩٥﴾ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَـٰنُ وُدًّا ﴿٩٦﴾ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا ﴿٩٧﴾ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴿٩٨﴾} صدق الله العظيم [مريم].
ويا يسوع النّصراني، لماذا تُبالِغون في رسول الله المسيح عيسى ابن مريم بغير الحقّ فتقولون ولد الله سبحانه! فما الذي دفعكم إلى قول ذلك؟ فإن كانت حُجّتكم لأنّ الله خلقه من غير أن يمسَّ أمَّه بشرٌ فمن ثم يردّ عليك المهديّ المُنتظَر وأقول لك: ولكن معجزة خلق الله لأبينا آدم هي أكبر، وخلقه الله مِن صَلصَالٍ كالفخّار من غير أبٍ ولا أمٍّ، أمّا رسول الله المسيح عيسى ابن مريم فخلقه من غير أبٍ فقط ولهُ أمٌّ، وقال الله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿٥٩﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
ولكن معجزة الله في خلق أبينا آدم هي أكبر وذلك لأنّكم ستجدون أنّ الله خلقه من غير أبٍ ومن غير أمٍّ بل مِن ترابٍ بكُن فيكون، وكذلك عبد الله ورسوله المسيح عيسى ابن مريم خلقه الله بكلمةٍ ألقاها إلى مريم (كُن) فكان المسيح عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وعلى أمِّه وسلّم وآل عمران وسلّم تسليمًا، ولم تحمله القدّيسة مريم في تسعة أشهر بل في أقرَب مِن لمح البَصَر مِن بعد البشرى أنّها سوف تلد غُلامًا زكيًّا ومِن ثَم ردَّت مريم القدّيسة على الملك جبريل وقالت: {قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ﴿٢٠﴾ قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا ﴿ ٢١﴾} صدق الله العظيم [مريم].
ومن ثم ألقى الله الكلمة إلى مريم مِن وراء الحجاب (كُن) فكان عبده المسيح عيسى ابن مريم عليه وعلى أمِّه الصلاة والسلام، فحَدَث الحَدَث مِن بعد أن بشَّرها المَلَك جبريل مباشرةً في أقرب مِن لَمح البصر حملته ثم انتبذت به مكانًا قصيًّا هو أبعد مِن المكان الأول الذي كانت فيه حين البشرى، وقال الله تعالى: {فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [مريم].
ثم شعرت أنّها سوف تلده فجلست وأسندت ظهرها إلى جِذع النّخلة فولدت المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، ومن ثم تفكّرت مِن بعد أن ولدتهُ مباشرةً ماذا سوف تقول للناس فإن قالت حملَتُه بقدرة ربّي (كُن فيكون) فحتمًا سوف يقولون لها فهل تستخفّين بعقولنا يا مريم؟ بل جئت شيئًا فَرِيًّا، ولذلك حزنت في نفس اللحظة حين ولدته، وسبب حُزنها هو ماذا تقول لقومها؟ فإنّهم لن يُصَدِّقوها أنّها حملت بقدرة الله (كن فيكون) وقال الله تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [مريم].
ومن ثم ناداها مِن تحتها ولدُها المسيح عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وعلى أمِّه وسَلَّم، وقال الله تعالى: {فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ﴿٢٤﴾ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴿٢٥﴾ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ﴿٢٦﴾} [مريم].
ومن ثم اطمأنّت القدّيسة مريم عليها الصلاة والسلام وعَلِمَت عِلم اليقين أنّ ولدها سوف ينطق بين يدي قومها فيبُرِئها مِمَّا سوف يقولون لها فور وصولها، وقال الله تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ﴿٢٧﴾ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴿٢٨﴾ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴿٢٩﴾ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴿٣٠﴾ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴿٣١﴾ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴿٣٢﴾ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴿٣٣﴾ ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴿٣٤﴾ مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿٣٥﴾ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴿٣٦﴾} صدق الله العظيم [مريم].
وقال الله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿٣٧﴾ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا ۖ لَٰكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٣٨﴾ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٣٩﴾ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴿٤٠﴾} صدق الله العظيم [مريم].
فتدبّر وتفكّر في سورة مريم في القرآن العظيم الذي حفظه الله من التّحريف والتّزييف إلى يوم الدّين، وقال الله تعالى:
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
{كهيعص ﴿١﴾ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ﴿٢﴾ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴿٣﴾ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴿٤﴾ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا ﴿٥﴾ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴿٦﴾ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا ﴿٧﴾ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ﴿٨﴾ قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ﴿٩﴾ قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ۚ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ﴿١٠﴾ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴿١١﴾ يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ﴿١٢﴾ وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً ۖ وَكَانَ تَقِيًّا ﴿١٣﴾ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا ﴿١٤﴾ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ﴿١٥﴾ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ﴿١٦﴾ فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴿١٧﴾ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا ﴿١٨﴾ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ﴿١٩﴾ قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ﴿٢٠﴾ قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا ﴿٢١﴾ ۞ فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ﴿٢٢﴾ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ﴿٢٣﴾ فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ﴿٢٤﴾ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴿٢٥﴾ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ﴿٢٦﴾ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ﴿٢٧﴾ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴿٢٨﴾ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴿٢٩﴾ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴿٣٠﴾ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴿٣١﴾ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴿٣٢﴾ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴿٣٣﴾ ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴿٣٤﴾ مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿٣٥﴾ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴿٣٦﴾ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿٣٧﴾ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا ۖ لَٰكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٣٨﴾ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٣٩﴾ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴿٤٠﴾ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا ﴿٤١﴾ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا ﴿٤٢﴾ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ﴿٤٣﴾ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا ﴿٤٤﴾ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴿٤٥﴾ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ۖ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴿٤٦﴾ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴿٤٧﴾ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴿٤٨﴾ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ﴿٤٩﴾ وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ﴿٥٠﴾ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَىٰ ۚ إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا ﴿٥١﴾ وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ﴿٥٢﴾ وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا ﴿٥٣﴾ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا ﴿٥٤﴾ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴿٥٥﴾ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا ﴿٥٦﴾ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴿٥٧﴾ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ۩ ﴿٥٨﴾ ۞ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴿٥٩﴾ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ﴿٦٠﴾ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا ﴿٦١﴾ لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا ۖ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴿٦٢﴾ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا ﴿٦٣﴾ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴿٦٤﴾ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴿٦٥﴾ وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا ﴿٦٦﴾ أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ﴿٦٧﴾ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ﴿٦٨﴾ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَٰنِ عِتِيًّا ﴿٦٩﴾ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيًّا ﴿٧٠﴾ وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا ﴿٧١﴾ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴿٧٢﴾ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ﴿٧٣﴾ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا ﴿٧٤﴾ قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَٰنُ مَدًّا ۚ حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا ﴿٧٥﴾ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ۗ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا ﴿٧٦﴾ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ﴿٧٧﴾ أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا ﴿٧٨﴾ كَلَّا ۚ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا ﴿٧٩﴾ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا ﴿٨٠﴾ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ﴿٨١﴾ كَلَّا ۚ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ﴿٨٢﴾ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴿٨٣﴾ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ﴿٨٤﴾ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا ﴿٨٥﴾ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا ﴿٨٦﴾ لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا ﴿٨٧﴾ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا ﴿٩٣﴾ لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴿٩٥﴾ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا ﴿٩٦﴾ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا ﴿٩٧﴾ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴿٩٨﴾} صدق الله العظيم [مريم].
ثمّ ننتظر ردّك بارك الله فيك وهداك إلى الصراط المستقيم، فإن كُنت باحثًا عن الحقّ ولا تريد غير الحقّ فوالله إنّ الله سوف يهديك إلى الصراط المستقيم تصديقًا لوعد الله بالحقّ، وقال الله تعالى: {والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} صدق الله العظيم [العنكبوت:69].
وأما بالنسبة لآيات التّصديق، فلماذا لا تُصَدِق البيان الحقّ لآيات التّصديق؟ نفق في الأرض وهي الأرض ذات المشرقين والذي فَصَّلناه من مُحكَم الكتاب تفصيلًا ومِن ثم تجدون البيان للأرض ذات المشرقين من مُحكَم الكتاب هو الحقّ على الواقع الحقيقي فتلك من آيات التّصديق لهذا القرآن العظيم ولمحمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وللمهديّ المُنتظر ناصر محمد اليماني، ولكنّي لم أرَ لك تعليقًا عليها شيئًا! فلا أنكرتها ولا أقررتها! ولو تتدبّر ما في موقع المهديّ المُنتظر لوجدت كثيرًا مِن آيات التّصديق بالعلم والمنطق على الواقع الحقيقي، فكُن من الشاكرين يا يسوع النّصراني الذي قدَّر الله وجودك في عصر المهديّ المُنتظر ليهديك إلى الصراط المستقيم حتى تعبد الله وحده لا شريك له فتلقى الله بقلبٍ سليمٍ فيدخلك جنّته، فكُن من الشاكرين ولا تكُن مِن الكافرين يا يسوع النّصراني بارك الله فيك وهداك إلى الصراط المستقيم. فنحن المسلمون لا نعبد محمدًا رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ونعلم إنّما هو عبدٌ مثلنا، وكذلك كافة الأنبياء والمُرسَلين إنّما هم عبيد لله ربّ العالمين مثلهم مثلنا ولنا في الله ما لهم ولا فرق بيننا إلا بالتقوى والإخلاص في العبادة لله وحده لا شريك له، وندعو أهل الكتاب إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينهم (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) فنعبده وحده لا شريك له ونكون جميع المسلمين والنّصارى واليهود والنّاس أجمعين عبيدَ الله المتنافسين في حُبّ الله وقربه.
واعلم يا يسوع أنّ الله جعل أعلى درجة هي أقرب درجة إلى حجاب الربّ وعرشه العظيم، وهذه الدرجة لا تنبغي أن تكون إلا لعبدٍ واحدٍ مِن عبيد الله، فلم يخبر بها جميع أنبيائه ورسله ليخبروا العالمين بل جعلها الله مجهولةً، والحِكمة مِن ذلك لكي يتم التنافس من كافة العبيد في السماوات والأرض إلى الربّ المعبود أيّهم أحبّ إلى الله وأقرب فيفوز بها فيجعله الله خليفته على الملكوت كلّه بل خليفة الله الخالد على الملكوت. تصديقًا لقول الله تعالى: {أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ ﴿٢٤﴾ فَلِلَّـهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [النّجم].
واعلمْ بأنّ الله لا يأكل ولا يشرب سبحانه ولا يتزوّج ولا يتخذ صاحبةً ولا ولدًا ولا حاجة له بملكوته كلّه فهو لا يستمتع منه بشيءٍ سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا، وإنّما كَتَب في كتابه العظيم أن يؤتي هذا الملكوت العبد الذي نافس في حُبّ الله وقربه حتى صار هو العَبد الأقرب إلى الله، ثم يؤتيه الله المُلك فيجعله خليفته على ملكوته كلّه، فيأمر كافة عبيد الله في الملكوت كلّه أن تخضع وتطيع أمر هذا العبد، فانظر لهذا التكريم العظيم يا يسوع النّصراني، ولكن للأسف برغم أنّ المسلمين هم أخفّ شِركًا بكثير من شرك النّصارى ولكنّ المشكلة لا يقبل الله عبادة عبده المُشرِك به واحد في المائة مِن تعظيم عبيده بغير الحقّ ثم لا يقبل الله عمله فيقذف بعمله جميعًا في وجه العبد الذي أشرك به فيجعله هباءً منثورًا كرمادٍ اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقبل الله من عمله شيئًا. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} صدق الله العظيم [الفرقان:23].
ولا يقبل الله عمل مَن أشرك به سواءً يكون شركه مائة في المائة أو واحد في المائة فلا يقبل الله مَن ألبس إيمانه بظُلمٍ فعظَّم عبيده من دونه فجعلهم أولاده أو جعل التنافس إلى الربّ المعبود حصريًّا لعبيده المُكرمين من الأنبياء والمُرسَلين والأئمّة المُطَهَّرين ثم لا يجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرًا، وأنا أعلم أنَّ إشراك المسلمين لهو أخفّ مِن إشراك النّصارى بكثيرٍ فلم يقولوا عن محمدٍ رسول الله أنّه ولد الله سبحانه ولكنّهم يعتقدون أنّ الأنبياء والمُرسَلين لا ينبغي للصالحين أن ينافسوهم إلى الربّ المعبود، بل جعلوا الصالحين دونهم ويعتقدون أنّه لا ينبغي لأحدٍ مِن الصالحين أن ينافس محمدًا رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - في حُبّ الله وقربه، ويرَون أنّه الأَولى أن يكون هو الأحبّ والأقرب، ومن ثم يردّ عليهم المهديّ المنتظَر وأقول لهم: تعالوا لنحتَكِم إلى كتاب الله وسنة رسوله الحقّ فإن وجدنا صاحب الدرجة العالية هو محمدًا رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أو رسول الله المسيح عيسى ابن مريم - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أو لأحدٍ من كافة الأنبياء والمُرسَلين فصَدَقتم، وإن جعل الله صاحب الدرجة العالية عبدًا مجهولًا فلا يعلم كافة أنبياء الله ورسله هل هو عَبد مِن الأنبياء أم عبد من الصالحين سواءً من الجنّ أو من الإنس أو من الملائكة فلا يعلم جميع ملائكة الله المُقربين ولا جميع رسل الجنّ والإنس مَن هو هذا العبد المجهول بين عبيد الله الذي سوف يفوز بأعلى درجةٍ في جنّة النّعيم وهي أقرب درجة إلى حجاب الربّ وعرشه العظيم، وكلٌّ مِنهم يريد أن يكون هو ذلك العبد، ولا يزال العبيد متنافسين إلى الربّ المعبود منذ الأزَل القديم ولم يتمّ الإعلان عن الفائز بها فلا يزال صاحبها مجهولًا، فما يدريك أن يكون يسوع النّصراني لو أخلص لله وحده ونافس في حُبّ الله وقربه؟ فإذا لم تفُز بها فأضعف الإيمان تكون من المُقَرَّبين مِن عرش الله العظيم، فلن يخسر مَن نافس العبيد إلى الربّ المعبود بل سوف يؤتيه الله درجته التي يستحق مِن غير ظلمٍ شيئًا حَسَب سعيه في هذه الحياة. تصديقًا لقول الله تعالى: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ ﴿٣٦﴾ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ ﴿٣٧﴾ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴿٣٨﴾ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴿٣٩﴾ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ﴿٤٠﴾ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ﴿٤١﴾ وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ ﴿٤٢﴾} صدق الله العظيم [النّجم].
واعلم أخي يسوع الكريم إنما بعث الله المُرسَلين إلى الإنس والجنّ أجمعين ليخبروهم بأمر الله إليهم أن يعبدوا الله وحده لا شريك له فيكونوا ضِمن العبيد المتنافسين إلى الربّ المعبود ولكن للأسف بسبب المبالغة في الأنبياء جعل كثيرٌ مِن المسلمين اللهَ حصريًّا لأنبيائه ورسله لأنهم يرون أنه لا ينبغي لهم أن ينافسوهم في حُبّ الله وقربه، ولذلك فلا يؤمن أكثر المؤمنين إلا وهم مشركون بالله أنبياءه ورسله، وتركوا الله لأنبيائه ورسله ليتنافسوا على حُبّه وقربه سبحانه، وقال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ} صدق الله العظيم [يوسف:106].
فهل تعلم يا يسوع النّصراني ما هو سبب إعراض المسلمين عن دعوة المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني؟ وذلك بسبب تعظيمهم لمحمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - لأنّهم يجدون أنّ ناصر محمد اليماني يقول لهم يا معشر المسلمين إنّ الله يأمركم أن تُنافسوا محمدًا رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - في حُبّ الله وقربه وما كان قول المشركين منهم إلا أن قالوا: "بل محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - هو أولى أن يفوز بالدرجة العالية فيكون الأحبّ والأقرب إلى الله من كافة عبيده". ثم يردّ عليهم الإمام المهديّ المُنتظر وأقول: قاتلكم الله يا معشر المسلمين، فكيف تُفَضِّلون محمدًا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى أنفسكم أعظمَ مِن حُبّ الله في أنفسكم؟! ولم يأمركم الله ولا محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - بذلك بل أفتاكم بما تنَزَّل عليه بالحقّ وقال لكم: إن كنتم تحبون الله فاتّبعوني لنتنافس في حُبّ الله وقربه فنكون ضمن عبيده المتنافسين في حُبّه وقربه أيّهم أقرب، واعلموا أنّها تُوجَد درجة في جنّة النّعيم هي أعلى درجة فيها وأقرب درجة إلى عرش الرحمن ولا ينبغي أن تكون إلّا لعبدٍ من عبيد الله، ولم يفتِهم الله ولا رسوله عن هذا العبد ولم يقُل لهم أنّه نبيٌّ ولا رسولٌ بل عبدٌ من عبيد الله وإنما يتمنى كغيره أن يكون هو لأنّه سوف يفوز بها الأقرب في حُبّ الربّ تصديقًا، ولذلك كلّ عبد مِن الذين قدروا الله حقّ قدره فلا يشركون به شيئًا يرجو أن يكون هو لأنّ صاحبها مجهول. تصديقًا لقول الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَى ربّهم الْوَسِيلَةَ أيّهم أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57].
فهذه هي عبادة كافة الأنبياء والمرسَلين وعباد الله المُكرمين الذين لا يشركون بالله شيئًا في السماوات وفي الأرض، فجميعهم مُتنافسون إلى الربّ المعبود أيّهم أقرب حتى يفوز بالدرجة التي لا تنبغي أن تكون إلّا لعبدٍ من عبيد الله وكلٌّ مِنهم يريد أن يكون هو، ولا ينبغي لهم أن يُفَضِّلوا بعضهم على بعضٍ في التنافس في حُبّ الربّ فهم يعلمون أنّ ذلك شِرك بالله ربّ العالمين، وكذلك المهديّ المُنتظر ناصر محمد اليماني ليس إلّا مِن ضِمن عبيد الله المتنافسين في حُبّه وقربه ولو بلغتها لأنفقتها لتحقيق النّعيم الأعظم مِنها ولكن أكثركم لا يعلمون.
ويا أيّها النّصراني يسوع، إني الإمام المهديّ خليفة الله وعبده أدعو كافة المُسلمين والنّصارى واليهود والنّاس أجمعين أن يذروا عبادة العبيد فيعبدوا الله الربّ المعبود ويتنافسوا في حُبّ الله وقربه، وإن لم تفعلوا جميعًا وأصرَرْتُم على تعظيم الأنبياء والرسل وترجون شفاعتهم بين يدي الله فإني أُبشّركم بآية التّصديق الحقّ تشمل كافة قرى المسلمين والنّصارى واليهود وقرى البشر جميعًا فلا تنجو حتى مكة المُكرمة ولن تجدوا لكم من دون الله وليًّا ولا نصيرًا، وتلك هي آية التّصديق لدعوة المهديّ المنتظَر لكافة البشر إلى اتّباع البيان الحقّ للذكر المحفوظ من التّحريف القرآن العظيم رسالة الله إلى الإنس والجنّ وحُجة الله ورسوله والمهدي المُنتظر، وقال الله تعالى: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴿٥٥﴾ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ﴿٥٦﴾ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴿٥٧﴾ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴿٥٨﴾ وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴿٥٩﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
وهل تدري يا يسوع المسيحي لماذا سوف يغشى العذاب جميع قرى النّصارى واليهود والمسلمين وقرى البشر أجمعين؟ وذلك لأنّ كتاب الله القرآن العظيم قد عَلِم به كافة البشر فهو محفوظ بين أيديهم من التّحريف والتّزييف فعاصره البشر أكثَر مِن ألف وأربعمائة سنة وهم لا يزالون مُعرضين عنه وكأنّه لم يكن شيئًا مذكورًا بين شعوب البشر بل أعرضوا عنه جميعًا إلا مَن رحم ربّي مِن النّصارى الأوَّلين والأنصار والمُهاجرين، فانظر إلى قول النّصارى الأوَّلين حين تلا عليهم محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - القرآن العظيم، وقال الله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴿٨٢﴾ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴿٨٣﴾ وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ ﴿٨٤﴾ فَأَثَابَهُمُ اللَّـهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴿٨٥﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴿٨٦﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
فلماذا يا نصارى اليوم في عصر المهديّ المُنتظر لا تقولون كمثل قولهم فتَحذون حَذوهم فتفوزون فوزًا عظيمًا؟ ألا وإن صفوة المسلمين وخير البريّة هم الذين يتّبعون الحقّ فيستجيبون إلى عبادة الربّ وحده لا شريك له فيتنافسون إلى الربّ المعبود أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخشون عذابه أولئك استجابوا لدعوة كافة الأنبياء والمُرسَلين والمهديّ المنتظَر جميعنا ندعوكم إلى عبادة الله فتتّبعونا فتكونوا معنا ضمن العبيد المتنافسين إلى الربّ المعبود، فمَن عظَّم المهديّ المنتظَر أو الأنبياء والمُرسَلين ويرى أنّنا أولى بالله مِن الصالحين جميعًا فقد أشرك بالله ولن يُغني عنه المهديّ المُنتظر وكافة الأنبياء والمُرسَلين مِن الله شيئًا، فإن لم تستجيبوا إلى أمْر الربّ المعبود إلى كافة العبيد أن يتنافسوا جميعًا أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه؛ فإذا لم تستجيبوا لدعوة الحقّ فقد عَلِمنا أنّكم لا تحبون الله ولذلك لم تتّبعونا في عبادة الربّ المعبود للتنافس في حُبّه وقربه، وذلك لأنكم تحبّون رسله أكثر مِن الغفور الودود ولذلك فضَّلتموهم على أنفسكم إلى الربّ المعبود ولم تُفَضِّلوا الله عليهم جميعًا فتتنافسوا في حُبّ الله وقربه ولذلك لن يغنوا عنكم مِن الله شيئًا، فكيف يكون الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني على ضلالٍ مبينٍ وهو يدعوكم إلى عبادة الله كما ينبغي أن يُعبَد ويأمركم أن تُقدروا الله حقّ قدره فأبى أكثر المؤمنين إلا أن يكونوا من المُشركين بالله ربّ العالمين أنبياءَه ورسله إلّا مَن استجاب لدعوة المهديّ المُنتظر من المسلمين والنّصارى واليهود والنّاس أجمعين، ومَن أبى أن يُبايع الإمام المهديّ على الاتِّباع لدعوة الحقّ والتبليغ بها للعالمين فما بعد الحقّ إلا الضلال ولن يجدوا لهم من دون الله وليًّا ولا نصيرًا.
ويا معشر المسلمين إنّي الإمام المهديّ الحقّ مِن ربّكم ولعنةُ الله على الكاذبين المُفترين على الله ربّ العالمين، وما كان لكم أن تصطفوني مِن دون الله بل الله ربّي هو مَن اصطفاني وعَلَّمني فزادني على كافة علماء المسلمين والنّصارى واليهود بسطةً في العلم عليهم جميعًا، وأتحدّاهم بمُحكَم كتاب الله القرآن العظيم، فإن أبيتم إلّا أن نحتكِم إلى الطاغوت فاعلموا أن حُكم الطاغوت يأتي دائمًا مُخالِفًا لِحُكم الله في كتاب الحقّ، فأقول لكم: أقسمُ بمَن رفع السبع الشداد وثبت الأرض بالأوتاد وأهلك ثمودَ وعادًا وأغرق الفراعنة الشداد؛ الله ربّ العباد، أنّ الله سوف يُظهرني عليكم في ليلةٍ واحدةٍ ببأسٍ مِن الله شديدٍ يا معشر المعرضين عن القرآن المجيد الذي يهدي به الإمام المهديّ إلى صراط العزيز الحميد، ولن أخشاكم شيئًا فإن كان لكم كيدٌ فكيدونِ ولا تُنظِرونِ، فقد علمتم باسمي وصورتي فلا تظنّوا أنّي مُختبئٌ عنكم شيئًا، كلّا وربّي الله أنّي أتجول بين النّاس فأدخل في أسواقهم غير مُتلَثِّمٍ ولا أخشى في الله لومة لائمٍ وأنطِق بالحقّ من ربّكم من مُحكَم الكتاب، فمَن شاء آمن ومَن شاء كفر وما أنا عليكم بوكيل وما عليّ أنا وأنصاري إلا البلاغ المُبين للمسلمين والنّصارى واليهود والنّاس أجمعين وعلى الله حساب العالمين، فلم يأمرنا الله أن نُقاتِل النّاس حتى يكونوا مؤمنين فلا إكراه في الدّين، فمَن عبدَ الله كما ينبغي أن يُعبَد ولم يُشرِك بالله شيئًا فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ومَن أبَى أن يتّبع الحقّ فقد أبَى رحمة الله ولن يجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرًا، فنحن المُخلصون لله ربّ العالمين لا نُعظِّم الأنبياء والمُرسَلين مِن دون الله فلا نَذَر التنافس لهم على ربّهم وحدهم مِن دون الصالحين، ونعوذُ بالله أن نكون مِن المشركين الذين يعبدون أنبياء الله ورسله فيذرون التنافس للأنبياء والرسل من دون الصالحين إلى الربّ المعبود؛ أولئك يتبرّأ مِنهم الله ورسله والمهديّ المنتظَر وأنصارنا أجمعين في الأوّلين وفي الآخرين وفي المَلأِ الأعلى إلى يوم الدّين.
ويا معشر الأنصار السابقين الأخيار مِن المسلمين الذين استجابوا لدعوة الحقّ من ربّهم، لقد بدأ المهديّ المنتظَر بإذن الله بفتح الحوار مع النّصارى ولذلك نأمركم أن تبلّغوا بيان المهديّ المنتظَر إلى كافة مواقع النّصارى باكتساحٍ شديدٍ ليلًا نهارًا وكذلك إلى مواقع المسلمين واليهود ومواقع البشر أجمعين باكتساحٍ شديدٍ ليلًا نهارًا بكُل ما أوتيتم من قوةٍ وصبرٍ فقد اقترب ما يسمونه ( الكوكب العاشر Nibiru Planet X)، وأقسمُ بالله الواحد القهّار الذي خلق الجانّ من مارج من نار وخلق الإنسان من صلصال كالفخار الذي خلق الشمس والقمر واصطفى المهديّ المنتظَر إنّ ما تسمونه بالكوكب العاشر فإنّهُ كوكب العذاب سَقَر في مُحكَم الذِّكر تأتيكم بغتةً فلا تستطيعون ردّها فيُظهر الله بها المهديّ المُنتظر في ليلةٍ إن كفرتم وأنتم صاغرون، قد أعذر من أنذر وإنّما أنذركم بأس الله الشديد وأن تفرّوا من الله إليه، واعلموا أنّه لا نجاة لكم من بأس الله إلّا باتّباع الحقّ فتعبدون الله وحده لا شريك له، وإن أبيتُم فمَن يصرف عنكم بأس الله إن كنتم صادقين؟
ألا والله يا معشر النّصارى إنّكم يومئذ لن تدعوا مِن دون الله المسيح عيسى ابن مريم بل سوف تدعون الله وحده لا شريك له فيكشف الضُرّ عنكم إن يشاء، إنّ ربّي سميع الدُّعاء فاسألوه برحمته التي كتب على نفسه إن كان ناصر محمد اليماني هو خليفة الله المصطفى بالحقّ من عنده أن يبصّركم بالحقّ، واعلموا أنّ الله يعلمُ بما في قلوب عبيده فإذا وجَد عبده الباحث عن الحقّ يريد أن يتّبع الحقّ ولا غير الحقّ ويقول كما قال رسول الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام يوم كان باحثًا عن الحقّ: {فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي ربّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} صدق الله العظيم [الأنعام:77].
واعلموا أنّ الباحث عن الحقّ الذي لا يريد غير الحقّ كان حقًّا على الله أن يهديه إلى الحقّ لأنّه الحقّ سبحانه وما دونه باطل من خلقه أجمعين فلا معبود سواه، وبما أنّ الله هو الحقّ فكان حقًّا على الحقّ أن يهدي أبَتْي إبراهيم إلى الحقّ ولذلك جاء الهُدى مِن الربّ إلى القلب لأبتي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقال الله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿٧٨﴾ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٧٩﴾ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ۚ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّـهِ وَقَدْ هَدَانِ ۚ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ۗ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۗ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴿٨٠﴾ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّـهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٨١﴾ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٨٢﴾ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴿٨٣﴾}صدق الله العظيم [الأنعام].
ويا معشر المسلمين والنّصارى واليهود والنّاس أجمعين، أقسمُ بربّي وربّكم الله ربّ العالمين أنّكم لن تتّبعوا الحقّ من ربّكم حتى تستخدموا عقولكم التي ميّز الله بها الإنسان عن الحيوان فتكونوا مِن أولي الألباب الذين يتفكَّرون ولا يحكمون مِن قبل أن يسمعوا حتى لا يظلموا الدّاعية إن كان يدعو إلى الحقّ ويهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ فأولئك بَشَّرَهُم الله بالهُدى في مُحكَم القرآن العظيم، وقال الله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ ﴿١١﴾ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٢﴾ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٣﴾ قُلِ اللَّـهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي ﴿١٤﴾ فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ ۗ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴿١٥﴾ لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ اللَّـهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ﴿١٦﴾ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّـهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ ﴿١٧﴾ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٨﴾ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ ﴿١٩﴾ لَـٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّـهِ لَا يُخْلِفُ اللَّـهُ الْمِيعَادَ ﴿٢٠﴾ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴿٢١﴾ أَفَمَن شَرَحَ اللَّـهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٢﴾ اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّـهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [الزمر].
واكتشف جميع الأُمَم الذين ضَلّوا عن الصراط المستقيم بسبب الاتِّباع الأعمى أن سبب ضلالهم الرئيسي هو عدم استخدام العقل في منطق الداعية إلى الحقّ، وقال الله تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴿٨﴾ قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ﴿٩﴾ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١٠﴾ فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١١﴾ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [الملك].
فانظروا لقولهم بعد أن حَصحَص الحقّ: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم، ولذلك تجدون الإمام المهديّ يدعوكم إلى استخدام العقل وعدم الاتِّباع الأعمى للذين من قبلكم إنّي لكم ناصحٌ أمين، فما يدريكم لعلهم ضلّوا عن الصراط المستقيم وأنتم لا تعلمون، ومن ثم تتفكّرون فيما كان عليه آباؤكم فإن وجدتموه قد قبله العقل والمنطق فهو الحقّ وإن لم يقبله العقل والمنطق فهو باطلٌ مُفترى، فكيف تقولون إنّ الله هو المسيح عيسى ابن مريم ومن ثم يقتله اليهود حسب عقيدتكم؟ فكيف يستطيعون قَتْل فاطِر السماوات والأرض؟ أفلا تعقلون؟! وما كان الله المسيح عيسى ابن مريم سبحان الله العظيم وتعالى علوًّا كبيرًا! بل عبد لله مثله كمثل البشر ولم يقتله اليهود بل توفى الله إليه روح المسيح عيسى ابن مريم إلى أجَلٍ مُسمّى وطهَّر جسده مِن الذين كفروا وأيَّده الله بالروح القدس جبريل عليه الصلاة والسلام وألف وخمسمائة مِن الملائكة المُكرمين وجعلوا جسد المسيح عيسى ابن مريم في تابوت السكينة، وإنّما توفى الله إليه روح المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وأما الجسد فلم يرفعه إلى السماوات ولذلك ذَكَر الله في مُحكَم كتابه التّوفّي والرفع والتطهير، فأمّا التّوفّي والرّفع فهو للروح وأما التطهير فهو للجسد فلم يمسسه الذين كفروا بسوء، وقال الله تعالى: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} صدق الله العظيم [آل عمران:55].
فأمّا البيان الحقّ لقول الله تعالى: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ} صدق الله العظيم، فهذا يختص بتوفّي ورفع الروح من دون الجسد، وأما قول الله تعالى: {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} صدق الله العظيم، فهنا يقصد الجسد أنه لم يمسسه الذين كفروا بأذًى؛ فما صَلَبوه وما قَتَلوه ولكن شُبِّه لهم بقدرة الله جسدٌ آخر ليزيد الله الذين أرادوا قتله من اليهود كُفرًا إلى كُفرهم فيزعمون أنّهم قتلوا المسيح عيسى ابن مريم وما قَتَلوه بل قتلوا جسدًا آخر شُبِّه لهم بالمسيح عيسى ابن مريم لكي يزيدهم الله كفرًا إلى كُفرهم فيعذبهم الله عذابًا عظيمًا.
ويا معشر المسلمين إن الله وملائكته كذلك يُصَلّون على المسيح عيسى ابن مريم - صلّى الله عليه وآله وسلّم - فلا تحصروا صلوات الله وملائكته على محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - فتُفَرِّقوا بين رسل الله، بل الله وملائكته يُصَلّون على المسلمين أجمعين الذين يعبدون الله لا يشركون به شيئًا في كلّ زمانٍ ومكانٍ، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴿٤١﴾ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٤٢﴾ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [الأحزاب].
ألا وأن صلوات الله هي الإجابة لدعوة ملائكته الذين يُصَلّون على المؤمنين، وإنما صلوات الملائكة هي الدُّعاء للمؤمنين بالرحمة والغفران مِن الرحمن وصلاة الله على عباده هي الإجابة لدعائهم، وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴿٧﴾} صدق الله العظيم [غافر].
ويا معشر المسلمين لا تفرّقوا بين رسل الله، واعلموا أنّ الله وملائكته يُصَلّون على المسيح عيسى ابن مريم وأمّه وآل عمران ومن تَبِع الحقّ مِن بني إسرائيل كما يُصَلّي الله وملائكته على نبيّه محمد وآل بيته الأطهار والتابعين للحقّ إلى يوم الدّين صلّى الله على جميع المؤمنين ورسل ربّ العالمين والتابعين للحقّ إلى يوم الدّين الذين يعبدون الله لا يشركون به شيئًا، ومَن أشرك بالله فقد حبط عمله وهو في الآخرة لَمِن الخاسرين.
وَسَلامٌ عَلَى المُرسَلين، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ربّ الْعَالَمِينَ..
خليفة الله الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
_______________