الإمام ناصر محمد اليماني
24 - 11 - 1430 هـ
12 - 11 - 2009 م
02:06 صـــباحاً
الخميس
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
"لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ"
رد المهدي المنتظر لسؤال علي ابو الجراح
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين وآله التوابين المُتطهرين
السلام علينا وعلى جميع عباد الله الصالحين وسلامُ على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين
أخي الكريم علي ابو الجراح إن من ادعى أنه المهدي المُنتظر بغير علم من الله فهو كذاب أشر وليس المهدي المُنتظر ، وبما أنه ادعى شخصية المهدي المُنتظر كثيرون ، ألا والله لا يحصي الذين يظن كُل واحد منهم انه المهدي المُنتظر إلا الله ، غير أن بعضهم لا يفصح لأنه ينتظر من الناس أن يقولوا له إنك أنت المهدي المُنتظر، وبعض منهم يعلم أنه يعتقد في نفسه أنه المهدي المنتظر ولكنه اتقى الله وتورع ولم ينطق بذلك بمعنى أن سره في صدره ولم يتجاوزه وهذا ليس فيه مس شيطان لأنه لم يدعي شخصية المهدي برغم أنه يتوقع أن يكون هو المهدي المنتظر فنظراً لتقواه يجعله الله من الأنصار السابقين الأخيار للمهدي المنتظر نظراً لتقواهم من عدم افتراء شخصية المهدي المنتظر، وأما الذين ادعوا شخصية المهدي المُنتظر فحتماً تجدون فيهم مسوس شيطانية وهي التي تؤزهم على ذلك، والحكمة الشيطانية من ذلك هي حتى إذا بعث الله المهدي المُنتظر الحق من ربكم يعرض الناس عنه فيقولون و هل مثله إلا كمثل الذين خلوا من قبله أو المدعين في عصره من الذين يدعون شخصية المهدي المُنتظر ثم يقولون فقد سئمنا هذه الدعوى بين الحين والآخر يظهر لنا مهدي مُنتظر جديد، و يا أخي الكريم أنصحك وجميع المُسلمين أن لا تحكم من قبل أن تسمع قول ومنطق الداعية ثم يتم اللجوء إلى العقل والمنطق بالتفكر في منطق وسلطان علم دعوته ، ومن بعد التفكر والتدبر تحكم عليه تصديقاً لقول الله تعالى :
{ فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ(18)}
صدق الله العظيم, [الزمر]
فإما أن تجده ضالاً مُضلاً فتنقذ المُسلمين من أن يضلهم هذا المُدّعي فتقنعهم وتقنعه أنه من الغاوين ، و إما أن تجد الداعية مُتسلحاً بالعلم والسُلطان من محكم القرآن فتجد أنه ذو علم لما علمه الله فتعلم أنهُ لمن المُتقين، من الذين لا يقولون على الله ما لا يعلمون ، و نظراً لتقواه أنه لا يقول على الله ما لا يعلم ، اصطفاه الله و علمه وجعله للناس إماماً كريماً
تصديقاً لقول الله تعالى:
{ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }
صدق الله العظيم, [البقرة: 282]
ومن ثم تستمعون إلى سُلطان علمه من الكتاب فتحكِّمون عقولكم فهل تجدوه يدعو إلى الحق ويهدي إلى صراط ٍ مُستقيم ؟! فقد جعل الله لكم عقولاً تتفكر ، فتحكم من بعد الاستماع والتفكر والتدبر فانظر أخي الكريم إلى فتوى الله تعالى :
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ }
صدق الله العظيم, [الزمر:18]
أي أولئك الذين هداهم الله في كُل زمان ومكان وهم أصحاب التفكر و التدبر بالعقل تصديقاً لقول الله تعالى :
{ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ }
صدق الله العظيم, [سبأ: 46]
أي يتفكروا في سلطان علمه من ربه ، هل يوافق العقل والمنطق أم يخالف العقل الذي ميز الله به الإنسان عن الحيوان وهو التفكر والتدبر. ولكني أقسمُ بربي و ربك أنك لن تهتدي إلى الحق أبداً إذا كُنت إمعة تتبع أسلافك الإتباع الأعمى من غير أن تستخدم عقلك فهل ما وجدت عليه آباءك يقبله العقل والمنطق أم ترى فيه أشياءً لا يقبلها عقلك ! فإذا وجدت أشياء لا يقبلها عقلك فسوف يحدث عندك التألم و السقم النفسي إذا كُنت حقاً تُريد الحق و لا غير الحق فحتماً سوف يحدث عندك السقم النفسي فتقول كما قال خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام :
{ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ }
صدق الله العظيم, [الأنعام: 77]
وذلك لأنه فكر في عبادة الأصنام فلم يقتنع عقله بعبادة الأصنام و يرى أن أباه وقومه وآباءهم على ضلال ٍ مُبين ، ومن ثم بدأ بالتفكر والبحث عن الحق فأراد أن يختار إلهاً أسمى من الأصنام فاختار كوكب وقال هذا ربي ثم أفل ولم يقتنع بعبادته ومن ثم اختار القمر وقال هذا ربي وأفل ولم يقتنع عقله بعبادته ثم صار عنده الحزن والسقم النفسي يريد الحق و لا غير الحق لذلك قال :
{ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ }
صدق الله العظيم, [الأنعام: 77]
ولكن الله وعد ، ومن أوفى بوعده من الله ، أنه إذا علم أن عبده يبحث عن الحق ولا يريد غير الحق ويريد أن يتبع الحق ، فبما أن الله هو الحق فكان حقاً على الله أن يهديه إلى الحق تصديقاً لوعده الحق في قوله الحق :
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }
صدق الله العظيم, [العنكبوت: 69]
أي الذين يبحثون عن الحق كان حقاً علينا أن نهديهم إلى الحق ، فانظر لبحث خليل الله إبراهيم ، كان باحثاً عن الحق حتى هداه إلى الحق فاجتباه وبعثه رسولاً كريماً وقال الله تعالى :
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) }
صدق الله العظيم, [الأنعام]
إذاً الذي قاد إبراهيم إلى معرفة الحق هو العقل والمنطق الفكري ، و ما يرجوه منك المهدي المنتظر الحق من ربكم ومن جميع الباحثين عن الحق هو أن يستخدام العقل و لن أستطيع أن أهديكم للحق إذا لم تستخدموا عقولكم و أفتيكم بالحق أن سبب دخول الأمم النار هو الإتباع الأعمى وعدم استخدام العقل وقال الله تعالى :
{ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ }
صدق الله العظيم, [المُلك: 8]
فانظر إلى رد أصحاب النار تجد فتواهم بالحق أن سبب دخولهم النار هو الإتباع الأعمى لأسلافهم من قبلهم دون أن يتفكروا بالعقل والمنطق ، هل كانوا أسلافهم على الهدى أم كانوا على ضلال ٍ مبين ؟! ، و لكنهم لم يسمحوا لعقولهم بالتفكر للفتوى من العقل أبداً لأنهم يرون أسلافهم عُظماء فلا بد ان تكون لهم حكمة بالغة من عبادة الأصنام ولذلك لم يستخدموا عقولهم لأنهم لو استخدموا عقولهم فحتماً سوف تفتيهم فتقول وكيف تعبدون أصناماً صنعتموها بأيديكم فإنها لا تضر ولا تنفع و يرفضها عقل أي إنسان بشري ولكن الإتباع الأعمى ورفض اتباع العقل كانت هي الكارثة على كثير ٍ من الأمم ولذلك كان ردهم على السائلين من خزنة جهنم :
{ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) }
صدق الله العظيم, [المُلك]
فلماذا أخي الكريم حكموا على انفسهم أنهم كالأنعام التي لا تتفكر:
{ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ }
صدق الله العظيم, [المُلك: 10]
وذلك لأنهم اتبعوا أسلافهم الاتباع الأعمى قال الله تعالى :
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }
صدق الله العظيم, [البقرة: 170]
وعليه فإني المهدي المنتظر أقول لكم يا معشر المُسلمين و الناس أجمعين { اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ } ولكن للأسف لم أجد الجواب من كثير ممن أظهرهم الله على أمرنا إلا ان قالوا {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا }
ثم نقول لكم : حتى ولو كان ما وجدتم عليه آباءكم يخالف لمحكم كتاب الله ؟ افلا تعقلون ؟! وعلى سبيل المثال إني أراكم تُجعلون التقبيل في بيت الله حصرياً على حجر واحدة وهي ما تسمونها بالحجر الأسود فتزدحمون عليها حتى يقتل بعضكم بعضاً بالدهس والرفس لكي يقبل الحجر الأسود و لو تفكرتم لعلمتم أن ذلك بدعة ما أنزل الله بها من سُلطان ، فإن كنتم تحبون الله فقبلوا بيته المُعظم دونما تفضيل لحجر فيه على بيته المُعظم ، بل هو بيت الله يجزي التقبيل في أي مكان فيه وعلى أي حجر فيه فإن فضلتم حجر على أخرى فقد أصبحت الحجر لديكم أحب و أفضل من بيت الله المُعظم لأن التقديس للبيت وليس للحجر ، و لربما يود أن يقاطعني أحد فطاحلة علماء الأمة الإمعات فيقول: إنما تقبيل الحجر تعظيم لبيت الله .. فأقول له : إنك عظمت الحجر ولم تُعظم بيت الله فإذا كنت صادقاً أنك تعظم بيت الله المُعظم فقبله في أي مكان دونما تفضيل حجر فيه ، فقد غويت عن الحق ، فكم أهلكتم من بشر من زوار بيت الله المعظم بسبب فرية التفضيل لحجر واحدة في بيت الله المعظم أفلا تعقلون ولكني المهدي المنتظر أقول لكم لا يجوز أن تفضلوا حجر في بيت الله على بيت الله بل هو بيت الله فجئتم لزيارة بيت الله تصديقاً لقول الله تعالى :
{ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا }
صدق الله العظيم, [أل عمران: 97]
فلماذا تفضلوا حجراً في بيت الله على بيته المعظم جميعاً أفلا تتقون !! حتى ولو شاهد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أن محمد رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم قبّل الحجر فإنما يريد أن يفتيكم أن تقبلوا بيت الله ، ولكنكم انطلقتم نحو الحجر الذي قبّل فيه ، فصرتم تدهسون بعضكم بعضاً فتقتلون بعضكم بعضاً لتقبيل ما تسمونها بالحجر الأسود ، و لكن المهدي المنتظر يكفر بفتوى تقبيل الحجر الأسود حصرياً بل الحجر الأسود مثلها كمثل أي حجر من أحجار بيت الله المُعظم و إنكم إذا قبلتم بيت الله فإنكم تقبلونه لأنه بيت الله المُعظم وأمركم الله في محكم كتابه بزيارة بيت الله المعظم لترجون من ربكم أن يغفر لكم ذنوبكم ويرحمكم أفلا تتقون !! فبالله عليكم لو أن محمد رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم قبّل بيت الله في أي مكان آخر من الكعبة ألستم سوف تنقضّون على الحجر الذي قبلها في بيت الله لأنكم اصلاً لا تعقلون ، إنما هي فتوى من الله ورسوله أن تقبلوا بيته محبة في الله ، ولكنكم حصرتم التقبيل في الحجر الأسود فأصبحتم لا تقبلوا بيت الله ما دمتم حصرتم التقبيل على حجر فيه أفلا تعقلون فهل زُرتم بيت الله كما أمركم الله في محكم كتابه:
{ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا }
أم زرتم الحجر الأسود أفلا تتقون ؟
وعلى كُل حال يا أخي الكريم إني والله لن آمرك ولا جميع الأنصار بالإتباع الأعمى و لكني أصارحك بالحقيقة إن قلبي غير مُطمئن إليك غير أنه يُعتبر ظن والظن لا يُغني من الحق شيئاً ، و سوف أستمر في حوارك حتى يتبين لي أمرك ، وبالنسبة لدعوة المهدي المنتظر فعليك أن تعلم علم اليقين أنكم لا تنتظرون رسولاً بكتاب جديد بل تنتظرون لخليفة وإمام يؤتيه الله علم الكتاب حتى يستنبط لكم الحكم الحق من كتاب الله فيما كُنتم فيه تختلفون ، فإن استطاع فقد علمتم أنه من أولي الأمر منكم من الذين أمركم الله بطاعتهم من بعد الله ورسوله تصديقاً لقول الله تعالى :
{ مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (81) أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً (82) وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (83) }
صدق الله العظيم [النساء]
فانظر لقول الله تعالى : { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ } صدق الله العظيم
أي لعَلِم بالحكم الحق للفصل بينهم فيما كانوا فيه يختلفون فيستنبطه لهم من كتاب الله ، وليس في مسألة واحدة بل في جميع ما كانوا فيه يختلفون ، فإن تبين لكم ذلك فقد علمتم أني من أولي الأمر من آل بيت رسوله صلى الله عليه و آله وسلم من الذين أمركم الله بطاعتهم إن بعث الله أحدهم ليخرجكم من الظُلمات إلى النور ، فقد أمركم الله بطاعتهم كما أمركم بطاعة رسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر تصديقاً لقول الله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }
صدق الله العظيم, [النساء: 59]
فإن استطاع ناصر محمد اليماني أن يهيمن عليكم بسُلطان العلم من مُحكم القرآن العظيم فيستنبط لكم حُكم الله من الكتاب للفصل بينكم ، فلكل دعوى بُرهان ، فقد علمتم أنه من اولي الأمر من الذين أمركم الله بطاعتهم تصديقاً لفتوى الله لكم كيف تعلمون أولي الأمر منكم فتجدوا الفتوى في قول الله تعالى { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } ومن ثم لا تجدوا في صدوركم حرج من الاعتراف بالحق وتُسلموا تسليماً ، و إن لم أفعل فلم يأمركم الله بطاعتي حتى ولو كنت من آل البيت فلم يأمركم الله بطاعتي ما لم يصطفيني كما اصطفى أئمة آل البيت من قبلي ، و لكن للأسف إن الذين لا يعلمون قد شوهوا ببيت النبوة و يقاتلون الناس على الحكم و يقولون إن الحكم لآل البيت في كُل زمان ومكان ، ولكني المهدي المنتظر أقول و إنكم لكاذبون يا معشر المفترين ، ولم يأمر الله المُسلمين بطاعة آل البيت بل أولي الأمر منهم إن اصطفاهم الله فبعث أحداً منهم فجعله للناس إماماً كريماً ليهديهم إلى الصراط المُستقيم ، فسوف يعلمون هل هو من أولى الأمر من آل البيت من خلال فتوى الله إلى عُلماء المُسلمين المُختلفين { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } صدق الله العظيم
فإذا لم يستطع أن يستنبط لكم حُكم الله بينكم فيما كُنتم فيه تختلفون فيأتيكم بحكم الله من القرآن العظيم ، فإذا لم يفعل ، فهو ليس المهدي المنتظر الحق من ربكم ، فاحذروا ولن تستطيعوا أن تكذبوا بشأن المهدي المنتظر الحق من ربكم ألا والله الذي لا إله غيره لأجعلنكم بين خيارين اثنين بإذن الله ، إما أن تتبعوا ما أنزل الله في مُحكم كتابه ، و إما أن تكفروا فيحكم الله بيني وبينكم بالحق وهو خير الحاكمين. وذلك لأنكم لن تستطيعوا أن تُهيمنوا على المهدي المنتظر ، لإن أجبتم دعوة الاحتكام إلى كتاب الله لنأتينكم بحكم الله بينكم فيما كُنتم فيه تحتلفون ، فلسنا من نحكم بينكم ، سُبحان الله العظيم فلا يُشرك في حُكمه احداً ، بل نستنبط لكم حُكم الله الحق من مُحكم كتابه ولن نبتغي غير الله حكماً تصديقاً لقول الله تعالى :
{ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا }
صدق الله العظيم, [الأنعام: 114]
وسلامُ على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين
أخو الباحثين عن الحق الإمام المهدي ناصر محمد اليماني