باسم الله الرحمن الرحيم باسم الله الحليم الحكيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و رضوانه و بركاته
بإذن الله سأفنذ تقوٌل ناصر محمد على الله بغير علم ، و سأبدأ أولا بنقل ما ورد في بيانه الأخير الذي قال فيه أن القرآن يفتن و الحقيقة أن القرآن يهدي و أما الذين في قلوبهم مرض فيزيدهم رجسا إلى رجسهم و قال الله تعالى عز و جل : ( وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ ) صدق الله العلي العظيم ، و لن أعلق على بنائه تعقيبه علي على أساس رسالتي الخاصة التي وصلته من أحد الأنصار الذي سأحفظ ما بيني و بينه و لن أعلن إسمه ، و كنت قد عرضت فيها - الرسالة - لهذا الأخير مثالا واحدا من العشرات من مؤخذاتي المختلفة على بعض ما ورد على لسان ناصر محمد بعد تتبعي لأقواله منذ عدة أشهر و كان هذا المثال متعلقا بنسبة " المزاح " إلى الله تعالى علوا كبيرا و قلت له أن ذلك يتناقض مع آية محكمة تؤكد أن كلام الله جدي و ليس فيه هزل و قد أقسم الله على ذلك مُرفَقا بقسمه بأن القرآن العظيم حق قال الله تعالى عز و جل : ( وَ السَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ، وَ الاََرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ، إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ، وَ مَا هوَ بِالْهَزْلِ ) صدق الله العظيم ، وأنتم تعلمون أن مثل هذا القول " مزاح الله مع رسوله موسى " لا يليق بعظمة الله و هذا تجديف جلي ما أنزل به الله في القرآن الكريم من سلطان و تنزه الله عن ذلك و تقدس و حتى ماورد في القرآن حقا من مثل أقواله تعالى عز و جل : ((الله يستهزئ بهم)) صدق الله العلي العظيم (( سخر الله منهم )) صدق الله العلي العظيم فيجب أن نورده بلا تكييف إجلالا لله تعالى عز و جل و تنزيها له و أنتم تعرفون أن إستهزاء الله و سخريته من الكفار هو جد واقع في سياق جدي و ليس لعبا أما التقول على الله ب " مزاحه مع رسوله موسى " تعالى الله علوا كبيرا عن ذلك فلا يليق بمقامه تنزه عن ذلك و تعالى علوا كبيرا كما لا يمكن أن نقول عنه ( المزاح) أنه ليس هزلا و لأ أنه جدي بأي وجه من الأوجه ، و سأكتفي في هذا الرد الأول بالتعقيب على بيان ناصر محمد الذي جاء بتأويل آيات أخرى من نفس السورة غير التي تحدتث عنها في الرسالة السالفة الذكر و هو ما يعتبر تهربا منه بعد إن خشي إفحامه بخصوص قوله بأن الله يمزح و هذا مقتطف من قوله : " و أريد أن أذكركم بمزحة بالحق من الله قال لنبيه موسى عليه الصلاة و السلام أثناء جدال مع السحرة مع نبي الله موسى " كما خاف من إفحامه بخصوص تقوله على الله مالم يقل في القرآن الكريم و هذا مقطتف من قوله : " و من ثم أوحى الله إلى نبيه موسى فقال له يا موسى إرفق بأولياء الله ، و من ثم أخذت نبي الله موسى الدهشة فكيف يرفق بالسحرة الأفاكين فكيف يكونوا أولياء الله ؟ و أراد من الله المزيد من الفتوى في شأنهم و كيف أنهم أولياء الله و لكنه لم يسمع من ربه شيئا كيف أنهم أولياء الله . فلم يزده الله فتوى في شأنهم حتى يتبين له الحق على الواقع الحقيقي " ، فيما سأنشر تباعا سلسلة ردود على كل المسائل التي فيها سقطات و هنات هذا الرجل و من بينها على الخصوص:
أولا : الإعتقاد في أن ذات الله تحدث فيها الحوادث تعالى الله و تنزه عن ذلك بالقول أنه يحتاج للرضى في نفسه إلى غيره ( عباده) كما لو أن الله ناقص فيما هو كامل لا يحتاج لسواه و قال الله تعالى عز و جل : ( إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) صدق الله العلي العظيم كما أن ما يقع في ذاته تعالى سبحانه يقع مرة واحدة في آن معا لأن ذاته لا تتجزأ و لا تنفصل عنه صفاته هي الأخرى كما لا تتعاقب في الله الحالات و من قال بأن حسرة الله و فرحه و غيرها هي حادثة فهول يقول بالتغيير في ذاته كما ينفي سبق علمه لذلك إتخذ موقف المشبهة و هي في ذلك مختلفة عن فعل الله الذي هو مستمر لكنه متغير و من قال بغير هذا فهو من المعطلة و قال الله تعالى عز و جل : ( كل يوم هو في شأن) صدق الله العلي العظيم و كما لا يحتاج الله لعباده فهو لا يحتاج لسائر مخلوقاته مثل كرسيه حيث لا يصح الإعتقاد أن إستواء الله على العرش هو إستقرار عليه لأن الله لا تلحقه الحدود و العرش محدود و من قال بهذا فهو من المجسمة و في هذه الآيات الكريمة عبرة لذوي النهى قال الله تعالى عز و جل : ( ليس كمثله شيء ) صدق الله العلي العظيم و قال الله تعالى عز و جل : ( أفمن يخلق كمن يخلق ) صدق الله العلي العظيم و قال الله تعالى عز و جل : ( و لم يكن له كفؤا أحد ) صدق الله العلي العظيم و قال الله تعالى عز و جل : ( فلا تضربوا لله الأمثال ) صدق الله العلي العظيم ، و خلاصة القول أن ما يقوم على هذا كله هو عدم جواز القول بعبادة رضوان الله في نفسه التي هي صفته مفصولة عن ذاته فصلا و هذا القول تدليس بيٌن و هو من قبيل معتقدات الحشوية الفاسدة زيادة على أن المعنى المقصود في الآية الكريمة التي قال فيها الله تعالى عز و جل : ( وَعَدَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ) صدق الله العلي العظيم التي بنى عليها ناصر محمد عقيدة باطلة أسماها ب : " عبادة رضوان الله في نفسه / عبادة النعيم الأعظم " أقول أن هذه الآية لا تتحدث عن عبادة رضوان الله في نفسه مطلقا بل تتحدث عن رضى الله عن عباده الذي هو النعيم الأكبر كما سماه الصوفية و سبقوه إلى قوله و رضوانه على عباده هو تنعيم منه على عباده يعطيهم إياه دون أن يسألوه فضلا منه سبحانه و تعالى - كما سبقه المعتزلة إلى القول بالإنكار المطلق لشفاعة غير الله ، و سبقه الشيعة إلى القول بأن بين صحابة الرسول كان هناك منافقون مندسون و متخفون، و سبق الرسول جميع الخلق بتفسير القرآن بالقرآن - و إذا رجعتم إلى الآية الكريمة حيث قال الله تعالى عز وجل : ( وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) صدق الله العلي العظيم سترون أن الله حدد عبادتنا له كما أراد تحديدا دقيقا من حيث عبادته كاملا لا عبادة صفاته معزولة عن ذاته ، و تبعا لهذا أرد تسمية الله بالنعيم الأعظم و أعلن عدم جوازها لإقتصار معناها على الصفة : رضوان الله كما لا يجوز القول بعبادة رحمة الله أو عزته و لما ستحدثه هذه التسمية الملتبسة من خلط في الأذهان بين الله تعالى علوا كبيرا الخالق و الجنة المخلوقة و هو ما سيقود إلى الشرك البين بين العامة و سيكرس ما درج بعض المسلمين عليه من تسمية أبنائهم ب: " عبد النعيم " و " عبد النبي " و هي تسميات غير صائبة ، و تبعا لهذا فأنا أصرح بأني أثبت صفات الله جميعا و لا أنفي أيا منها و أقول بأن أسماء الله لا حد لها و أنها لا متناهية ، لكنني لا أرد القول بتسمية الله ب : المنعم و لا أرد العمل ب و السعي إلى ما يرضى عنه الله و يرضاه و لا أرد تنافس الخلق للتقرب من خالقهم حبا له .
ثانيا : من بين جملة من المسائل التي هي محض إفتراءات جاء بها ناصر محمد سأكتفي بإيراد بعضها من بينها رجم بالغيب، و أحكام بالظن في المحكم ، و تأويل للمتشابه ، و الإتيان بكثير من الأخبار بدون سند من القرآن كقصر الصلوات الخمس المفروضة جميعها في ركعتين فقط في كل واحدة منها و مكان الكهف ومن فيه و عدة أصحابه و حقيقة الرقيم و الجنة باطن الأرض و كوكب النار و كون الشيطان هو نفسه المسيح الدجال و أحداث قصة ذي القرنين في رحلته و عذاب القرى و إعلان دخول يوم القيامة ، إلى جانب مسائل أخرى من ضمنها بعض الأخطاء العلمية التي وردت في كلام ناصر محمد اليماني من مثل الخلط الفادح بين نظرية الإنفجار الكوني و تشكل النجوم النيوترونية و كذا القول الخاطئ بأن شروق الشمس و غروبها يتمان معا في نفس الوقت على كل من القطبين الشمالي و الجنوبي و مراكزهما و كذا الخطأ في القول بأن حمة ذياب ( حمة كلاب) بهضبة صنعاء هي أعلى إرتفاع باليمن و الجزيرة العربية ، و أغلب أخطاء الرجل حاولنا تصويبها بالتلميح و التوضيح بالحكمة إعذارا منا له و رفقا به لكنه أبى أن يقر بأخطائه و أن يتراجع عن أي منها بسبب إستعلائه ، و فضلا عن تجديفات و هرطقات ناصر محمد التي تناولتها باقتضاب أعلاه و التي سأعود إلى تفكيكها و تفصيل الرد عليها حتى تقويضها بالكامل ، سقط في التطاول و التجرؤ على الله تعالى علوا كبيرا حيث قال مخاطبا الله تعالى علوا كبيرا باللفظ الذي لا يحتمل التأويل : ( لا تستطيع فتنتي بنعيم الجنة ) و ( أن الله لا يستطيع أن يفتن عبده بالملكوت المادي ) فنفى الإستطاعة أي القدرة التي لا تنتفي بالنسبة لله تعالى لأن القول بها هو تعجيز لله تنزه و تعالى عن ذلك علوا كبيرا على نقيض الإرادة التي تنتفي بالنسبه لله لأنها مشمولة بحريته إذ أنه قدير قدرة مطلقة في حين أن أنه لا يفعل إلا ما يريد ، لذلك فمحاولة التنصل من بعض أخطائه بأنها فخاخ - و أنا لا ارى أحدا يسقط في فخاخه التي ينصبها لنفسه بدون وعي سواه - ليس سوى ضربا من ضروب المراوغات و المماحكات التي يسوقها كلما قامت عليه الحجة يؤكد رفضه التوبة و الإقرار بالخطأ و الإصرار على المعصية دون الأخذ بعين الإعتبار أن الله حذر خلقه نفسه و قال الله تعالى عز و جل : ( و يحذركم الله نفسه ) صدق الله العلي العظيم ، و كل هذا يدخل ضمن باب الإستمساك بالذنب و عدم الرغبة في الإذعان للحق و هو أيضا برهان مادي على إعتقاد هذا الرجل في معصوميته ضمنيا و أنتم تعلمون أن العصمة لا تنبغي إلا لله و هذا مرده إلى توهم الرجل لنفسه أنه المهدي المنتظر ربما بسبب مرضه و لن نظن عليه إثما فنجزم أن ما يقوله و يأتيه إنما هو عن قصد لغاية في نفسه ( كذب أو تضليل أو نصب ) فالله أعلم بحاله و هو سيتولى أمر كشفه ، و إذا ما تم الحوار بيني و بينهو انتهى إلى إقامة الحجة عليه و تبين الحق لمن يهمه الأمر سأدعو هذا الرجل للتوبة ثم أدعوه للتوبة ثم أدعوه للتوبة حتى إذا أبى تباهلت أنا و إياه .
و تبعا لهذا سأقدم سلسلة من الردود على أخطاء ناصر محمد اليماني حتى يتراجع عن ما يحتاج إلى التراجع و يقوٌم ما يحتاج إلى التقويم و يقلع عن ما أتاه من قبل من زلات و سقطات مستقبلا إن أراد أن لا يبقى ظالما لنفسه مضللا لغيره و يستغفر ربه و يتوب إليه مثابا ، و لم تأت مواجهتي له إلا بعد أن كنت ألمح له و أصحح ردحا من الزمن آخذا بعين الإعتبار أن الإنسان مجبول على الضعف ، لكن تبين لي أن لا جدوى من هذا الأسلوب معه ، هذا دون أن أنكر أن من ضمن ما جاء به هذا الرجل يوجد بعض الحق لكن يوجد أيضا باطل كما يوجد تلبيس للحق بالباطل .
و بناء على كل هذا فأنا لا أطلب من ناصر محمد اليمانى سوى أن يتواضع و يتدبر ردودي و يتأمل ملاحظاتي و يواصل محاورتي و من ثم يحتكم إلى عقله ليبصر الحق و يحقه ، لأني لا أريد التعالم عليه و لا على غيره فأنا إنسان بسيط مفتقر إلى الله و علمي بتفسير القرآن الكريم محدود كوني حديث العهد بالإسلام و إعتناقه فلا زلت أدرس العام و الخاص و الناسخ و المنسوخ و المحكم و المتشابه في القرآن العظيم ، إذ أنني لست عالم دين و لم أقعد يوما إلى مجلس فقيه لكني فقط أقرأ و أفكر لأتدبر القرآن كما أمرنا الله تعالى عز وجل دون أن أقرب حدوده خشية منه ، و أما إنتقادي لبعض أقوال ناصر محمد فهو دحض للباطل بالحجة الدامغة و إفحام لدعاواه بالبراهين القاطعة و ليس فتنة كما يدعي علي و إنما المفتون الذي يفتن بأقواله و فتاواه غيره هو لا سواه ، كما أن مواجهتي الباطل الذي بني على باطل بالحق و نقضه هو أيضا شهادة لله و إقامة للقسط و غيرة لله تعالى الذي أحبه أشد الحب و منافحة عن دينه الذي ارتضاه للعالمين و ولاء معلن لربي و وفاء بأمانة إعلام أنصار هذا الرجل و زوار منتدياته من أخواتي و إخواني الكرام و إشهادهم بما قدرني عليه الله و منٌ عليٌ به ، وهو أيضا رفع لكلفة مسؤولية عدم نصح مبايعيه و تنويرهم عن رقبتي لذلك فأنا لا أريد فتنتهم و لا أصد عن الحق إنما أنا لمن كان معه ظهير ، و لا أقول أني المهدي المنتظر و لا الممهد له حاشى لله أن أقول عن نفسي ما لا أعلم كذبا على الله ، و لا أفعل ما أفعل إلا لغاية تبصير كل من يطلعون على دعوة ناصر محمد بالحقيقة و لفت نظرهم إلى الإفتراءات و تذكيرهم إن نفعت الذكرى ليصدقوا أنفسهم و يحكموا بالحق و لا شيء غير الحق و ينتصروا له من دون الباطل لأن و يقعطوا الشك باليقين و لا يكتموا هم أيضا الشهادة لله و لا يبقوا ساكتين عن الغي و يجاهروا بالحق و يكونوا كيسين فطنين فلا تنطلي عليهم كلمات الإطراء و المداهنة و المجاملات و أساليب الترهيب و الترغيب التي يستعملها الرجل لإبقائهم تحت سيطرته و يتخلوا عن حمية الجاهلية حين يتعصبون له التعصب الأعمى فلا هو يُسائل و لا هو يخطئ و لا يرد ما يتكهن به فكأني به صار مقدسا و منزها و منجما ، هذا إن إبتغوا الخير لأنفسهم و لأمتهم و لكي لا تكون لهم علي حجة غذا أمام الله ، و الله شهيد على ما أقول و هو مطلع على حسن نيتي و عارف بسلامة سريرتي و عليم بصفاء طويتي.
قال الله تعالى عز و جل : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : ( يَا أيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أنْفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : " و عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم و عسى أن تحبوا شيئا و هو شر لكم و الله يعلم و أنتم لا تعلمون " صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : ( فعسى أن تكرهوا شيئا و يجعل الله فيه خيرا كثيرا ) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : ( و نهى النفس عن الهوى ) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : ( و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) صدق الله العلي العظيم
بإذن الله الحليم الحكيم سأبدأ الرد الأول بإيراد اقتباس لب البيان الأخير لناصر محمد ، و من التعقيب عليه و ما توفيقي إلا بالله
: "يا أمازيقي، أما بالنسبة للسحرة الذين تحاججني في إسلامهم من قبل أن يلقي موسى عليه الصلاة والسلام بعصاه، فقد أسلموا قبل ذلك وأسرّوا النجوى فيما بينهم وحتى يدخل الإيمان إلى قلوبهم من بعد أن يتبين لهم حقيقة عصا موسى، ولكنهم قد أسلموا لله من قبل ذلك وخشوا من عذابه الذي توعدهم به نبي الله موسى:
{قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ ﴿٦١﴾ فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَىٰ﴿٦٢﴾} صدق الله العظيم [طه]
وهل تدري لماذا تنازع السحرة أمرهم بينهم وأسروا النجوى وقال بعضهم لبعض إننا نراه رسول من رب العالمين وتنازعوا فيما بينهم؟ كونهم يريدون التراجع عن تقديم السحر نصرة لفرعون حتى لا ينصروا الباطل على الحق، ولكنهم تنازعوا فيما بينهم وقال بعضهم لبعض: ولكن فرعون سوف يقتلنا إن لم نفعل. ولكن الإيمان لم يدخل إلى قلوبهم، وإنما نقول أنهم أسلموا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم بعد أن تتبين لهم حقيقة عصا موسى عليه الصلاة والسلام، فتطمئن قلوبهم أنه ليس بساحرٍ مثلهم، ولكن السحرة اتفقوا جميعاً حين خلصوا نجياً وأسروا النجوى اتفقوا على أنهم إذا تبين لهم أن نبي الله موسى ليس بساحر مثلهم على أن يؤمنوا بالله فيسجدون لنبي الله موسى طاعة لأمر الله الذي اصطفاه، حتى إذا حصحص الحق أعلنوا إيمانهم بلسان واحد، وقالوا:
{فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴿٤٥﴾ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴿٤٦﴾ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٧﴾ رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ﴿٤٨﴾} صدق الله العظيم [الشعراء]
ولربما يود أن يقاطعني مسلم أمازيقي فيقول: "يا ناصر محمد اليماني إن كانوا أسلموا لرب العالمين رب موسى وهارون من قبل أن يلقي موسى بعصاه فلا بد أنهم لم يأتوا بالسحر نصرة لفرعون إلا وهم كارهون، فآتنا بالبرهان من محكم القرآن إنما أكرههم على تقديم السحر الخشية من بطش فرعون ولم يعد ذلك منهم حربا للحق." ثم نرد على أمازيقي بالحق ونقول: قال الله تعالى:
{ قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَ الَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿٧٢﴾ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّـهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴿٧٣﴾}
صدق الله العظيم [طه]
وتبين لكم أنهم لم يأتوا بسحرهم حرباً لله ولرسوله بل خشية من بطش فرعون. ولذلك قالوا:
{إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّـهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴿٧٣﴾} "
يريد محمد ناصر هنا أيضا أن يضلل نفسه و يضلل من يتبعه فيقول إنما السحرة كانوا مسلمين و لم يكونوا مؤمنين حيث قال الرجل : " أما بالنسبة للسحرة الذين تحاججني في إسلامهم من قبل أن يلقي موسى عليه الصلاة و السلام بعصاه ، فقد أسلموا قبل ذلك و أسروا النجوى فيما بينهم وحتى يدخل الإيمان إلى قلوبهم " ، لكن الآيات القرآنية تقول غير ذلك فلو أسلم السحرة لأعلنوا إسلامهم لموسى أي لأظهروه و قالوا له بأفواههم آمنا بربك و بك رسولا و لو بقوا مرتابين و غير مؤمنين في قلوبهم و لم يتجاوز إيمانهم ألسنتهم لكن هذا لم يحدث و لو وقع لجاء لأخبر به الله تعالى في القرآن الحكيم ، و حتى في حالة لو أسروا إسلامهم و لم يعلنوه لموسى لكان واقعا في علم الله ربهم و لقال بذلك في القرآن الكريم . و الكلام الذي نحن بصدده جاء في سياق الرد على تقول ناصر محمد على الله أنه سمى السحرة أولياءه و أوحى بذلك إلى رسوله موسى و هذا كلام يفتقد الحجة من القرآن و هو نقطة تهرب من مناقشتها درءا لتعرية سقطته تلك فمر إلى تأويل آيات أخرى لكنه جاء بسقطات أخرى، و إذا رجعتم إلى القرآن ستجدون أن الله تعالى لم ينعت السحرة بنعت أنهم مسلمين في أي موضع من القرآن صراحة لأنه يعلم أنهم لم يؤمنوا و لن يؤمنوا حتى يروا آيته من رسوله موسى عليه الصلاة و السلام ، و معلوم أن الإسلام حين يُعلن يأخذ به الناس ظاهرا سواء كنا إسلاما حقيقيا أو تقية لأنهم لا يعلمون إن كان مبنيا على الإيمان أم لا لكن الإسلام غير الحقيقي أي المفتقد إلى اليقين أي الإيمان لا يطلع عليه سوى الله تعالى عز و جل كما يطلع على الإسلام الحقيقي لأنه تعالى الخبير الذي يعرف مافي الصدور ، ثم لو إفترضنا هنا أن السحرة أسلموا حقا لطلب منهم موسى رسول الله الإيمان بأمرِ من الله حين قابلهم و أنذرهم و هذا مالم يحدث ، و هنا نذكٌر بما فعله الرسول محمد عليه الصلاة و السلام مع الأعراب الذين نزلت فيهم هذه الآية الكريمة : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم ) صدق الله العلي العظيم حيث أمر الله تعالى عز و جل رسوله محمد عليه الصلاة و السلام أن يصرح للأعراب بأنهم رغم ما أظهروه له من إسلام و ما أشهروا به أنفسهم بين الناس على كونهم من المسلمين إلا أنهم لم يؤمنوا بقلوبهم لأن الإيمان هو التصديق بالقلب ، لذلك فالأعراب و إن أشهروا إسلامهم أمام الجميع إلا أنهم لم يفعلوا ذلك عن إيمان و إنما لشيء في أنفسهم لذلك لم يطيعوا رسول الله و لم يوفوا له و لم يخلصوا بالإمتثال لأمر الله و رسوله حينما دعاهم الرسول محمد عليه الصلاة و السلام للخروج معه في غزوة الحديبية فنزلت فيهم تلك الآية الكريمة ، و قد أوردنا هذا المثال لنتخذه دليلا للتفريق بين السلوكات المختلفة التي تنتج كل من الإسلام المدعى أي المفتقد للإيمان و الإسلام الحق اي المتحيز للإيمان - و لن نتكلم هنا عن الإحسان لأنه ترجمة للإيمان المتحصل إلى الأفعال الحسنى - ، و إذا رجعتم لتقول ناصر محمد على الله ما لم يقل حيث جاء في بيانه : " و قال بعضهم لبعض إنا نراه رسول من رب العالمين" و قارنتموه بما ورد في كل سور القرآن التي جاءت فيها قصة موسى و هارون و فرعون و السحرة ستجدون أن السحرة على عكس ما يقول الرجل تماما لم يسلموا لا سرا و لا جهرا و لا صدقا و لا قولا و لو كانوا فعلوا لما حدثهم موسى عليه الصلاة و السلام بمثل ذلك الحديث كما ورد في قول الله عز وجل : ( لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ، وَ قَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ ) صدق الله العلي العظيم أي لا تفتروا على الله بتخييلكم للناس أشياءا كاذبة توهمونهم بها أنها مخلوقات حقيقية فيهلككم الله بعذابه إهلاكا يفنيكم به ، و لأنهم كذلك فقد أعلن لهم أنهم لا بد خائبون إن هم إفتروا بالسحر مؤكدا لهم مسبقا نتيجة تحديهم لله ، و زيادة على هذا فلا يعقل أن يظهر السحرة لموسى إسلامهم أو يضمروه تم يأتون بنية الإفتراء على الله بشكل ظاهر ، ثم لو إفترضنا أنهم أسلموا و لم يدخل الإيمان إلى قلوبهم لكانوا أسلموا حتى يدرؤوا عنهم شيئا إتقاءا لموسى أو يجلبوا لهم منفعة منه و هم لم يكونوا في موقف ضعف يجعلهم كذلك كما كان الحال مع الأعراب مع محمد عليه الصلاة و السلام بل كانوا يتمتعون بحماية فرعون و يرغبون بعطاياه و كان وليهم الملعون حاكما طاغيا على شعبه الذي قسمه إلى شيع يسترق بني اسرائيل و يستضعف منهم فقراءهم استضعافا و يفسد في حقهم فسادا فلا يحفظ أعراضهم كما كان فاسقا هو و حاشيته و إدعى فيهم و في قومه أنه إلههم و أعلن نفسه ربا ليعبده الناس من دون الله كما كان متغطرسا على قومه ظالما لهم معتدا بسلطته و حكمه يريد أن يكون الأعلى في الأرض فكان إماما يدعو إلى نار جهنم و بئس المصير، و إذا تدبرتم الآيات المحكمة ستجدون أن المنطقي هو أن السحرة لم يسلموا و يؤمنوا حتى تبين لهم الحق بمعجزة العصى فآمنوا مباشرة و أقبلوا إلى الله معلنين إسلامهم قولا مطابقا لإيمانهم القلبي و لم يريدوا عصيان الله لما عرفوه من الحق بعد أن عاينوا آية ربهم الكبرى تلك التي هي إحدى الآيات التي أرسل بها موسى و كذبها فرعون الملعون أول الأمر في غياب السحرة الذين لم يكونوا يعلمون بحقيقة أنها ليست سحرا قبلا لأنهم لم يشهدوها حتى حشرهم يوم الزينة لمناوءة موسى و قال الله تعالى عز و جل : ( الذين آمنوا بآياتنا و كانوا مسلمين) صدق الله العلي العظيم ، و في هذه الآية الكريمة يتأكد أن السحرة لم يؤمنوا إلا بعد أن رأوا آيات الله لما جاءتهم و لم يسلموا إلا حينها أي بعدما تلقفت عصى موسى التي تحولت إلى حية عصيهم و حبالهم فانقلبوا إلى ربهم ودعوه أن يتولاهم مسلمين : قال الله تعالى عز و جل : ( قالوا إنا إلى ربنا منقلبون ، و ما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا و تولنا مسلمين ) صدق الله العلي العظيم ، ثم انظروا إلى قول السحرة الذين قال عنهم ناصر محمد اليماني أنهم قدِموا " حتى يدخل الإيمان إلى قلوبهم من بعد أن يتبين لهم حقيقة عصا موسى" و قارنوا كلامه بما جاء على ألسنتهم حيث أقسموا بعزة فرعون حين إلقائهم حبالهم و عصيهم معلنين تأليههم لفرعون و إتخاذهم له ربا فأين هذا من القول بأنه كان في قلبهم ريب من أمر موسى ، و هل يعقل أن يضمروا حين القسم إيمانهم بالله و يبدوه مباشرة بعد رؤيتهم للآية أمام فرعون ، فلو كانوا يمارسون التقية لأخفوا إيمانهم إلى أن يذهبوا إلى حالهم فلا يعلم بهم فرعون و لا يؤذيهم و هذا ماتؤكده الآية الكريمة حيث قال الله تعالى عز و جل : ( فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَ قَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ) صدق الله العلي العظيم ، ثم قارنوا قول ناصر محمد بما جاء على ألسنتهم قبل ذلك حيث جاؤوا ليغلبوا و ليتخذوا أجرا عن سحرهم : قال الله تعالى عز وجل ( أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين ، قال نعم و إنكم لمن المقربين ) صدق الله العلي العظيم و أنظروا هل كانوا يشكون في حقيقة عصى موسى أنها آية و هم موقنون بما سمعوه ممن حشروهم أن تحولها مجرد سحر كما إدعى فرعون الملعون فشاع بين الناس ففي هذه الآية دليل قاطع على أنهم كانوا مرجحين في إعتقادهم أن موسى و هارون مجرد ساحرين و لم تكن لديهم أدنى ريبة حول هذا : قال الله تعالى عز وجل ( قالوا إن هاذان لساحران) صدق الله العلي العظيم ، أما فيما يخص قوله تعالى عز و جل: ( فتنازعوا أمرهم بينهم و أسروا النجوى) صدق الله العلي العظيم فمعناه أنهم تجاذبوا الحديث عن أمر كيدهم لموسى فيما بينهم و أخفوا نجواهم في أنفسهم حول ما ظنوا عليه موسى و أخاه هارون عليهما الصلاة و السلام ، لكن الله سيبين لنا في الآيات التالية ما أضمروه في أنفسهم بخصوص موسى و هارون : قال الله تعالى عز و جل : ( قالوا إن هاذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما و يذهبا بطريقتكم المثلى) صدق الله العلي العظيم و يبين الله في الآية الكريمة التي تليها ما خلصوا إليه من إتفاق حول شكل الكيد بالسحر لموسى قال الله تعالى عز و جل فاجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا و قد أفلح اليوم من استعلى ) صدق الله العلي العظيم ، و بعد هذا أنظروا إلى صيغة الجمع في" قالوا " حيث لا يستقيم أن يكون المتكلم هنا هو فرعون الملعون لأنه فرد لا جماعة كما أنه ليس كلام فرعون و هامان لأن " قالوا " تستخدم في اللغة العربية للدلالة على الجمع أي ثلاثة فما فوق ، و لذلك فالسحرة هم من قالوا إن هذين - يعنون موسى و هارون - ساحرين قطعا و ما يُظهر أنهما لم يشكا مطلقا أن موسى رسول من الله مجرد الشك هو استعمال لام الجزم حيث قالوا لساحران ) أي أنهم جزموا قبلا أن موسى و أخاه هارون ساحرين بكل تأكيد و هذا ما ظنوا عليه موسى و أخاه هارون و أسروه في أنفسهم نجوى من قبل و الله يعلم نجواهم و يعلم أنهم إعتقدوا فيهما ما زعمه فرعون الملعون - كما ظنوا أن موسى و هارون إنما يريدان إخراجهم من بلادهم كما إدعى عليهم فرعون أول الأمر أمام الملأ الأدنى الذي يستشيره و في نفس الآية نجد أمرهم - السحرة - لبعضهم بتنفيذ ما اتفقوا عليه من شكل الكيد و هو خيار أن يجتمعوا معا في صف واحد و يلقوا بما في أيديهم من حبال و عصي مرة واحدة معا قال الله تعالى عز و جل : ( فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ) صدق الله العلي العظيم و ظنوا أنهم منتصرون حينما اعتقدوا موسى و هارون مجرد ساحرين مثلهما و ظنوا أنهم سيفلحون رغم تحذير موسى لهم أن إتيانهم السحر إفتراءا على الله سينتهي بهم إلى الخيبة في النهاية - لأن الفلاح لا يعقل تصوره إلا بعد الإختبار - فكان الفلاح الذي ترجاه السحرة هو غلبتهم و بالتالي تعاظم شأنهم بنيل عطاء فرعون الجزيل من المال و التمتع بالحظوة لديه ، و حين لم يفلح كيدهم - و قال الله تعالى عز و جل : ( إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) صدق الله العلي العظيم - تذكروا قول موسى لهم و إنذاره إياهم بالخسران مسبقا فأيقنوا أنه قال الحق لأنهم يعلمون أنه لا يبطل السحرُ السحرَ أبدا و أن ما أتى به موسى ليس سحرا إنما هو آية كبرى من الله لذلك لقفت عصاه عصيهم و حبالهم و أبطلت سحرهم بقدرة الله القدير و وصفهم الله بأنهم يأفكون أي يفترون أي أنهم أتوا ما وصاهم موسى بإجتنابه قال الله تعالى عز و جل : ( فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ) صدق الله العلي العظيم فما كان منهم بعد أن رأوا ذلك إلا أن يخضعوا لله بعد أن جاءتهم البينات من الله فآمنوا به جميعا لأنهم شاهدوا كيف أنه أنه قدير و علموا أنه موجود و أنه لابد أخيَر و أدوم من غيره الذي هو هالك لا محالة لأنه المهيمن ، و أرادوا - السحرة - أن يغفر لهم ربهم و آمنوا باليوم الآخر و تابوا عن إتيانهم السحر و عبادتهم لفرعون و اقترافهم المعاصي و سجدوا لله رب العالمين إعلانا لتسليمهم له و اختاروا أن يأتوا ربهم مؤمنين و لم يبالوا بما ينتظرهم من العذاب و القتل من فرعون انتقاما منهم فقالوا له افعل ما بدا لك لأنهم آثروا رضى الله عن رضى فرعون بعد ما علموه من الحق و بعد أن عرفوا أن الحياة الدنيا فانية لا محالة ، و هذا ما جاء في قول الله تعالى عز و جل : ( قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَ الَّذِي فَطَرَنَا ، فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ، إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، إنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَ مَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) صدق الله العلي العظيم ، أما المقصود في هذه الآيات الكريمة ب:" خطايانا " فهي ذنوبهم - السحرة - بدءا من الكفر بالله و تأليه فرعون إلى إمتهان السحر إلى باقي الآثام أما المقصود ب : "ما أكرهتنا عليه من السحر" فهو لا يعني إتيانهم كيد السحر لآخر مرة ضد موسى بل ما كان يكرههم عليه فرعون من إتيان السحر من قبل و الدليل ما ترونه فيما يخص ورود الآية بصيغة التعميم لا التخصيص حيث أنها لم تأتي هكذا : " من هذا السحر" بل هكذا : ( من السحر ) لذلك فالسحرة يعنون إتيانهم السحر في كل ما مضى من حياتهم و زيادة على هذا هناك دليل لغوي آخر هو واو العطف التي جاءت بين " خطايانا " و " ما أكرهتنا عليه من السحر" مما يدل على أن الأمرين يستغرقان نفس الزمن أي أنهما متزامنين و ليسا متزمنين ، و فوق هذا كله نجد براهينا أخرى من ذات السورة تبين أن السحرة إنما أتوا لمواجهة موسى بسحرهم طائعين غير مكرهين هذه المرة بل جاؤوا في ذلك اليوم عازمين على الإنتصار على موسى راجين ذلك كما أنهم نفذوا سحرهم بعد أن حضروا له وفق خطتهم و يتبين هذا من أقوالهم : قال الله تعالى عز وجل : ( فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا ) صدق الله العلي العظيم و كذلك نجد دليلا آخر على هذا - مجيئهم بدون قسر - في مساومتهم و سؤالهم لفرعون عن أجر مهمة الكيد بالسحر ضد موسى فلو كانوا مرتابين بأمر موسى و يريدون تبين الحقيقة لما اهتموا بالسؤال عن المال : قال الله تعالى عز وجل ( قالوا لفرعون أئن لنا أجرا إن كنا الغالبين) صدق الله العلي العظيم و هذا برهان قاطع على مجيئهم بملئ خواطرهم و هناك أيضا أدلة أخرى على ذلك و تتمثل في تبني السحرة نفس موقف فرعون قبل إتمام الإختبار في الموعد الذي اتخذه مع موسى و صرف خدامه يدعون الناس لحضوره لمقارعة الحق بالباطل حيث يتبين حكمهم المسبق على موسى و كذلك أخاه هارون أنهما ساحرين ليس إلا حيث قالوا كما قال فرعون الملعون من قبل : قال الله تعالى عز و جل ( قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم ) صدق الله العلي العظيم - و نحن نعلم أن فرعون قد سبقهم إلى نفس القول : قال الله تعالى عز وجل ( قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى ) صدق الله العلي العظيم ، و إن كان توافق أقوالهم التام يدل على شيء فإنما يدل على تواطئهم جميعا مع فرعون عن رضى على الكيد لموسى بالسحر مع وجود الفرق بينهم حيث أن فرعون أراد التغلب على آية الله بالسحر بعد أن رآها فيما السحرة أرادوا التغلب بسحرهم على ما ظنوه سحرا ليس إلا قبل أن يروه ، و أظنكم لن توافقوا من يقول أن من يتحدث في هاتين الآيتين إنما هو فرعون وحده فورود " قال" في مقابل " قالوا " يبرهن على أن " قال" منسوبة لفرعون في حين أن " قالوا" منسوبة للسحرة ، و زيادة على هذه الحجج الواضحة و الدلائل القطعية و التي تؤكد بطلان القول بأن السحرة أتوا مكرهين ، هناك عدم ورود أي دليل في القرآن بكامل سوره يؤكد أن السحرة جاؤوا لمواجهة موسى بسحرهم في ذلك اليوم الموعود خشية من فرعون أو اتقاءا لبطشه ، ثم أنظروا بالله عليكم يا أولي الألباب و أحكموا من منا يأتي بالآية ثم يزيد عليها من عنده و ليس يؤولها بما هي عليه هل أنا أم ناصر محمد ؟ ، فهاكم تقوله على الله مرة أخرى من كلامه حيث أقتبس : " فقال بعضهم : نرى أن نرجع عن عرض افتراء السحر خشية أن يتحقق نبي الله موسى " فأنظروا أين تجدون هذا الكلام في السورة ثم أنظروا أنه يناقض نفسه حيث قال في البيان السابق يتحدث عن السحرة أيضا - و سأترك لكم التعليق - : " و لكن الإيمان لم يدخل إلى قلوبهم ، و إنما نقول أنهم أسلموا و لما يدخل الإيمان في قلوبهم بعد أن تبين لهم حقيقة عصى موسى عليه الصلاة و السلام ، فتطمئن قلوبهم أنه ليس بساحر" فهل تعمون عن هذا التناقض الآخر في كلام الرجل ؟ ، و سأزيدكم تناقضا ثالثا بين قوليه في نفس البيان الأخير لعلكم تتأكدون فقد قال مرة : " و لكنهم فكروا أنهم لو آمنوا بنبي الله موسى عليه الصلاة و السلام من قبل أن يلقي موسى بعصاه فسوف يظن فرعون أنهم إتفقوا مع موسى ضده فيقتلهم " و الآ، قارنوه بقوله من بعد ذلك : " حتى إذا علم فرعون أنهم أصلا قد آمنوا بنبوة موسى من قبل أن يلقي عصاه حسب فتواهم أنهم لم يأتوا بالسحر ضد نبي الله موسى إلا و هم كارهون و إنما خشية من بطش فرعون لو يعصون أمره " الآن أسألكم هل آمن السحرة أم لا يؤمنوا ؟ ثم هل هل خافوا بطش فرعون بهم إن ظن أنهم إتفقوا مع موسى ضده فيقتلهم ثم اعترفوا أمامه بإيمانهم و أعلنوا إسلامهم على الملأ دون خوف من بطش فرعون و بدون مبالاة بقتله لهم ؟ ، إن الرجل في الحقيقة يهرف بما لا يعرف و كلما أراد تبرير سقطة سقط في أخرى و يالكم تدعون قلوبكم جانبا و تحكمون بعقولكم ، فها أنا أعرض أمامه بعض تناقضاته و أكشف تقوله بالأدلة من أقواه و ها أنا أتحداه أن يأتي ببينة واحدة عن تقولي على الله و تأويلي الآيات المحكمة إلا بما فيها دون زيادة أو نقصان كما أتحداه أن يجد تناقضا في كلامي .
و على هذا الأساس في مجمله يتضح أن هذه الآية المحكمة فيها تبيين كل شيء و لا تحتاج لمن يستنبط منها ما يعتقده متخفيا أو باطنا و أنتم تعرفون أن الباطن لا يكون إلا في الآيات المتشابهات حيث أنه غير الظاهر لذلك فمعناها لا يعرفه أحد سوى الله و هو مخصوص بفهمه وحده تعالى المحيط العليم و ذلك على خلاف الآيات المحكمات التي تكون واضحة و قال الله تعالى عز و جل : ( هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) صدق الله العلي العظيم و هنا ترون أن تأويل الآيات المتشابهات خص الله به نفسه وحده و لم يسثتني من علمها غيره ، لذلك فالمؤمنون أولي الألباب يؤمنون بها كما يؤمنون بالمحكمات و لا يأولونها أبدا و يعتقدون جازمين أنه لا يعلم تأويلها إلا الله و لا يقولون كما يقول المفترون ممن يأولونها إبتغاء التأويل و الفتنة يريدون تغيير كلمات الله فيظنون أن المتشابه إنما هو متشابه على البعض في حين أنهم هم يستطيعون تأويله بئس ما يقولون و ما يفعلون ، فيما الآيات المحكمات من مثل التي قام عليها جدالنا مع ناصر محمد فمعناها ظاهر فيها و جلي و لا باطن لها و هي في غنى عن تحميلها ما لا تحتمل كما أنها مكتفية بنفسها ليفهم معناها الجميع و ليس فيها من شيء يحتاج زيادة إخبار لأن الله أحكمها بناءا و معنى فاعلموا ذلك حفظكم الله يا من تتدبرون و تعقلون و تتذكرون و تفقهون و قال الله تعالى عز و جل : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) صدق الله العلي العظيم ، لذلك فالآيات التي جاءت في قصة موسى و فرعون و السحرة ليست ناقصة ليتقول فيها أحد و يأتي بما لم يجعله الله فيها كما فعل ناصر محمد بالظن و ما يغني الظن من الحق شيئا ، و لا أعرف بأي حق أجاز لنفسه التأول و التقول ، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال الله تعالى عز و جل : (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون ) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل ( إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : ( و من أظلم ممن اتبع هواه بغير هدى) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : ( و من أظلم ممن افترى على الله كذبا ) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : (وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فساد و العاقبة للمتقين) صدق الله العلي العظيم
و قال الله تعالى عز و جل : ( فذكر إن نفعت الذكرى) صدق الله العلي العظيم
و الحمد و الشكر لله رب العالمين و هو يتولى المتقين و الصالحين